رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أنه بعد ستة أشهر من الحرب الناشبة بين أوكرانيا وروسيا، أعادت تلك الحرب تشكيل الدولتين.
وذكرت الصحيفة -في تقرير أوردته عبر موقعها الاليكتروني اليوم الأربعاء- أن ستة أشهر قد انقضوا منذ أن اجتاحت القوات الروسية، أوكرانيا، حيث زرعت تلك الحرب برية الكبرى الرعب في أرجاء أوروبا.
وأضافت أنها حرب يتعايش فيها العنف إلى جانب الحياة الطبيعية على الجبهة التي يبلغ طولها 1500 ميل ، وكذلك على بعد بضع مئات من الأميال إلى الغرب. غير أنها محددة في جزء كبير منها بالأهواء السياسية للأمريكيين والأوروبيين، الذين يمكن أن تشكل استعدادهم لتحمل التضخم ونقص الطاقة المرحلة المقبلة من الصراع.
وقالت إنه لا أحد يعرف كيف ستنتهي. فقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه “بشكل عام ، لم نبدأ أي شيء بشكل جدي بعد.” في حين قلل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -الذي شجعه شعب متحد وغرب موحد على الأغلب- من فرص التسوية وحث شعبه على عدم الانحناء.
وفي هذا الصدد، طرحت الصحيفة عدة تساؤلات قائلة، هل سيصمد الدعم الغربي بينما تستعد أوروبا لاحتمال الشتاء مع القليل من النفط والغاز الروسي؟ وهل سيصعد بوتين الحرب بعد الضربات في شبه جزيرة القرم ؟ وهل سيكون زيلينسكي قادرا على الحفاظ على تصميم أمته ضد عدو مسلح نوويا؟.
وأشارت إلى أن بوتين يسيطر الآن على حوالي 20 بالمائة من البلاد. لكن يبدو أنه أبعد ما يكون عن إعادة أوكرانيا إلى روسيا – إذ لا توجد مؤشرات تذكر على استعداده لوقف القتال.
ورصدت الصحيفة الوضع بعد نصف عام من قيام القوات الروسية بحشد القوات على حدود جارتها بتحركها ، من وجه نظر المقاتلين، وقارة أوروبا التي وصفتها بأنها غارقة في الاضطرابات.
ففي أوكرانيا ، حذر زيلينسكي أمس الثلاثاء من أن موسكو قد تسعى إلى إفساد احتفال 24 أغسطس ، الذي يحيي ذكرى انفصال البلاد عام 1991 عن الاتحاد السوفيتي ، “بشيء سيئ بشكل خاص ووحشي بشكل خاص”.
وبعد كل شيء يصادف اليوم الأربعاء أيضا ذكرى مرور ستة أشهر على العملية الروسية في أوكرانيا ، مما أسفر عن اندلاع حرب أدت إلى نزوح العديد من الأوكرانيين من ديارهم وقتل الآلاف من الجنود واضابت الاقتصاد بهزات. وحذر مسؤولون من أن روسيا قد تضرب بوابل من صواريخ كروز أو تنظم محاكمات صورية لأسرى حرب أوكرانيين في مدينة ماريوبول المحتلة.
لكن زيلينسكي قال إن السلطات الأوكرانية لم تخطط لاتخاذ احتياطات استثنائية إذا تعرضت العاصمة كييف للقصف. وقال في مؤتمر صحفي إن الحكومة الأوكرانية سترد “كما هو الحال الآن” أو في أي يوم آخر.
وعلى صعيد المواجهة مع المحطة النووية اتهم الجيشان الروسي والأوكراني بعضهما البعض بالتحضير لشن هجوم على محطة زابوريزهزيا النووية. وأصدرت الأمم المتحدة تحذيرات بشأن مخاطر وقوع كارثة نووية ودعت إلى منطقة منزوعة السلاح حول المحطة. وكذلك أدى تفجير سيارة مفخخة في إحدى ضواحي موسكو إلى مقتل ابنة مسئول روسي بارز إلى ضخ حالة جديدة من عدم اليقين في الحرب وأثارت قلق النخبة الروسية.
ونسبت الصحيفة إلى أندري زاجورودنيوك ، وزير الدفاع الأوكراني السابق : قوله إنه رغم ما حققته كيف من انتصارات إلا أن، الاقتصاد المنهك وخطر الضربات الجوية وخسائر حرب الاستنزاف يمكن أن تقوض قدرة أوكرانيا على المقاومة. وقال إنه عند مرور ستة أشهر ، فإن الاستمرارية ليست هي نفسها كالنصر أو حتى طريقا واضحا نحو تحقيقه.
ومع ذلك، فإن الوضع الطبيعي الهش يخفي الخسائر المذهلة التي ألحقتها الحرب بأوكرانيا. فقد أفاد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بأن 5587 مدنيا قتلوا وأصيب 7890 – واعترف بأن هذه الأرقام هي على الأرجح أقل من الواقع.
أما في روسيا، فإن قلة من الروس كان يمكن أن يتخيلوا في فبراير الماضي أن الرئيس فلاديمير بوتين سيأمر بعملية كاسح ةفي أوكرانيا. حتى المعلقين المؤيدين للكرملين رفضوا الفكرة ووصفوها بأنها تنطوي على مخاطرة وقاسية بلا داع. وتوقع بوتين -بكل المقاييس- أن تنتهي الحرب في غضون أيام (وفقا للصحيفة).
ولكن الآن ، بعد مرور ستة أشهر على اندلاع الحرب، لا يزال بوتين يقاتل – وانضم إليه آخرون. ونجحت حكومته في تخفيف تأثير العقوبات الاقتصادية على الحياة اليومية مع تجنب التجنيد العسكري على نطاق واسع.
ورأت نيويورك تايمز أنه يبدو أن بوتين قد استقر على خوض حرب استنزاف بينما ظل غامضا بشأن نوع الاتفاق لإنهاء الحرب الذي سيكون مستعدا لقبوله. ويتهم الغرب بأنه -من خلال شحناته للأسلحة الثقيلة المتزايدة القوة إلى كييف- يحارب روسيا “حتى آخر أوكراني” – في إصرار منه على أنه لا يزال بإمكانه الصمود أكثر من العدو.
ومضت الصحيفة تقول إن الشتاء المقبل واعتماد أوروبا على إمدادات الطاقة الروسية يشجعان بوتين على القتال حتى تظهر الانقسامات في الغرب أو ينفد الجيش والحكومة الأوكرانية. لكن أنصار الحرب يتساءلون بشكل متزايد عن هذا النهج، مستشهدين بالانفجارات في شبه جزيرة القرم والانفجار الذي قتل الصحفية دوجينا على طريق سريع في إحدى ضواحي موسكو الغنية كدليل على أن الكرملين ربما يقلل من شأن خصومه.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إنه بعد ستة أشهر من الحرب التي لا تلوح في الأفق نهاية واضحة لها، يستمر التضامن الأوروبي مع أوكرانيا على الرغم من الضغوط الكبيرة من تكلفة العقوبات الاقتصادية.
وعمل القادة الأوروبيون عن كثب مع المسؤولين الأمريكيين لمواصلة الضغط على موسكو ، إذ قاموا بتنسيق ليس فقط معاقبة العقوبات ولكن أيضا شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا. فقد أدت الحرب -التي هيمنت على اجتماعات الناتو- إلى ربط أمريكا بأوروبا بشكل أقوى من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة.
وتعليقا على ذلك قال برونو تيرتريس، وهو نائب مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس: “عليك حقا أن تنظر إلى الجانب المشرق”. لا تزال أوروبا أكثر اتحادا وفعالية مما كان يتوقعه معظمنا قبل ستة أشهر. إن قدرة واستعداد أوروبا لدعم وزيادة العقوبات على الرغم من الخلافات والتوترات العرضية هي حقائق ملموسة “.
المصدر : أ ش أ