بعدما وعد الرئيس الأمريكي خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لم يعد يتحدث عن الأمر، ويبدو، بحسب مراقبين، أنه أجل البحث في خطته لأجل غير مسمى.
ويرى حسين إيبيش، باحث رفيع في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، وكاتب عمود سياسي في عدة صحف أمريكية وعربية، أنه كلما طال تأجيل نقل السفارة، تراجعت فرص حصوله.
ويلفت الباحث لنشر القناة الإخبارية الإسرائيلية الثانية، الأسبوع الماضي، تقريراً غير مؤكد يوحي بأن ترامب سيعلن قريباً عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
وفي المقابل، كرر المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، قوله، إن النقاش حول احتمال نقل السفارة ما زال في مراحله الأولى، مستبعداً صدور إعلان وشيك بشأن الخطة. ولكن منذ يوم الانتخابات في نوفمبر( تشرين الثاني)، أعاد المقربون من ترامب تأكيدهم على تصميمه لنقل السفارة، ما دفع عدد من المحللين للاستنتاج بأن القرار، والذي اقترحه رؤساء سابقون، ولم يطبق، قد اتخذ فعلياً، دون إجراء أي تنسيق سياسي.
ويرى إيبيش أنه في حال حدث ذلك في المستقبل القريب، فإن توقيت العملية سيكون غريباً، لأن نقل السفارة لا يمثل أولوية حتى بنظر اليمينيين الإسرائيليين، والذين يولون اهتماماً أكبر لقضايا أخرى، كتوسيع المستوطنات. وحتى أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي المتشدد، استبعد الفكرة في ديسمبر( كانون الأول)، وربما إدراكاً منه بأن نقل السفارة سيثير أعمال عنف.
وفي المقابل، أشار سبايسر إلى بدء مناقشات معقدة بشأن القضية. كما نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن المسألة بالكاد تم التطرق إليها أثناء المكالمة التلفزيونية الأخيرة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
ويعتقد إيبيش بوجود احتمال ضئيل لنقل السفارة، مع تراجع الحديث عن الموضوع، يوماً بعد آخر. ولربما كان التقرير بشأن اتخاذ قرار حول نقل السفارة مجرد بالون اختبار أطلقته القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، بهدف اختبار ردود الأفعال على هكذا قرار.
ويلفت الباحث لاحتمال أن لا يولي الأمريكيون، ومنهم ترامب، اهتماماً لرد فعل الفلسطينيين على نقل السفارة. ولكن مسؤولي الأجهزة الأمنية في إسرائيل ليسوا غير مبالين بهذه الخطوة. وحتى لو كانت القيادة الفلسطينية تدرك أن حصول اضطرابات، إن لم يكن أعمال عنف، سيكون بمثابة دفاع عن النفس، وله نتائج عكسية، فقد لا تكون قادرة على احتواء حالة من الغضب أكان تلقائياً أو منظماً، يندلع في المناطق الفلسطينية، وبخاصة في القدس الشرقية.
وقد تحاول قوى الأمن الفلسطيني احتواء ذلك الغضب، ولكن عديدها وقدراتها محدودة( ليس أقله بسبب قيود إسرائيلية)، وليس مسموح لهم بالعمل في معظم أراضي الضفة الغربية، ولا في القدس الشرقية. وإلى ذلك، سيكون من الصعب سياسياً على الزعماء الفلسطينيين الدعوة للتهدئة فيما يعبرون عن شجبهم للعملية، وهو أمر ضروري للحفاظ على مصداقيتهم.
ويلفت إيبيش إلى احتمال استغلال حماس وسواها من التنظيمات الفلسطينية المتشددة الوضع، فيما سيعمل زعماء فلسطينيون في رام الله على منع ذلك. إنهم لا يرغبون بأن يزايد عليهم المتطرفون. ويشير الباحث أيضاً إلى أنه لن يكون الفلسطينيون هم وحدهم الذين سيعترضون على نقل السفارة، بل من المؤكد أن تعارض الخطوة معظم الدول العربية، وبخاصة مصر والأردن، وكلاهما وقعا معاهدة سلام واتفاقيات أمنية مع إسرائيل. إن نقل السفارة سيعتبر خرقاً لروح تلك الاتفاقات التي تمت وفق ضمانات أمريكية.
ويرى إيبيش أنه لا بد لدول الخليج العربي وكذلك دول منظمة التعاون الإسلامي أن تحتج على الخطوة، وأن تتخذ ما يكفل لإعادة التأكيد على حقوق الفلسطينيين والمسلمين والمسيحيين في مدينة القدس، كما سترفض التحول الراديكالي في السياسة الأمريكية.
المصدر: وكالات