استعرضت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية اليوم الأحد، حجم المعاناة التي يشهدها قطاع غزة منذ الحرب التي شنتها إسرائيل أكتوبر من العام الماضي، مشيرة إلى أن القطاع بات الآن مقبرة والكارثة الإنسانية هناك تزداد سوءا حيث أذهل الدمار مسؤولي الإغاثة المخضرمين.
وأوضحت الصحيفة – في سياق مقال رأي كتبه إيسان ثارور – أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن يفعل ما يجب عليه فعله من أجل إنهاء المهمة في الشرق الأوسط.
ووفقاً لمصادر إسرائيلية؛ خاض الرئيس الأمريكي الجديد حملته الانتخابية على أساس استعادة السلام في المنطقة، ويريد من إسرائيل أن تنهي أهدافها العسكرية في كل من قطاع غزة ولبنان قبل تنصيبه في يناير الماضي، لكن ترامب، الذي قدم في ولايته الأولى العديد من “الهدايا السياسية” لنتنياهو وحلفائه في اليمين الإسرائيلي، لم يقدم أي وضوح عام حول الطريقة التي يعتقد أنها يجب أن تنتهي بها الحروب.
وتابعت إنه يبدو أن نتنياهو – الذي أقال وزير دفاعه الأسبوع الماضي لصالح “موالٍ مطيع” – لا ينتظر لمعرفة ذلك. فخلال عطلة نهاية الأسبوع، عززت إسرائيل تواجدها، فقصفت أهدافاً في غزة ولبنان بالطائرات الحربية، كما يستعد المسئولون الإسرائيليون لتوسيع هجومهم البري في جنوب لبنان، حيث تحاول إسرائيل “الحد من البصمة العسكرية” لحزب الله. وفي هذه العملية، سوت إسرائيل مدنا وقرى بأكملها بالأرض وشردت ربع السكان.
وأضافت الصحيفة أنه في غزة أيضاً، تواصل إسرائيل تضييق الخناق على المناطق الشمالية المدمرة من القطاع. وما زال نحو مائة ألف شخص في الشمال يحاولون البقاء على قيد الحياة دون الحصول على الغذاء أو إمدادات المساعدات الجديدة.
وفي يوم الجمعة الماضية، حذرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للأمم المتحدة من وجود “احتمال قوي” بأن المجاعة وشيكة في شمال غزة؛ حيث كتبت لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة: “المجاعة وسوء التغذية والوفيات الزائدة بسبب سوء التغذية والمرض، تتزايد بسرعة في هذه المناطق”.
ونشرت لويز ووتريدج، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مقطع فيديو مؤخرًا عبر مساحات واسعة من شمال غزة، حيث تظهر مشهدًا لا نهاية له من المباني المليئة بالحفر والشوارع المهجورة المليئة بالحطام.
وكتبت على الإنترنت: “لا توجد طريقة لمعرفة أين يبدأ الدمار أو ينتهي، بغض النظر عن الاتجاه الذي تدخل منه مدينة غزة، فإن المنازل والمستشفيات والمدارس والعيادات الصحية والمساجد والشقق والمطاعم – كلها مدمرة تمامًا. مجتمع بأكمله أصبح الآن مقبرة”.
ووجد تحليل نشره مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضية للضحايا في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، أن ما يقرب من 70 في المائة من القتلى كانوا من النساء والأطفال بينما كانت الأعمار الأكثر تمثيلاً بين القتلى تتراوح بين 5 و9 سنوات.
ولقي نحو 80 في المائة من القتلى حتفهم داخل المباني السكنية أو المساكن، مما أثار مزاعم بأن إسرائيل كانت عشوائية في حملتها ضد حماس.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك – في البيان – “تشير مراقبتنا إلى أن هذا المستوى غير المسبوق من قتل وإصابة المدنيين هو نتيجة مباشرة للفشل في الامتثال للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي”.
ويرفض المسؤولون الإسرائيليون مثل هذه الاتهامات، ويصرون على أن سلوكهم يتوافق مع القانون الدولي كما يتم دعمهم إلى حد كبير من قبل إدارة بايدن التي أصبحت الآن عاجزة، والتي حمت إسرائيل باستمرار من اللوم الدولي.
ومع ذلك، تواجه إسرائيل مهلة نهائية فرضتها الولايات المتحدة – الأسبوع المقبل – لتحسين الوصول إلى المساعدات الإنسانية إلى غزة أو مواجهة قيود محتملة على المساعدات العسكرية الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن هذه هي المرة الأولى التي تطبق فيها إدارة بايدن بالفعل قوانين أمريكية تشترط المساعدات العسكرية للدول الأجنبية. وردًا على الضغوط الأمريكية الواضحة، قالت إسرائيل إنها ستفتح معبرًا جديدًا في جنوب غزة. لكن المنظمات الإنسانية تحذر – في كثير من الأحيان – من أن عبور مثل هذه المساعدات إلى المناطق الشمالية من غزة غالبا ما يعرقل، وذلك بفضل العمليات العسكرية الإسرائيلية وانهيار أي مظهر من مظاهر القانون والنظام في المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن نتنياهو قد يقاوم الموافقة على وقف إطلاق النار الرسمي على أي من جبهات الحرب حتى يتولى ترامب السلطة، وهي الخطوة التي من شأنها أن تمنح الرئيس القادم انتصارا رمزيا وتحرم سلفه من ذلك.
وقال مصدر “مطلع على تفكير إسرائيل” – لصحيفة فاينانشال تايمز – إن “هناك تفاهما بين نتنياهو وترامب على أنهما سيعملان على إنهاء الحروب”؛ مما يشير إلى أن أي انفراجة دبلوماسية قد يأتي بعد تنصيب ترامب.
وفي الوقت نفسه، تزداد الكارثة في غزة سوءًا حيث اقترح بعض المسؤولين الإسرائيليين أنه لن يُسمح لسكان مناطق معينة في شمال غزة بالعودة؛ مما يعطي مزيدًا من الدعم لأحاديث جماعات حقوق الإنسان والعاملين في المجال الإنساني بأن إسرائيل ربما تنفذ تطهيرًا عرقيًا بحكم الأمر الواقع في الشمال.
المصدر : أ ش أ