اهتمت صحيفة “واشنطن بوست” بالانتخابات الرئاسية فى الجزائر، وقالت إن المراقبين يرون أن النتيجة مؤكدة، وهى أن عبد العزيز بوتفليقة سيفوز بفترة رئاسية رابعة، وقد حدثت الدراما الفعلية فى وقت مبكر هذا العام، عندما أعلن رئيس الحكومة عبد المالك سلال أن بوتفليقة سيخوض السباق الرئاسى، رغم عدم ظهوره أمام الرأى العام منذ إصابته بجلطة فى المخ العام الماضى، والآن، فإن بوتفليقة الذى نجا من أحداث الربيع العربى يبدو أنه سيظل هو ونظامه فى السلطة لسنوات قادمة.
وتطرح الصحيفة سؤالا حول كيفية نجاة بوتفليقة ونظامه من الربيع العربى، وما هى آفاق المستقبل بالنسبة له، وتقول إن البيانات الخاصة بثلاثة استطلاعات للرأى العام أجريت كجزء من مشروع “البرامويتر العربى” سلطت الضوء على هذه الأسئلة، وكشفت الاستطلاعات أنه على الرغم من أن أغلب الجزائريين راضون عن النظام إلا أنهم أكثر رضا مما كانوا فى الأشهر التى تلت الربيع العربى، والآن، وعلى العكس من أوائل عام 2011، فإن الأغلبية الشاسعة من المواطنين تريد الإصلاح التدريجى، بما يشير إلى تراجع تأييد الرأى العام للاحتجاجات المعارضة للنظام.
وتتابع الصحيفة قائلة، إنه فى الأشهر الأول من الربيع العربى، تكهن البعض بأن الدور قد أتى على الجزائر ليسقط نظاما، فقد كان الوضع الاقتصادى والسياسى فى الجزائر مشابها لنفس الظروف التى أطاحت بالنظام فى مصر وتونس، وهى ارتفاع معدلات البطالة لاسيما بين الشباب والنظام السياسى المنغلق والذى لم يستجب لمطالب الجماهير، وأكدت نتائج استطلاع أجرى فى مارس وإبريل 2011 أن الجزائر دولة على الحافة، وقال 32% من الجزائريين إن الوضع الاقتصادى جيد او جيدا جدا، بينما قال 8% الأمر نفسه عن وضع الديمقراطية وحقوق الإنسان فى البلاد، و10% فقط رأوا أن أداء الحكومة بشكل عام جيد أو جيدا جدا، وكان الجزائريون محبطون من قضايا معينة، كالبطالة واتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء، وكانت نسبة كبيرة من الجزائريين يريدون التغيير الجذرى، وقال 54% إن الإصلاحات يجب أن تطبق تدريجيا وليس مرة واحدة.
لكن الصورة تغيرت تماما بعد عامين، فكان أحدث استطلاع للباروميتر العربى، والذى تم إجراؤه فى مارس وإبريل 2013 قد كشف أن الاعتقاد قد زاد بأن الحكم تحسن من الناحية الديمقراطية منذ الأشهر التى تلت الربيع العربى، فعلى الرغم من أن أغلبية الجزائريين لا يزالون غير راضين عن الوضع فى بلادهم، إلا أن الاستياء قد تراجع، فأربعة من كل عشرة يصنفون أداء الحكومة ما بين جيد وجيد جدا، و30% لديهم آراء إيجابية إزاء أداء الحكومة فى معالجة مشكلات تضييق الفجوة فى دخول الأغنياء والفقراء، وتوفير الوظائف، كما ارتفع معدل الرضا العام عن الوضع الاقتصادى ليصل إلى 66%.
وعن دلالات هذه النتائج، تقول الصحيفة، إنها تشير إلى أن النظام الجزائرى قام بخطوات لمعالجة المشكلات التى تواجه الجزائريين العاديين، كما أن الحكومة لاحقت عدداً من قضايا الفساد البارزة، ومنها واحدة تتعلق بوزير الطاقة السابق شاكيب خليل، وربما الأكثر أهمية من ذلك، أن الجزائريين لاحظوا ما جرى فى أعقاب التغيير الهائل فى مصر وتونس، فقد أدى عدم الاستقرار السياسى فى كلا البلدين إلى تناقضات اقتصادية واستمر العنف السياسى وزاد النشاط الإرهابى، وعلى العكس، فإن الاستقرار السياسى فى الجزائر ساعد على تحقيق نمو اقتصادى ثابت، وإن كان بطيئا، وكانت حملة النظام ضد الجماعات المتطرفة ناجحة إلى حد كبير.
المصدر:وكالات