تتواصل بمقر محكمة العدل الدولية في لاهاي الجلسات بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تأتي هذه الجلسات في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة الحصول على فتوى من المحكمة حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 57 عاما. وتستمع المحكمة حتى نهاية الاسبوع الجاري لإفادات من 52 دولة – وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المحكمة – بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية.
ودعت معظم الدول التي أدلت برأيها حتى الآن إسرائيل إلى إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. إلا أن ممثل واشنطن تصدى لتلك الدعوات وطالب المحكمة بعدم إلزام إسرائيل قانونا بالانسحاب الفوري وغير المشروط من الأراضي المحتلة.
فقد أعاد المتحدث الصيني أمام المحكمة التذكير بأن المقاومة المسلحة حق للشعوب، التي ترزح تحت نير الاستعمار، لا يتناقض مع القانون الدولي. مضيفا أن لا حق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها كونها قوة تحتل الأراضي الفلسطينية بصورة غير قانونية.
وفي كلمته أمام المحكمة ندد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بانتهاكات اسرائيل للقانون الدولي وفرض التغيير الديمغرافي، وغض الطرف عن تصاعد “إرهاب” المستوطنين في الضفة الغربية. وقال إن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة ودمرت حياة أكثر من مليونين و300 ألف فلسطيني وإن نصف مليون آخرين يعانون أسوأ مراحل المجاعة.
من جانبه، قال ممثل أيرلندا إن إسرائيل استمرت بشكل غير قانوني في تدمير وضم الأراضي الفلسطينية لتوسيع المستوطنات، مذكرا بضرورة إلزامها، كدولة احتلال، باحترام القانون الدولي.
وكانت محكمة العدل قد أصدرت قرارا الشهر الماضي يلزم إسرائيل باتخاذ “تدابير مؤقتة” لحماية الفلسطينيين في غزة، والامتثال لاتفاقية منع الإبادة الجماعية، إلى حين الفصل في مضمون الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه عمليات الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة وما تخلفه من كوارث إنسانية متفاقمة من قتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين وتدمير بيوتهم وتشريد أكثر من مليون ومائتي ألف آخرين وتكدسهم في خيام في رفح وسط انعدام شبه تام للغذاء والماء والأدوية والرعاية الطبية، اصطدمت المساعي الديبلوماسية الدولية الرامية إلى وقف لإطلاق النار لدواع إنسانية في مجلس الأمن بالفيتو الأمريكي الذي حال دون تبني قرار قدمته الجزائر.
وهذه هي المرة الثالثة التي ترفع فيها الولايات المتحدة ورقة حق النقض في مجلس الأمن منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، ضد مشروع قرار برازيلي في 18 أكتوبر 2023 يدعو إسرائيل إلى سحب اسرائيل أمرها لسكان غزة بالانتقال إلى جنوب القطاع، وآخر إماراتي صدر يوم 8 ديسمبر 2023، طالب بوقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية في قطاع غزة.
ولقي النقض الأمريكي للقرار بيانات تنديد من عدد من الدول العربية بينها قطر، والسعودية، والكويت، ومصر، والأردن، وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
واستنكر عدد من تلك البيانات فشل مجلس الأمن مرة أخرى في تبني قرار وقف لإطلاق النار وسط اتهامات للولايات المتحدة، وإن بصيغ غير مباشرة، بازدواجية المعاييرـ وطالبت بعض العواصم العربية بضرورة إصلاح هياكل مجلس الأمن حتى يضطلع بمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين بمصداقية.
وكان البيان الصادر عن الخارجية المصرية الأقوى تنديدا من حيث الصيغة واعتبر “إعاقة صدور قرار يطالب بوقف إطلاق النار في نزاع مسلح ذهب ضحيته أكثر من 29 ألف مدني، سابقة شائنة، في تاريخ تعامل مجلس الأمن مع الحروب على مر التاريخ، تثير الشكوك حول مصداقية قواعد وآليات عمل المنظومة الدولية الراهنة، ولا سيما مجلس الأمن الموكل إليه مسؤولية منع وتسوية النزاعات ووقف الحروب”.
وفي لندن أقرّ مجلس العموم البريطاني دون تصويت، وبعد جلسة عاصفة الأربعاء، تعديلات اقترحها حزب العمال البريطاني على مشروع قرار يدعو الى وقف إطلاق نار إنساني في قطاع غزة. وكان الخلاف قد اندلع في المجلس بعدما قدّم الحزب الوطني الإسكتلندي مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وانسحب بعض من نواب حزب المحافظين والحزب الوطني الإسكتلندي من قاعة مجلس العموم، احتجاجا على قرار رئيس المجلس التصويت على تعديلات اقترحتها الحكومة وحزب العمال، باعتباره مخالفًا للعرف.
المصدر: وكالات