تعهد كل من مانويل فالس وبنوا هامون باحترام نتائج الدورة الثانية للانتخابات التمهيدية لليسار المقررة- الأحد المقبل- وذلك في المناظرة التلفزيونية الأخيرة التي جمعتهما- مساء الأربعاء- والتي كشفت عن حجم الخلافات التي تفصل بينهما، خصوصا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
ساهمت المناظرة التلفزيونية التي جرت- مساء الأربعاء- وجمعت بنوا هامون ومانويل فالس المرشحين اللذين تأهلا إلى الدورة الثانية لانتخابات اليسار التمهيدية التي ستجري الأحد المقبل، بإبراز الخلافات الموجودة بينهما.
فعلى الصعيد الاقتصادي مثلا، عاد بنوا هامون ليؤكد من جديد على ضرورة منح راتب عام أدنى قدره 750 يورو لجميع الفرنسيين لمحو الفوارق الاجتماعية وتدارك تقلص فرص العمل بفرنسا في السنوات القليلة المقبلة.
وقال هامون “فرص العمل ستتقلص بنحو 10 بالمئة في حلول 2025 بسبب الثورة الرقمية والبيئية. لهذا يجب أن نفكر من الآن في الحقوق الجديدة التي يمكن أن نمنحها للفرنسيين لكي يحافظوا على قدرتهم الشرائية ولا يقعوا ضحية الفقر”، مشيرا إلى أن العمل “موزع بشكل غير عادل في فرنسا ولهذا السبب ينبغي تقليص ساعات العمل القانونية من 35 ساعة حاليا بالأسبوع إلى 32 ساعة مع الحفاظ على نفس الراتب”.
هذا، وقدم بنوا هامون تفاصيل أكثر عن مشروع الراتب العام الأدنى، وشرح كيف سيتم تطبيقه بشكل تدريجي على مراحل حيث سيشمل في المرحلة الأولى فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة ليتم تعميمه على جميع الفرنسيين فيما بعد، ووعد هامون بفرض ضرائب جديدة على الأغنياء وبعض الشركات الرقمية الكبرى مثل شركة “أمازون” و”جوجل” بهدف تمويل مشروعه.
لكن مانويل فالس انتقد بشدة كبيرة اقتراح هامون واصفا إياه بـ “غير الواقعي” و”بالخيالي” ومتهما منافسه بإثقال الديون الفرنسية التي تجاوزت 2000 مليار يورو.
وقال رئيس الحكومة السابق “أنا أؤمن بالعمل والعمل فقط كوسيلة للعيش الكريم، فرص العمل لن تتقلص في المستقبل… ربما ستأخذ طابعا مختلفا بسبب الثورة الرقمية والروبوتية التي نعيشها اليوم… علينا أن نرافق كل هذه التغيرات التي تطرأ على المجتمع وعلى عالم العمل ونتأقلم معها لكي تعود علينا بالنفع وليس العكس”.
ووعد مانويل فالس بإلغاء الضرائب المفروضة على ساعات العمل الإضافية لكي يتسنى للفرنسيين أن يعملوا أكثر إذا رغبوا بذلك… لكن بالمقابل رفض إلغاء مدة العمل القانونية الحالية والتي تصل إلى 35 ساعة بالأسبوع”، وقال: “فكرة منح راتب عام أدنى هي رسالة سلبية موجهة لجميع الفرنسيين تدفع إلى الكسل”.
وشكل موضوع العلمانية ومسألة ارتداء الحجاب من قبل النساء المسلمات الفرنسيات نقطة خلاف حاد بين المتنافسين.
أكد مانويل فالس مجددا على ضرورة الدفاع عن العلمانية بقوة ومنع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة لأن هذه “الثياب تنقص من قيمة المرأة” حسب تعبيره، فيما وعد بمحاربة كل الجمعيات الإسلامية المتطرفة وذلك من أجل حماية مسلمي فرنسا من الإسلام السياسي والأفكار الدخيلة على المجتمع الفرنسي.
أما بنوا هامون فقد أكد أن العلمانية هي التي تساعدنا على العيش المشترك، قائلا إن قانون 1905 المتعلق بالعلمانية هو قانون يمنح حق التدين، ودعا إلى “عدم منع امرأة مسلمة متدنية من ارتداء الحجاب إذا كانت هي التي ترغب بذلك”.
كما دعا هامون إلى محاربة كل أشكال التطرف والعنصرية والعلمانية المفرطة التي جعلت بعض أبناء الجمهورية الفرنسية (يقصد المسلمين) يبتعدون عن بعض القيم التي تسوقها الجمهورية الفرنسية لأنها أصبحت “مجرد كلمات فارغة لا علاقة لها مع الواقع” حسب هامون.
وفيما يتعلق بالمسائل الدولية والإرهاب، أظهر المرشحان نوعا من التوافق في الآراء والمواقف، إذ دعا كليهما إلى سياسية دفاعية أوروبية مشتركة لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتها رغبة دونالد ترامب بمغادرة الناتو.
وقال فالس “نحن نعيش اليوم في عالم جديد، على دول الاتحاد الأوروبي أن تتوحد أكثر لكي تدافع عن مصالحها وتكون قوية” مؤكدا أنه في “حال فاز بالرئاسة الفرنسية في مايو المقبل فسوف يدعو إلى تنظيم مؤتمر يشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي من أجل تفعيل مشروع الدفاع المشترك”.
ودعا فالس إلى تشديد المراقبة على الحدود الأوروبية لمنع تسلل الإرهابيين إلى دول الاتحاد فيما أكد من جديد رفضه انضمام تركيا إلى الاتحاد.
نفس الشيء تقريبا قاله بنوا هامون الذي دعا هو الآخر إلى تشديد مراقبة الحدود، موضحا أن فكرته منح “تأشيرات إنسانية للاجئين الذين يريدون الدخول إلى فرنسا ستساعد الأجهزة الأمنية على معرفة هوية هؤلاء اللاجئين”.
وبشأن الإرهابيين الفرنسيين الذين يعودون إلى فرنسا من سوريا أو من العراق، اتفق كل من فالس وهامون على ضرورة تقديمهم أمام العدالة الفرنسية التي ستبت في مصيرهم.
وبخصوص العمل الوهمي الذي من المحتمل قد استفادت منه زوجة فرانسوا فيون كمساعدة برلمانية والذي أثار جدلا كبيرا في فرنسا، قال مانويل فالس “يجب ترك العدالة لتقوم بتحقيقاتها”، موضحا أنه في حال أصبح رئيسا سيصدر قانونا يمنع أن يوظف مسؤول فرنسي ما أو برلماني أحد أفراد عائلته أو أقاربه.
هذا، وتعهد كل مرشح باحترام نتائج الجولة الثانية للانتخابات التمهيدية. لكن فالس أضاف أنه سيرمي بكل ثقله ليكون هو الفائز يوم الأحد المقبل. وعلل ذلك بأنه “هو الوحيد القادر على توحيد صفوف اليسار وجميع فئات المجتمع الفرنسي وأنه يجسد جمهورية فرنسية قوية وعادلة”.
أما بنوا هامون فقد دعا الناخبين إلى التصويت لصالحه بكثافة الأحد المقبل لأنه “يملك أفكارا جديدة وواضحة” وقادر على “إعطاء فرصة جديدة للقلب الفرنسي لكي ينبض بقوة وشجاعة”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )
المصدر: رويترز
المصدر: وكالات