تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الأحد ونشرته على موقعها الالكتروني، عن كيفية نجاح أوروبا في التستر على معدلات البطالة لديها ومحاولة منع نشوب أزمة جراء ذلك تزامناً مع مواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) واضطرار المواطنين الى البقاء داخل المنازل ، بينما ارتفعت البطالة داخل الولايات المتحدة إلى مستويات يمكن أن تُضاهي فترة الكساد الكبير.
وقالت الصحيفة، في التقرير، إن الأمر في واشنطن يبدو وكأنه نتيجة حتمية لأزمة صحية تسببت في التوقف المفاجيء لكثير من أعمال المال والاقتصاد ، لكن الوضع عبر المحيط الأطلسي يشير إلى أن الارتفاع الكبير في معدلات البطالة الأمريكية ، حيث قدم 17 مليون شخص للحصول على إعانات في الأسابيع الأربعة الماضية ، ربما يكون اختيار.
وأضافت ” إن الوضع الاقتصادي في أوروبا لا يختلف كثيرا عن الولايات المتحدة ، حيث قدر البنك المركزي الفرنسي انكماش اقتصاد بلاده بنسبة 6 % في الربع الأول من العام الجاري، وهو أسوأ انخفاض له منذ عام 1945، على سبيل المثال ، ولكن حتى الآن يتم حماية العمال إلى حد كبير ، حيث تدخلت العديد من الحكومات ببرامج مكلفة لدعم أجورهم وتجنب تسريح العمال”.
وتابعت أن المعاهد الاقتصادية الألمانية البارزة توقعت هي الأخرى حدوث زيادة في البطالة داخل ألمانيا هذا العام تتراوح من 0.2 إلى 0.5 نقطة مئوية ، حيث توقع معهد البحوث الاقتصادية (آيفو) أن معدل البطالة في ألمانيا سيبلغ ذروته عند 5.9 بالمائة في منتصف العام قبل أن ينخفض.
وأوضحت الصحيفة أنه “في معظم البلدان الأوروبية، لا يتم نشر أرقام البطالة الرسمية بالسرعة التي يتم الإعلان عنها في الولايات المتحدة، لذلك تظل العديد من الأرقام مجرد تقديرات في الوقت الحالي، كما أن الطلب على الإعانات الحكومية كان هائلاً في أوروبا، وهو ما قدم دليلاً قوياً على أنه إذا لم يكن هناك برامج انقاذ فإن تسريح العمال سيكون أعلى بشكل كبير”.
وفي ألمانيا، على سبيل المثال، أبلغ 650 ألف صاحب عمل وكالات التوظيف بحلول الأسبوع الماضي بعزمهم على الاستفادة من برنامج العمل قصير الوقت، الذي فعلته الدولة ، ففي ظل هذا النظام يتم تقليص ساعات عمل الموظفين وتدفع لهم الحكومة ما يصل إلى ثلثي راتبهم العادي، بينما يدفع صاحب العمل القليل أو لا شيء ، وبمجرد أن يكون صاحب العمل جاهزًا لدفع الأجور الكاملة مرة أخرى، يعود كل شيء إلى طبيعته ، بما لا يسمح بتسريحات للعمال.
ويعترف العديد من الاقتصاديين، وفقا لما قالته واشنطن بوست، بأن هذا النظام مكن ألمانيا من العودة بشكل أسرع بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008 لأن شركاتها لم تفقد خبرة عمالها ، وكانت على استعداد لتكبير طاقتها الكاملة بمجرد بدء الانتعاش ، وهذه المرة قامت العديد من الدول الأوروبية بتقليد جارتها.
وفي بريطانيا، تعهدت الحكومة بدعم ما يصل إلى 80 في المائة من رواتب العمال طالما لم يتم تسريحهم، لكنها تكافح من أجل إعداد برنامجها وتشغيله ، ويقدر معهد دراسات التوظيف أن تكلفة البرنامج البريطاني يمكن أن تصل إلى 50 مليار دولار على مدى ثلاثة أشهر ، ويعتقد المعهد أن البطالة تضاعفت بالفعل من 3.9 % إلى 7.5 % ، وهو أعلى من أعلى نقطة وصلت إليها البلاد خلال الأزمة التي بدأت في عام 2008.
وعادت الصحيفة الأمريكية تتساءل، أليس هذا مكلفا ؟ ، وقالت:” بالتأكيد ، ولكن هذا ما يسمى بالانكماش الاقتصادي الكبير ، حيث تميل إعانات البطالة العادية في أوروبا أيضًا إلى أن تكون أكثر سخاءً من تلك المعروضة في الولايات المتحدة، لذا فإن الفرق بين دعم العمالة وتخفيف حدة تسريح العمال يكون أكثر محدودية.
وطرحت “واشنطن بوست” سؤالا آخر ، هل تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل الشيء نفسه ؟ ، وقالت ” إنه حدث بالفعل الكثير من الضرر في الولايات المتحدة ، لكن لا يجوز للشركات التي سرحت عمالها إعادتهم مرة أخرى، فيما يرفض قادة الحزب الجمهوري حزمة المساعدة التي صاغها الديمقراطيون”.
ومع ذلك، هناك بعض الاقتراحات قادمة من جهات غير رسمية بأن واشنطن تجرب شيئًا مشابهًا ، وقال السيناتور جوش هاولي، وهو مؤيد قوي للرئيس دونالد ترامب، إن على الولايات المتحدة نسخ البرنامج البريطاني وتغطية 80 في المائة من الأجور.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)