ينطلق مؤتمر ميونيخ للأمن، يوم الجمعة القادم، ويستمر 3 أيام حتى الأحد، وبمشاركة 35 رئيس دولة وحكومة، ونحو مئة وزير، وقادة الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلنطي «الناتو» والاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، والرئيس الأوكراني.
وسيفتتح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش المؤتمر، الذي سيقام تحت إجراءات مشددة منها ضرورة إجراء اختبار سلبي لفيروس كوورنا يومياً للمشاركين، والذين يتوجب أن يكونوا قد حصلوا على تطعيمات كاملة.
كما سيكون المؤتمر أول فرصة دولية لتقديم الحكومة الألمانية الجديدة بوزرائها بعد الانتخابات الأخيرة بقيادة المستشار أولاف شولتس.
وينظر رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن، السفير فولفجانج إيشنجر، بقلق شديد إلى الوضع العالمي الحالي، ومن المقرر أن يسلم إدارة المؤتمر خلال فعالياته إلى مستشار ميركل السابق في العلاقات الأمنية والخارجية، كريستوف هيوسجن، كما أعلن تفاصيل التقرير السنوي المعتاد للمؤتمر، والذي يحمل هذا العام عنوان «تحول المد.. عدم القدرة على تعلم العجز 2022».
ويسرد التقرير بدقة معظم التهديدات الحالية؛ من الحرب المحتملة في أوكرانيا، وفشل الغرب في أفغانستان ومالي، وحتى جائحة كورونا التي لم يتم التغلب عليها بعد، والتغير المناخي، والتوترات الجيوسياسية المتزايدة مع الصين.
وقال إيشنجر في مؤتمر صحفي، أن مؤتمر ميونيخ يأتي في توقيت خطير وحرج للغاية، حيث أصبحت السيناريوهات قاتمة بشكل متزايد في الأيام الأخيرة، معبراً عن أمله في إمكانية تجنب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أمله ألا يكون ساذجاً لاعتقاد ذلك.
وتحدث عن أنه يعلق أهمية كبيرة على زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس إلى كييف وموسكو، الثلاثاء، وقال «ما زلت آمل أنه نتيجة لهذه الزيارة، قد يقرر الجانب الروسي مواصلة المحادثات».
ونوه إلى أنه أرسل دعوات لسياسيين روسيين رفيعي المستوى، لحضور المؤتمر الأمني، منهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، إلا أنها قوبلت بالرفض.
وقال «لم أفقد الأمل تماماً في إمكانية أن ترسل روسيا ممثلاً عنها لإجراء محادثات معها في المؤتمر، بدلاً من أن تكون المحادثات عنها في غيابها»، ورفض مزاعم موسكو بأن المؤتمر سيتحول إلى «منتدى مناهض لروسيا».
وتطرق تقرير المؤتمر إلى الشعور العام في الديمقراطيات الغربية وخاصة ألمانيا بالتراجع والعجز المتزايد في وجه الأزمات الكبيرة في العالم.
وقال مدير الأبحاث في مؤتمر ميونخ للأمن، توبياس بونده، في التقرير السنوي «الأزمة الروسية- الأوكرانية نموذجاً لذلك، فالزيادة في الأزمات بشكل عام تسير جنباً إلى جنب مع زيادة ملحوظة في فقدان السيطرة».
ولفت إلى عدد من الأزمات، مثل جائحة كورونا، والعديد من الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وأشار إلى أنه قد خابت آمال المجتمع الدولي في تحقيق الاستقرار في مناطق الأزمات على المدى الطويل ومنها في أفغانستان.
وحذر إيشنغر من أنه إذا قبلت ألمانيا وأوروبا والعالم الغربي مصيرهم، ولم تعد تحاول تغيير أي شيء، فإن الأمور ستبدو سيئة على كوكب الأرض، مشيراً إلى أنه إذا كان من الممكن نزع فتيل الأزمة الروسية- الأوكرانية، فمن المؤكد أن هذا من شأنه أن يبطل الشعور بالعجز.
وتوصل الباحثون في تقرير المؤتمر السنوي الجديد، إلى نتيجة مثيرة للقلق، مفادها أن المواطنين في بلدان عديدة، يواجهون مخاطر متزايدة، ويشعرون في الوقت نفسه بأن بلادهم لم تعد قادرة على التحكم في الأحداث العالمية.
وأجرى التقرير استطلاعاً للرأي ضم 12 ألف شخص، في عدة بلدان حول العالم، أكد فيها الكثيرون بنسب مختلفة، عجز بلادهم عن التأثير فيما يجري في العالم من حولهم، ففي حين أن أكثر من نصف الذين شملهم الاستطلاع يشعرون بالعجز في البلدان الخاضعة للحكم الديمقراطي، فإن الرقم يزيد على 40 % في الدول الاستبدادية.
وأكد التقرير أنه مثلما يعاني الكثير من الناس «العجز المكتسب»، فإن المجتمعات أيضاً تعتقد أنها لم تعد قادرة على التعامل مع التحديات التي تواجهها، وخاصة الديمقراطيات الليبرالية التي تشعر بالإرهاق بشكل خاص.
وقال إيشينجر إن الشعور بالعجز ينتشر في أوروبا، على الرغم من قوتها الاقتصادية الكبيرة، كما انتقد أن المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية أصبحت أقل أهمية، وقال «لم يعد يُنظر إلى المنظمات الدولية على أنها لا غنى عنها عندما يتعلق الأمر بإحداث تغيير إيجابي أو إضافة أي قيمة».
ومن جانبه أكد رئيس قسم السياسة الدولية والخارجية بجامعة كولونيا، البروفيسور توماس ياجر أن مؤتمر ميونيخ للأمن 2022 يعتبر نسخة ذات أهمية خاصة، ولذلك وجد القائمون عليه ضرورة أن يكون بالحضور الشخصي، بخلاف العام الماضي، ورغم زيادة أعداد الإصابات بفيروس كورونا حالياً.
وفي تصريحات خاصة قال «هناك أزمات كثيرة وخطيرة للغاية، يتعين على صانعي القرار والاستشاريين التحدث عنها مباشرة، ومع ذلك، لن يتم مناقشة التهديد الأكبر للسلام في العالم حالياً إلا بشكل غير مباشر، لأن روسيا رفضت الاشتراك في المؤتمر، وترغب في ذلك بتوصيل رسالة مفادها أنها ليست مهتمة بالحوار، وخاصة أن هذا المؤتمر من أهم الأحداث في قضايا الأمن الدولي».
وأضاف «القضايا العربية ومنها الوضع السوري وغيرها، ليست في دائرة اهتمام المؤتمر بقوة هذا العام، حيث سيركز على تهديد الحرب في أوكرانيا، أما النظر لقضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تعتبر أيضاً مهمة من منظور أوروبي، سيكون غير متعمق.. في الوقت الحالي، يتركز كل الاهتمام على ما يقرره الرئيس بوتين، الحرب أم لا».
وأكد تقرير لموقع «تاغس شاو» أنه سيتعين على المستشار الألماني شولتس في المؤتمر، تحمل انتقادات من الحلفاء الذين يجدون نهج ألمانيا تجاه الأزمة الأوكرانية متردداً وغامضاً للغاية، وتطرقهم لخط أنابيب (نورد ستريم 2).
المصدر: وكالات