بينما يواجه الرئيس السوري بشار الأسد إخفاقات في أرض المعركة، ينخرط دبلوماسيون من روسيا والولايات المتحدة والعديد من قوى الشرق الأوسط في “نشاط دبلوماسي مكثف”، في محاولة لتجنب انهيار أكبر للدولة ما قد يقوي تنظيم داعش، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا، أقوى داعم للأسد، شكلت علاقات جديدة مع السعودية المعارضة اللاذعة للرئيس السوري، وحتى أنها توسطت في لقاء بين مسؤولين استخباراتيين سعوديين وسوريين رفيعي المستوى، لافتة إلى لقاء وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بنظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو أمس الثلاثاء.
وقالت نيويورك تايمز “إن سلسلة الاجتماعات غير العادية جاءت في تعاقب سريع، موضحة أن روسيا توقفت عن عرقلة مساعي إجراء تحقيق دولي حول مستخدم الأسلحة الكيميائية في سوريا، الأمر الذي يعتبر أولوية أمريكية راسخة”.
وتابعت أن اضطراب الدبلوماسية يشير إلى أن البلدين اللذين طالما شكلت اختلافاتهما عائقًا أمام جهود حل الصراع السوري، بدءا يتخذا خطوات نحو أهداف طالما زعما أنهما يتشاركان فيها: “كحل سياسي للحرب الأهلية السورية ذات الأطراف المتعددة، واستراتيجيات أفضل لمحاربة تنظيم داعش”.
في حين لعبت روسيا حتى الآن الدور الأبرز في الدبلوماسية الجديدة، وفقًا لنيويورك تايمز، ونقلت عن بعض المحللين قولهم إن المناقشات تعكس تخفيفًا لموقف إدارة أوباما من أنه “يجب رحيل الأسد”، كما تعكس الخوف الأمريكي الروسي من أن يكون داعش المستفيد الأساسي إذا استمرت حكومة الأسد في ضعفها أو انهارت تمامًا.
وأوضحت “الصحيفة” أن معارضي الأسد لديهم أيضًا أسبابًا لإعادة تقييم الاستراتيجية، حيث فشلت الجهود الأمريكية لتأسيس قوة بالوكالة في سوريا، ولدى الجماعات المتمردة مشكلاتهم الخاصة، فضلاً عن أن تركيا والسعودية يواجهان نكسات سياسية وأمنية في عقر دارهم.
وحيث يستمر الموقف العسكري في التدهور في سوريا، تزداد القوى العظمى قلقًا، يقول إميل حكيم، خبير الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن الولايات المتحدة تركت روسيا تحتل الصدارة، لأنها “لا ترغب في أن تمتلك هذا”، مضيفًا “الولايات المتحدة هي التي اقتربت من الموقف الروسي”.
ويعتقد مسؤولون روسيون وإيرانيون أن السعودية والولايات المتحدة وحلفائهما مثل تركيا، سيدركون أن مكافحة الإرهاب أكثر أهمية من الإطاحة بالأسد، بالرغم من إصرار الجبير عقب لقاءه لافروف على أنه “لا مكان للأسد في مستقبل سوريا”، في حين يقول مسؤولون أمريكيون وأتراك، إن رغبة روسيا في استبدال الأسد تتزايد.
نيويورك تايمز أوضحت أن ما يحدث الآن على الصعيد الدولي هو “تغير في النبرة”، وأنه من بين المناقشات الدبلوماسية الأخيرة، لا يوجد ما هو أهم من روح التعاون الواضحة الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة.
ونقلت عن فيودور لوكيانوف، رئيس أحد المجالس التي تقدم نصائح للكرملين في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، قوله إن المحادثات عادت إلى موضوع سوريا بعد عام من تركيز خاص على الاتفاق الإيراني، مضيفًا “لا تزال السعودية تعتقد أنه ينبغي على الأسد الرحيل، لكنها غير متأكدة الآن ما إذا كان بديله سيكون أفضل”.
وتابع “أما روسيا فلا تزال تعتقد أنه ينبغي عليه البقاء، لكن لا يمكنها تجاهل أن الموقف العام تغير وأن الوضع الاستراتيجي لسوريا أصبح أسوء كثيرًا من قبل”.
وقال مسؤولون أمريكيون كبار، رفضوا ذكر أسمائهم، إن المسؤولين الروس بدوا أكثر انفتاحًا خلال الأسابيع الأخيرة على المناقشات حول استبدال الأسد، وأضافوا “أن قلق موسكو يزداد بسبب موقف الأسد المحفوف بالمخاطر، وصعود الجماعات المتطرفة التي جندت آلاف المواطنين الروس للمحاربة في سوريا”.
وأشاروا إلى أن المناقشات مؤقتة، وأنه إذا وافقت روسيا يومًا ما على التوسط من أجل اتفاق للإطاحة بالأسد، ربما تصر بالتأكيد على “علوي آخر”.
وأضافت نيويورك تايمز “أن الخلاصة ربما تكون تشكيل حكومة جديدة تتضمن عناصر من الحكومة الحالية وربما تشمل الأسد لفترة محددة، ورموز سورية معارضة معتدلة.
المصدر:وكالات