أدى تعليق روسيا العمل باتفاق تصدير القمح من أوكرانيا إلى صدور تحذيرات رهيبة من حدوث نقص حاد في الغذاء في الدول الأفريقية التي تتعامل مع تبعات الجفاف.
وفوجئ العديد من المراقبين الدوليين من اتخاذ الكرملين مثل هذا القرار قبل أيام قليلة فقط من القمة الروسية- الأفريقية، التي ستعقد في سانت بطرسبرع خلال الفترة من 27-28 يوليو.
وكان الاتفاق، الذي جُدد ثلاث مرات منذ أن دخل حيز التنفيذ في يوليو 2022، قد سمح لسفن الشحن بالمرور الآمن عبر ممر مائي في البحر الأسود من الموانئ الأوكرانية في أوديسا وتشورنومورسك ويوزني/ بيفيديني وإليها.
ووصفت الحكومة الكينية القرار الروسي بأنه طعنة في الظهر، قائلة إنه يؤثر بشكل غير متناسب على الدول في القرن الأفريقي.
وفرضت الاضطرابات في تجارة القمح ضغطاً هائلاً على شبكات توزيع الغذاء الأفريقية، وهو ما يترك الملايين من البشر في مواجهة خطر نقص الغذاء والأسعار المتصاعدة.
يحتاج أكثر من 50 مليون نسمة في دول الصومال وكينيا وإثيوبيا وجنوب السودان إلى المعونات الغذائية بسبب السنوات المتعاقبة من شح الأمطار.
وتقول الأمم المتحدة إن اتفاق القمح سمح لأوكرانيا بشحن 625 ألف طن من الغذاء على شكل معونات إنسانية لتلك الدول.
وقالت الدكتورة نجوزي إن أوكونجو إيويال، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية إن “التجارة في الغذاء والأعلاف والأسمدة في البحر الأسود ضرورية من أجل استقرار أسعار الغذاء العالمية. ومن المحزن القول إن الفقراء والدول الفقيرة كانوا الأشد معاناة.”
كما أن الاتفاق أسهم في انخفاض بنسبة 11.6 في المائة في أسعار الغذاء العالمية منذ يوليو 2022، وذلك وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).وهناك مخاوف بدأت تتكشف بسرعة الآن.
وقال الدكتور كونستانتينوس، وهو عالم اقتصاد وأستاذ في السياسة العامة بجامعة أديس أبابا إن “ديناميكيات السوق ستتغير على الفور. أنت تعلم أن السوق يتبع دائماً الجديد”.
وأضاف “حالما يصدر هذا الإعلان، سيقوم تجار القمح برفع أسعارهم، وستقوم الدول بتخزين الإمدادات الغذائية وحظر الصادرات من بلدانها.”
وكانت التكلفة المرتفعة لأسعار الغذاء إلى جانب غلاء المعيشة قد أدت إلى خروج احتجاجات دامية في كينيا.
وأصدر علماء الاقتصاد تحذيرات بشأن المشهد الاقتصادي الأوسع.
وقال الدكتور كونستانتينوس: “إن الدول ستواجه مشاكل خطيرة في تأمين مصادر لوارداتها من القمح والزيت النباتي ووارداتها من الأسمدة من روسيا وبالطبع ستواجه قضايا متتالية أخرى خاصة عندما يتعلق الأمر باللاجئين والنازحين داخلياً في أفريقيا.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحاً حيال موقف موسكو من أنها ستعود للاتفاق حالما يقوم الغرب بتلبية مطالبها الأساسية التي تشمل رفع القيود واستئناف الأنشطة المالية.
ويأتي هذا رداً على الضغط العالمي الهائل والجهود الدبلوماسية لمعالجة الوضع.
وانخرطت جهات دولية تقودها الأمم المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأفريقية في حوار مع المسؤولين الروس من أجل إيجاد حل يحمي الأمن الغذائي.
إن المجازفة التي تخوضها روسيا تتمثل في أن هذا التعليق للاتفاق من شأنه أن يؤثر على العلاقات مع شركائها في أفريقيا أو حتى يدمرها.
ويأتي هذا في الوقت التي من المقرر أن تُعقد فيه القمة الروسية- الأفريقية في مدينة سانت بطرسبرغ في 27-28 يوليو الجاري. وهناك 14 دولة أفريقية تعتمد على روسيا وأوكرانيا في تأمين نصف وارداتها من القمح.
المصدر: وكالات