رأت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في عددها الصادر اليوم الجمعة أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أنما يحمل في طياته دعوة للعالم من أجل تغيير فكره وتصرفاته حيال قضايا المناخ، وذلك على الرغم من الفظائع والمآسي التي تسبب فيها الفيروس على المستويين الانساني والاقتصادي .
واستهلت الصحيفة تقريرها في هذا الشأن (نشرته على موقعها الالكتروني) بقول إن جائحة كورونا قادتنا إلى حقيقة مذهلة ، حيث أدى حظر السفر وحالات الإغلاق إلى تنظيف الكرة الأرضية، ومسح القذورات من قنوات مدينة “البندقية” الإيطالية، وإختفاء الضباب الدخاني الملوث في “دلهي” الهندية، ما جعل القمم الثلجية البعيدة مرئية لأول مرة منذ سنوات من فوق شواطئ مضيق البوسفور.
فمع تراجع تحركات البشر، استعادت الطبيعة ما كانت تمتلكه في يوم من الأيام بطرق غريبة: فقد أصبح الماعز يتجول في القرى، والغزلان البرية والاسود الجبلية التي كانت حبيسه أماكنها شوهدت وهي تتجول في المدن.
وأضافت الصحيفة:” أن العلماء الأمريكيين لا يزالون يتوقعون أن 2020 سيكون العام الأكثر سخونة على الإطلاق، حتى مع توقع الخبراء حدوث أكبر انخفاض سنوي في انبعاثات الكربون في التاريخ الحديث – وهو نتيجة مباشرة لتجميد الوباء للنشاط البشري وأعمال التجارة والسفر.
والأزمة الراهنة لا تبعث أخبارًا جيدة بشكل موحد لكوكب الأرض: فعلى سبيل المثال، تُظهر بيانات الأقمار الصناعية أن إزالة الغابات في منطقة الأمازون البرازيلية تتم في أسرع وتيرة لها منذ سنوات، مع انشغال المسئولين في الدولة بقضايا تفشي الفيروس”.
ورأت: ” أن الوباء ليس مجرد تذكره بالتأثير البشري المدمر على البيئة، بما في ذلك دور الانبعاثات التي جاءت من صنع الإنسان في ارتفاع معدلات الاحتباس الحراري وتلوث الهواء، لكنه أيضا يؤكد المخاطر غير المحسوسة والتي لا تعرف حدودًا وطغت على البُنى التحتية القديمة المتهالكة، وأزعجت رجال السياسة الذين يكافحون من أجل التعامل مع حجم التهديد الجديد”.
وتعليقا على ذلك ، كتب خبير الاقتصاد المناخي بجامعة نيويورك جيرنوت واجنر قبل شهر: “أنه من الأفضل أثناء التفكير في جائحة كورونا أن نشبهها بقضية تغير المناخ…فما يستغرق عقودًا وقرونًا لحل قضايا المناخ، استغرق فقط أيامًا أو أسابيع لمرض معدٍ. وهذه السرعة في الانتشار تقدم دروسًا للعقل البشري حول كيفية التفكير في المخاطر في عالم مترابط”.
السؤال الآن، وفقا لما قالته واشنطن بوست، يتمحور حول من سيتعلم الدرس..وقالت: “إن الاحتفالات السنوية بيوم الأرض شهدت قيام العديد من النشطاء المناخيين البارزين بربط العمل على هذه الجبهة بتجربة تفشي المرض. فلسنوات عديدة، كان علماء المناخ يطالبون الحكومات “بتسوية المنحنى” – أي تقليل الانبعاثات للحد من الخسائر الكارثية المحتملة التي سيحدثها الاحتباس الحراري على المجتمعات في العقود القادمة”.
وقد أشار وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، في وقت سابق، إلى أدلة تشير إلى أن تغير المناخ يمكن أن يكون “مضاعفاً للمخاطر” التي تسببها الأمراض الحيوانية والوبائية.
وقال كيري، في هذا الشأن:” كما هو الحال في جائحة اليوم، توقف التقدم في صنع اللقاح من خلال توجيه أصابع الاتهام، والإنكار، واستبدال العلم الحقيقي بالعلم غير المرغوب فيه والمعلومات الخاطئة والأكاذيب الواضحة ورفض العمل مع الحلفاء وحتى الخصوم، حتى تُركت البلدان والمدن لتدبر أمرها”.
كما كتب عالم الفيزياء مارك بوكانان:” لقد أدى وباء كورونا إلى تذكير حاد ومؤلم بضعفنا الجماعي وحقيقة إيلاء القليل من الاهتمام بالحقيقة والواقع…وإذا كان هناك أي شيء جيد للخروج من المأساة الحالية، فقد يتمثل ذلك في إقناع عدد قليل من الناس لدفع قادتنا إلى التعامل مع المشكلة التي تلوح في الأفق بشكل أكثر جدية”.
وفي يوم الأرض، دعا مدير وكالة حماية البيئة أندرو ويلر إلى تعزيز جهود الحكومة الأمريكية للحد من التلوث، وقال:” إننا نأخذ تغير المناخ على محمل الجد، لكنها ليست القضية البيئية الوحيدة التي نواجهها ككوكب”.
وفي واشنطن، أبرزت الصحيفة الأمريكية، في ختام تقريرها، أن هناك أمل حذر بشأن الحاجة الملحة التي يقدمها كل من تغير المناخ والوباء الحالي في ضرورة تهدئة التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين وفرض تعاونًا عالميًا أكبر وأوسع نطاقاً لمجابهة التهديد الحالي.
المصدر: ا ش ا