تساءل الكاتب الأمريكي أندرو جيه باسيفيتش عما إذا كان الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيقضي على الدور العالمي للولايات المتحدة؟
ففي مستهل مقال للكاتب نشرته مجلة (سبكتاتور) البريطانية، قال باسيفيتش” إن كل رئيس أمريكي منذ هاري ترومان قد التزم بالعالمية في اعتقاد بأن أمريكا يجب أن تقود دائما وفي كل مكان – بحسب المبدأ الأساسي لسياسة الولايات المتحدة الخارجية.
ونوه الكاتب الذي يعمل أستاذا للعلاقات الدولية بجامعة بوسطن عن تراجع إيمان الرئيس باراك أوباما بمبدأ عالمية بلاده في السنوات الأخيرة، مؤكدا أن احتمال تخلي الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن ذات المبدأ بشكل تام هو أمر له سند من الواقع.
ولفت باسيفيتش إلى أن حلفاء الولايات المتحدة على تنوّعهم كبريطانيا واليابان وإسرائيل طالما اعتبروا العالمية الأمريكية بمثابة هدية لا سبيل لانقطاعها، كما أن الأمم التي تتمتع بعلاقة خاصة مع واشنطن طالما اعتمدت على القوة الأمريكية في حمايتها من الخطر وأحيانا من تبعات أخطائها في الماضي و الحاضر.
ورأى الكاتب أن الدوافع، فضلا عن التعاطف والمساعي الحميدة، قد وسمت السياسة الأمريكية عالميا، وأن استدامة العالمية الأمريكية أمر رهين بتبادل المنفعة ومعقولية التكلفة.
وأعاد باسيفيتش إلى الأذهان كيف كان أوباما في بداية رئاسته مؤمنا صادق الإيمان بالعالمية الأمريكية، غير أن إيمانه هذا لم يكن قد تعرض لامتحان بعد، وعلى مدار فترتيه الرئاسيتين تعرض فيهما لسلسلة من الأزمات والإحباطات تركته متشككا بعدما كان صادق الإيمان (بالعالمية الأمريكية).
وأعرب باسيفتيش عن صعوبة التنبؤ عادة بما ستُقدم عليه الإدارة المقبلة تحت دونالد ترامب، وريث تركة أوباما السياسية، علاوة على أن خلفية ترامب وشخصيته تزيد من صعوبة الأمر فيما يتعلق بالتنبؤ.
ونوه الكاتب عن أن ترامب ليس أول رئيس أمريكي غير ذي خبرة في عالم السياسية الخارجية، مشيرا إلى أن آخر رئيس أمريكي منتخب كان لديه عِلم مسبق في هذا الصدد كان جورج بوش الأب عام 1988. ومنذ ذلك الوقت وتولي منصب الرئاسة يعتبر بمثابة فرصة للتدريب أثناء العمل به على أن تُكتسب الخبرة عبر التجربة والخطأ.
ورأى باسيفيتش أن ما يجعل ترامب مختلفا عن سابقيه من الرؤساء الأمريكيين في هذا الصدد هو افتقاره إلى القناعات الثابتة ومزاجيته ونرجسيته التي تجعله يُغلّب ميوله الوقتية على ما أقرّه أسلافه في عهود…. إن ثقة ترامب في قدرته على الوقوف على إبعاد أي موقف وإيجاد حلول له تبدو بلا حدود على نحو يُزري بأية خبرة مكتسبة… إن ترامب يعطي كل إشارة على أنه رئيسٌ متميز في صعوبة التنبؤ بأفعاله.
وأكد الكاتب أن صعوبة التنبؤ بالأفعال من جانب أية قوة عظمى على نحو يترك حلفاءها وخصومها سواء في التنبؤ بما سيحدث – هو أمر خطير، ومع ذلك فإن دونالد ترامب يبدو غير عابئ به…. إن بصمة ترامب هي عدم القدرة على التنبؤ بأفعاله… وهذا يوضح تخوف مؤسسة السياسة الخارجية من صعود ترامب لمنصب الرئاسة.
وأكد الكاتب أن ترامب إذا كان يعرف شيئا واحدا فهذا الشيء هو كشْف “الميزانية” والربح والخسارة كمحددات للنجاح والفشل والنتائج المقبولة وغير المقبولة…. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية فإن كشف ميزانيتها سيء للغاية وهو الأمر الذي بات يعتقده كثير من الأمريكيين على نحو ساعد على وصول ترامب لمنصب الرئاسة.
ورأى باسيفيتش أن الأمر الآن في ساحة ترامب لإصلاح تلك الميزانية (السياسة الخارجية) وإذا ما نجح فإن نسخة معدلة من العالمية الأمريكية قد تستمر، وإذا لم ينجح فإن التراجع المؤقت في عالمية أمريكا والذي بدأ في ظل باراك أوباما سيستمر وربما بوتيرة أسرع وبتداعيات أكبر على الولايات المتحدة والعالم ككل.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط