سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اليوم الضوء على الاحتجاجات المؤيدة للمعارض الروسي أليكسي نافالني والتي بدأت من الشوارع المتجمدة في أقصى الشرق الروسي وسيبيريا انتهاء بموسكو وسان بطرسبرج حيث احتشد عشرات الآلاف من الروس دعمًا للمعارض المُحتجز أمس السبت في أكبر مواجهة من نوعها على مستوى الدولة منذ سنوات بين الكرملين وخصومه.
وذكرت الصحيفة، في تقرير على نسختها الإلكترونية، أن هذه المظاهرات لم تشكل على الفور تهديدًا خطيرًا لسيطرة الرئيس فلاديمير بوتين على السلطة. لكن نطاقها الواسع، والتحدي الملحوظ الذي أظهره العديد من المتظاهرين، يشير إلى إرهاق واسع النطاق للنظام السياسي الراكد الذي يعاني من الفساد ويترأسه بوتين منذ عقدين.
وقالت الصحيفة إن الاحتجاجات بدأت تتكشف في المناطق الشرقية من روسيا، وهي دولة مكونة من 11 منطقة زمنية، وتحركت مثل موجة في جميع أنحاء البلاد على الرغم من الوجود المُكثف للشرطة ورسائل التحذير المُهددة على وسائل الإعلام الحكومية بالابتعاد.
وأوضحت الصحيفة أن مئات تجمعوا أمام مبنى الحكومة الإقليمية في جزيرة سخالين، إلى الشمال مُباشرة من اليابان، وامتدت الاحتجاجات إلى مدينة ياكوتسك بالمنطقة شبه القطبية، حيث كانت درجة الحرارة 60 درجة تحت الصفر، ثم التجمعات التي حضرها الآلاف في مدن عبر سيبيريا. وبعد ساعات، مع حلول الليل في موسكو، رشق الناس الشرطة بكرات الثلج وركلوا سيارة تابعة لوكالة المخابرات المحلية.
وقالت الصحيفة إنه بحلول وقت متأخر من المساء في موسكو، تم اعتقال أكثر من 3000 شخص في 109 مدن على الأقل، وفقًا لموقع أو.في.دي إنفو، وهي مجموعة ناشطة تتابع الاعتقالات في الاحتجاجات.
وذكرت الصحيفة أن أنصار نافالني قالوا إنهم نجحوا ووعدوا بمزيد من الاحتجاجات مطلع الأسبوع المقبل على الرغم من اعتقال العديد من مديري مكاتبه الإقليمية.
وقالت نيويورك تايمز إن الاحتجاجات جاءت بعد ستة أيام من إلقاء القبض على نافالني، وهو ناشط في مكافحة الفساد يبلغ من العمر 44 عامًا، لدى وصوله إلى موسكو قادما من ألمانيا، حيث قضى شهورًا يتعافى من التسمم بغاز أعصاب من الدرجة العسكرية. ووصف مسؤولون غربيون ونافالني عملية التسمم التي وقعت في سيبيريا في أغسطس بأنها محاولة اغتيال من قبل الدولة الروسية. ونفى الكرملين ذلك.
ودعا نافالني ، الذي يواجه الآن عقوبة بالسجن لمدة عام ، أنصاره في جميع أنحاء البلاد إلى النزول إلى الشوارع في مطلع الأسبوع المقبل، على الرغم من أن المسؤولين لم يأذنوا بالاحتجاجات. واستجاب الروس بأكثر المظاهرات انتشارًا التي شهدتها الأمة منذ عام 2017 على الأقل – حيث بلغ عددها عشرات الآلاف في موسكو وسانت بطرسبرج والآلاف في عدة مدن في الشرق، بما في ذلك يكاترينبورج ونوفوسيبيرسك وتومسك وأومسك. وميناء فلاديفوستوك على المحيط الهادئ.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن نافالني، وهو أحد أكثر المُنتقدين لبوتين في الداخل، استخدم لمسته الشعبوية على وسائل التواصل الاجتماعي ولغته الفكاهية القاسية والبسيطة ليبرز كزعيم المعارضة الوحيد في روسيا الذي يقود أتباعًا عبر شريحة واسعة من المجتمع. وارتفعت مكانته بين منتقدي بوتين في الأشهر الأخيرة عندما نجا من هجوم بغاز الأعصاب ثم عاد إلى وطنه في روسيا رغم أنه كان يواجه اعتقالًا شبه مؤكد.
وقال مُتظاهرون إن اعتقاله يوم الأحد ساعد في إطلاق العنان للسخط المكبوت من الركود الاقتصادي والفساد المُستشري على حد تعبيرهم.
وأضافت نيويورك تايمز أن الكرملين بقيادة بوتين صمد أكثر من الاحتجاجات قبل ذلك مشيرة إلى أنه لا توجد مؤشرات فورية كثيرة على أن هذه المرة ستكون مختلفة.
وقالت الصحيفة إن وسائل الإعلام الحكومية الروسية سارعت إلى التأكيد على أنه لا توجد فرصة لانهيار الكرملين تحت الضغط، وأدانت الاحتجاجات باعتبارها “موجة من العدوان” على الصعيد الوطني قد تؤدي إلى أحكام بالسجن ضد بعض المشاركين.
وذكر تقرير للتلفزيون الحكومي أن “مهاجمة ضابط شرطة جريمة جنائية” مشيرًا إلى أنه تم تصوير المئات من مقاطع الفيديو وكل وجوه المشاركين ظاهرة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية أمس السبت إنها “تدين بشدة استخدام التكتيكات القاسية ضد المحتجين والصحفيين” في روسيا.
وردت وزارة الخارجية الروسية بالقول إن الولايات المتحدة ساعدت “في تحريض العناصر المتطرفة” للانضمام إلى الاحتجاجات غير المصرح بها وأن المسؤولين الأمريكيين يتلقون رسائل بالاستياء والغضب البالغ من الدبلوماسيين الروس.
المصدر : أ ش أ