زيارة تاريخية تلك التي قام بها الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو إلى إريتريا، فقد أنهت الزيارة قطيعة دبلوماسية بين البلدين دامت خمسة عشر عاما، ودشنت لمرحلة جديدة من العلاقات، ليس فقط بين البلدين وإنما في منطقة القرن الإفريقي.
فقد وقعت أريتريا والصومال أمس الاثنين في العاصمة أسمرة اتفاقا لإقامة علاقات ديبلوماسية وتبادل السفراء بين البلدين ، وتضمن الاتفاق الذي جاء بعنوان “بيان حول العلاقات الاخوية” عزم البلدين على إقامة علاقات ديبلوماسية وتبادل السفراء، وقعه الرئيس الاريتري اسياسي افورقي ونظيره الصومالي محمد عبد الله محمد فرماجو.
كما جاء في البيان أن “اريتريا تدعم بقوة الاستقلال السياسي والسيادة ووحدة أراضي الصومال وجهود شعبها وحكومتها من أجل استعادة مكانتها وتحقيق تطلعات شعبها”.
تعد هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس صومالي إلى إرتيريا منذ استقلالها عن إثيوبيا عام 1993، وجاءت على خلفية تلقي الرئيس الصومالي دعوة من الرئيس الإريتري، وتطلع الصومال إلى فتح صفحة جديدة وتحسين العلاقات بين البلدين اللذين تربطهما روابط تاريخية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الصومالية عبد النور محمد في تغريدة له بموقع تويتر “إن بلاده مستعدة لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع إريتريا”، مضيفا أن التعاون الدولي هو مفتاح التقدم في القرن الأفريقي.
وخلال سنوات القطيعة بين مقديشيو وأسمرة التي استمرت 15 عاماً، ظلت أسمرة رافضة للاعتراف بالحكومات المتعاقبة في الصومال، معتبرة إياها تابعة لإثيوبيا، غير أن عودة العلاقات الإثيوبية الإرتيرية مؤخرا مهدت الطريق أمام تطبيع العلاقات بين مقديشو وأسمرة.
وكانت العلاقات قد توترت بين البلدين بسبب اتهام الصومال لإريتريا بدعم حركة الشباب المجاهدين، الأمر الذي تنفيه إريتريا، وبسبب هذا الاتهام فرضت الأمم المتحدة عقوبات على إريتريا منذ 2009 شملت تجميد أصول ومنع مسؤولين سياسيين وعسكريين من السفر، بالإضافة إلى حظر على الأسلحة.
مرحلة جديدة للقرن الإفريقي
ما حدث من تقارب واستئناف للعلاقات بين كل من أثيوبيا وإريتريا مؤخرا ثم بين الصومال وإريتريا بعد زيارة الرئيس الصومالي لإريتريا أمس ، يؤكد أن منطقة القرن الإفريقى التى تضم الدول الثلاث تشكل أحد المداخل الإستراتيجية المهمة للبحر الأحمر، تشهد حالياً ميلاد مرحلة استقرار جديدة، تنهى عقدين كاملين من الحروب والصراعات التى استنزفت دول المنطقة.
وإذا كانت المصالحة التاريخية بين أثيوبيا وإرتيريا دشنت بداية مسار جديد للأمن والتنمية في القرن الأفريقي، وأوجدت حالة من الرغبة في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة شرق إفريقيا عامة، فإن المصالحة التاريخية كذلك بين الصومال وإريتريا بعد 15 عاماً من القطيعة جاءت لتكمل مثلث الاستقرار والتنمية في القرن الإفريقي.
وكشف لقاء القمة بين الرئيس الاريتري اسياسي افورقي ونظيره الصومالي محمد عبد الله محمد أمس الاثنين ، ومن قبله لقاء القمة بين الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، في أسمرة في الثامن من يوليو الجاري، عن توجه استراتيجي حقيقي في الفترة القادمة يمكن أن يسود هذه المنطقة، ويمكن أيضا أن يكون نموذجا يؤطر لعلاقات افريقية افريقية راسخة، يدفع نحو بناء الأوطان والشعوب بديلاً عن التوترات السياسية والصراعات المسلحة.
وباستقراء تطورات الأحداث، فإن أسمرة باتت هي نقطة البداية لتدشين التوجه الجديد نحو إشاعة مناخ الأمن والاستقرار في القرن الإفريقي، بما يعود بالمصلحة والنفع على شعوب القارة برمتها، كما أن شهر يوليو 2018 سيكون شهر المصالحات التاريخية بين دول مثلث القرن الإفريقي.
ووفقاً لخبراء الشأن الإفريقي، فإن ثمة خريطة جديدة يتم رسمها للقرن الإفريقى الذى مزقته الحروب والصراعات الداخلية على امتداد عقود طويلة، كان لها تأثيرها السلبى على الأوضاع فى الصومال وجنوب السودان، وصولاً إلى تشاد، وكان لها تأثيرها السلبى على أمن البحر الأحمر حيث نشطت عصابات القراصنة التي تهدد أمن الملاحة فى مداخل البحر الأحمر.
يبقى القول أن تصالح الصومال وإريتريا ومن قبله التصالح بين إثيوبيا وإريتريا، سوف يعمل على تعزيز استقرار وأمن دول القرن الإفريقى، وتعزيز أمن البحر الأحمر، وتحسين علاقات أسمرة مع محيطها الإفريقي والعربي والعالمي، بما يحقق المصالح الاستراتيجية العليا لمنطقة من أهم المناطق الاستراتيجية في العالم وهي القرن الإفريقي.
المصدر : أ ش أ