ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الإثنين، أن الانقلابات التي وقعت مؤخرًا في منطقة غرب إفريقيا لم تنل أي ترحيب عالمي على المطلق باستثناء أصوات تأييد جاءت من روسيا والنخبة الحاكمة فيها .
وقالت الصحيفة إن بوركينا فاسو شهدت في نهاية سبتمبر الماضي انقلابها الثاني هذا العام، ما أدى إلى إسقاط المجلس العسكري الحاكم وجعل الكابتن إبراهيم تراوري، البالغ من العمر 34 عامًا، أصغر زعيم وطني في جميع أنحاء إفريقيا.
ورغم تنديد الاتحادين الأفريقي والأوروبي بالانقلاب، الذي لم يكن دمويًا إلى حد كبير، وكذلك فعل المسئولون الأمريكيون، إلا أن هتافات التأييد جاءت من زاوية بارزة من العالم كانت من قلب موسكو.
وأضافت الصحيفة: أن يفجيني بريجوجين، رجل الأعمال الروسي المقرّب من الرئيس فلاديمير بوتين، قال في رسالة نُشرت عبر تطبيق تليجرام: إن انتزاع تراوري للسلطة “كان ضروريًا”.. ووصف القبطان الذي لم يكن معروفًا في السابق بأنه “رجلًا شجاعًا ومحبًا لوطنه الأم” واعتبر أن المشاكل الأمنية الخطيرة التي تعصف بالدولة الواقعة في غرب إفريقيا تعود إلى الإرث الإمبراطوري لفرنسا. وكتب بريجوجين:” ظل شعب بوركينا فاسو تحت نير المستعمرين، الذين سرقوا الناس ولعبوا ألعابهم الحقيرة ودربوا ودعموا عصابات وقطاع الطرق وتسببوا في حزن شديد للسكان المحليين”.
وفي هذا، أبرزت “واشنطن بوست” أن : مشاهد ابتهاج مؤيدي الانقلاب في عاصمة بوركينا فاسو واجادوجو أظهرت تلويح البعض بالأعلام الروسية، الأمر الذي اعتبرته الصحيفة الأمريكية انعكاسًا لعمق النفوذ الروسي في هذه المنطقة المضطربة من العالم إلى جانب تنامي الإحباط الشعبي من الوضع الراهن الذي يرتبط ببعض السياسات الغربية، ويشمل ذلك استمرار حملة فرنسية لمكافحة الإرهاب لأكثر من عقد من الزمان في دول وسط الساحل وجنوب الصحراء الكبرى دون إحراز تقدما كبيرًا.
وتابعت “واشنطن بوست” تقول: إن بوركينا فاسو تعاني من أزمة أمنية مروعة؛ حيث يسيطر المتشددون على أجزاء من البلاد وقُتل آلاف المدنيين هذا العام وحده، بينما نزح نحو مليوني شخص- أي حوالي خمس سكان بوركينا فاسو- بسبب القتال..وأشارت إلى بعض ما جاء في بيان تراوري الذي بثه التلفزيون الحكومي بعد الانقلاب الأخير:” في مواجهة الوضع المتدهور، حاولنا عدة مرات إقناع الرئيس السابق بول هنري داميبا بإعادة تركيز المرحلة الانتقالية على المسألة الأمنية”.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن خبراء أمنيين ومسئولين سياسيين في العواصم الغربية قولهم: إن روسيا تستغل الآن الفراغ الذي تعاني منه دول غرب إفريقيا منذ عام 2018 على الأقل، حيث يتم تجنيد مجموعة فاجنر العسكرية والمنتمية إلى روسيا لمساعدة الأنظمة الإفريقية الهشة في قمع حركات التمرد، كذلك يعمل المقاولون العسكريون الروس، في جمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق وليبيا والآن مالي، على الأرض جنبًا إلى جنب مع القوات المحلية وتم ربطهم في بعض الحالات بتقارير حول وقوع انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم حرب محتملة.
وذكرت الصحيفة – في ختام تقريرها- أنه منذ انقلاب 30 سبتمبر في بوركينا فاسو، كانت هناك اقتراحات متزايدة بأن المجلس العسكري الجديد يفكر في إقامة “شراكة استراتيجية” جديدة مع موسكو والابتعاد عن التفاهمات السابقة مع القوى الغربية..وقد يكون خطاب بريجوزين في هذا الشأن يخدم هذا الهدف لكنه قد يشير أيضًا إلى نفوذ روسي متزايد.
المصدر : أ ش أ