ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الصادرة- اليوم الأربعاء- أن منطقة الشرق الأوسط تستعد حاليا للتعامل مع رئيس أمريكي جديد يبدو عازما على إعادة ترتيب ميزان القوى في المنطقة بشكل جذري، مما قد ينذر بقدوم مرحلة جديدة من عدم اليقين والاضطراب في جزء من العالم يعاني بالفعل من حروب متعددة.
وأشارت الصحيفة- في تقرير لها بثته على موقعها الألكتروني- إلى التصريحات الغامضة والمتناقضة أحيانا التي أدلى بها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية، والتي احتار في تفسيرها المحللون والحكومات على مستوى العالم، ولم يتبين بعد أي منها يريد ترامب الوفاء بها وماهو قصده من ورائها.
وقالت الصحيفة “إنه وفقا لأكثر التصريحات اتساقا لترامب، بجانب التصريحات التي أدلى بها مستشاروه للمحللين والمسئولين، فإن ترامب سيسعى، مع ذلك، إلى إجراء إعادة ترتيب مهم في النظام القائم في الشرق الأوسط، بحيث يصب في صالح روسيا، ويكون بعيدا عن إيران والمحور الشيعي ويخدم مصالح دول الخليج السنية وتركيا”.
وأضافت “أن بعضا من أهداف ترامب المعلنة لم تكن مختلفة بشكل كبير عن سياسات إدارة الرئيس باراك أوباما والتي تم وضعها جانبا ولم تتحقق بسبب صعوبة إنجازها – على سبيل المثال إحراز تقدم في التعاون مع روسيا ضد الجماعات الارهابية في سوريا والتوقعات بأن الدول العربية ستفعل المزيد، وسوف تدفع المزيد، من أجل الأمن الإقليمي”.
من ناحية أخرى، توقعت الصحيفة أن الجزء الآخر من أهداف ترامب سيختلف بشكل جذري مع سياسات أوباما، لاسيما فيما يخص التهديدات بالتراجع عن الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما مثل انجازا في ملف السياسة الخارجية لإدارة الرئيس أوباما، واحتمالية أن يوقف ترامب دعم واشنطن للمعارضة السورية والتحالف بدلا منها مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
ورأت الصحيفة أن الهجوم الذي استهدف إحدى المناطق الخاضعة للمعارضة السورية يوم أمس على يد الاسطول الروسي الجديد المنتشر في البحر المتوسط ربما يمثل اختبارا لما يخبؤه المستقبل، فيما جاء الهجوم عقب ساعات من أول مكالمة هاتفية تتم بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول سبل تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، بما في ذلك التعاون لتسوية الأزمة السورية بما قد يطلق يد روسيا في سحق المعارضة المطالبة بإسقاط نظام الأسد.
ومع ذلك، قالت الصحيفة إن ثمة مواقف اخرى يصعب التوافق بشأنها، مثل تعهدات ترامب بفعل المزيد من أجل قتال تنظيم داعش الارهابي، بينما في الوقت ذاته يفى بتعهده بالتراجع عن مغامرات الولايات المتحدة في الخارج، وتساءلت “هل ترامب سيصبح انعزاليا ويميل لسياسة أوباما فيما يخص تجنب المخاطر؟ أم أنه سيمارس النهج التدخلي على غرار الرئيس السابق جورج بوش؛ الذي تسببت حربه العالمية ضد الارهاب في دخول الولايات المتحدة متاهات الحروب في العراق وأفغانستان؟!.
وتعليقا على الأمر، توقع ثيودور كاراسيك، وهو مستشار كبير في مركز أبحاث دول الخليج ومقره واشنطن، بعدما ناقش مستقبل المنطقة مع مستشاري ترامب خلال الاشهر القادمة، أن يكون ترامب خليطا بين الإثنين /على حد قوله/ (وهما الرئيسان أوباما وبوش) ولكنه سيصبح مختلفا في الوقت ذاته…وقال:”إن ترامب سيحارب تنظيم داعش، بينما سيستعين بمصادر خارجية في التعامل مع أمن المنطقة كروسيا والدول العربية”.
وأضاف كاراسيك “أن هناك احتمالا لاستخدام عامل الفوضى… ولكن الفكرة التي تبرز حاليا تتمثل في زلزلة ترتيب النظام في دول المنطقة من أجل المضى قدما والسماح لهذه الدول بأن تؤمن نفسها”.
و أردفت الصحيفة تقول:”إنه بالنسبة لرجال المنطقة الأقوياء، وأغلبهم توترت علاقاتهم مع إدارة الرئيس أوباما، فإن هذه التوقعات تمثل لهم أنباءً جيدة.
وتابعت الصحيفة، نقلا عن بسام ابو عبدالله، وهو استاذ بجامعة دمشق ويدعم الأسد، أن حكومة الأسد هي الأخرى ابتهجت بإنتخاب ترامب بسبب تعهداته بالأشتراك مع قوات الأسد ضد تنظيم داعش والمعارضة السورية…لذا، فالتوقعات في دمشق الآن تدور حول أن واشنطن لن تدعم ابدا بعد ذلك المعارضة السورية، بل وسوف تشترك معها ومع روسيا في ضربها وربما تعيد علاقتها الدبلوماسية مع نظام الأسد.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )