ترفض الصين محاولات الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات مناخية أكثر صرامة، مما يشير إلى أن التوترات بين واشنطن وبكين تجعل من الصعب العمل معا في أزمة تهدد الكوكب، حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”.
وأنهى المبعوث الأمريكي للمناخ، جون كيري، زيارته التي استمرت 3 أيام للصين دون التوصل لاتفاقات جديدة مع أكبر دولة في العالم مصدرة للانبعاثات المتسببة بالتغير المناخي.
ومع ذلك، كان كيري مرتاحا من نتيجة الرحلة لمجرد استئناف محادثات المناخ والتي جمدتها الصين منذ عام بسبب التوترات السياسية والقضايا الخلافية الأخرى بين واشنطن وبكين.
وأصرّ مبعوث الرئيس بايدن للمناخ على أنه لم يشعر بخيبة أمل في النتيجة، مشيرا إلى أن مجرد استئناف النقاش كان بمثابة تقدم.
وقال كيري: “لقد أجرينا محادثات صريحة للغاية، لكننا جئنا إلى هنا لإيجاد أرضية جديدة”، مضيفا: “من الواضح أننا سنحتاج إلى مزيد من العمل”.
وتعتبر الصين مسؤولة الآن عن ما يقرب من ثلث الانبعاثات العالمية للغازات المسببة للاحتباس الحراري، أكثر من جميع الدول المتقدمة الأخرى مجتمعة.
وكان كيري يأمل في إقناع الصين بالبدء في الحد من انبعاثات الكربون في إطار زمني أسرع من التعهدات السابقة، بالإضافة إلى التخلص التدريجي من استخدامها المكثف للفحم، وهو أسوأ أنواع الوقود الأحفوري على صعيد المناخ والبيئة.
في المقابل، تمسك الرئيس الصيني، شي جينبينغ، في خطاب ألقاه بأن بلاده ستتابع أهدافها للتخلص التدريجي من التلوث بغاز ثاني أكسيد الكربون بوتيرتها الخاصة وبطريقتها الخاصة.
وبحسب الأهداف السابقة، فإن الصين أعلنت أنها ستصل إلى ذروة الانبعاثات قبل عام 2030 وستتوقف عن إضافة الكربون إلى الغلاف الجوي بحلول عام 2060.
وقال شي في كلمة ألقاها، الأربعاء: “علينا أن نتخذ قراراتنا الذاتية بالنسبة إلى المسار والوسائل ووتيرة تنفيذ (هذه القرارات)، ولا يتوقع أحد أن يكون قادرا على ممارسة أي تأثير علينا”، حسبما نقلت صحيفة “الشعب” الرسمية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني.
لكن العلماء يقولون إن الدول الصناعية بحاجة إلى إجراء تخفيضات عميقة وحادة في انبعاثات الكربون الآن لدرء الآثار الأكثر كارثية لتغير المناخ.
وردا على خطاب الزعيم الصيني، قال كيري إن الولايات المتحدة لا تفرض أي حل مناخي على الصين.
وخلال الزيارة، التقى الموفد الأميركي وكبير الدبلوماسيين الصينيين، وانغ يي، ورئيس الوزراء، لي كيانغ، بالإضافة إلى نظيره المكلف القضايا المناخية، تشي زينهوا.
وكانت المباحثات بين واشنطن وبكين في شأن المناخ توقفت العام الفائت بعد زيارة قامت بها الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، لجزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي، ما أثار استياء بكين.
واعتبر كيري أن المناقشات مع القادة الصينيين حول التوسع في استخدام الفحم كانت من بين أكثر المناقشات صعوبة.
وعكفت الصين على بناء عدد من المحطات الجديدة التي تعمل بالفحم في العامين الماضيين، مما أدى إلى استمرار استخدامها.
وحاول كيري دون جدوى حث الصين على الحد من استخدامها للفحم وتنفيذ خطة لخفض غاز الميثان، وهو أقوى الغازات الدفيئة والذي يتسرب من آبار النفط والغاز ومناجم الفحم.
ولفت خبراء إلى أن دعوة بكين لكيري للتحدث عن قضايا المناخ هي أيضا جزء من جهد أوسع لتقليل التوترات مع الولايات المتحدة بهدف تعزيز الثقة في وقت صعب بالنسبة للاقتصاد الصيني.
وقال مدير شؤون الصين السابق بمجلس الأمن القومي والأستاذ الحالي بجامعة جورج تاون، إيفان ميديروس: “من الصعب جدا بالنسبة للصين إدارة أزمة الثقة هذه إذا كانت العلاقة بين البلدين – الأكثر أهمية بالنسبة لبكين – في حالة سقوط حر”.
كما يضع شي عينه على اجتماع لقادة آسيا والمحيط الهادئ في سان فرانسيسكو خلال شهر نوفمبر المقبل، حيث قد يعقد أيضا قمة مع الرئيس الأميركي، جو بايدن.
وأضاف ميديروس إن قادة الصين “يريدون علاقة جيدة لشي جينبينغ ليأتي إلى الولايات المتحدة دون أن يشعر بالحرج”.
وتابع: “من المهم عدم المبالغة في تقدير اللحظة الحالية في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. إنها ليست انفراجة. لا تزال بعيدة عن ذلك.
المصدر: وكالات