ذكرت “ميليتري ووتش” الأمريكية أن الضربات الجوية، التي انطلقت في وقت مبكر من صباح الأمس استهدفت العديد من البنية العسكرية الأساسية لأوكرانيا ودفاعاتها الجوية والمطارات والطائرات الحربية، مبينة أن مواقع الدفاع الجوي الأوكراني تم القضاء عليها في أقل من ثلاث ساعات، حسب مصادر رسمية روسية.
وأفادت المجلة أن نوعية العتاد العسكري المستخدم في الهجمات الروسية الأولى على أوكرانيا لا زالت غير معروفة على وجه التحديد، غير أن الخبراء تكهنوا قبل فترة أن يكون للمقاتلات الهجومية “سوخوي-34″، التي يطلق عليها “بط الجحيم”، دورٌ محوري في حال اندلاع صراع مسلح وبمساندة مروحيات هجومية من طراز “كا-52”.
وتقول المجلة، المتخصصة في الشؤون العسكرية، إن انهيار الدفاع الجوي الأوكراني واستباحة الطيران الروسي للأجواء الأوكرانية في زمن قصير وبسهولة يعد فشلاً غير مبرر، خصوصًا أن أوكرانيا التي تفتقر لمقاتلات حربية هجومية أو اعتراضية متطورة، تعتمد بصورة مكثفة على منظومات الدفاع الجوي الأرضية، كما أن لديها ميزانية دفاع قوامها 4 مليارات دولار، فضلًا عن حالة التأهب القصوى التي ظلت عليها القوات الأوكرانية منذ أكثر من شهرين بسبب التوترات مع روسيا على مدار الفترة الماضية.
وأضافت: لا شك أن تقييم أسباب تحييد الدفاعات الجوية الأوكرانية بهذه السرعة يعكس مدى قوة العتاد العسكري الذي استخدمته روسيا لتنفيذ تلك الضربات، علاوة على أنه يعطينا تصورًا عن الاستثمارات المحتملة للبلدان الأخرى المهددة بالتعرض لهجمات جوية مستقبلية وسبل تلافي آثارها، على حد تأكيد “ميليتري ووتش”.
وتابعت: وبعيدًا عن منظومات الدفاع الجوي القصيرة للغاية المحمولة للأفراد، فإن شبكات الدفاع الجوي الأوكراني تتضمن نظمًا دفاعية يعود تاريخ إنتاجها إلى الحقبة السوفييتية التي ورثت روسيا مثلها من الاتحاد السوفييتي، وهو أمر يؤكد مدى اعتياد الروس عليها ومعرفتهم بخصائصها وطرق أدائها ونقاط ضعفها، ومن ثم يجعل من السهولة بمكان على روسيا استخدام أساليب الحرب الإلكترونية لتضليل وتعمية الدفاعات الجوية الأوكرانية أثناء مراحل الحرب المفتوحة بين الجانبين.
وتسرد المجلة إمكانات الدفاع الجوي الأوكراني، مبينة أن كييف لم يكن لديها سوى نظام دفاع جوي طويل المدى وحيد ورثته من الاتحاد السوفييتي، وهي منظومة “إس-200” التي خرجت من الخدمة وتعرضت للتكهين نظرًا لتقادمها وافتقارها للحركية ما يجعلها أكثر عرضة لضربات الصواريخ الموجهة عن بعد، كما أن منظومات أخرى أكثر قدماً مثل “إس-75″، التي سبق تحديثها للاشتباك مع أهداف عن بعد وعلى ارتفاعات أعلى خرجت أيضاً من الخدمة.
وأعادت أوكرانيا استخدام وتأهيل منظومة الدفاع الجوي “إس-125” في عام 2020 بعد أن أحالتها سابقاً إلى التكهين، وهي طرازات يعود إنتاجها إلى عام 1961 وتفتقر إلى قدرتها الحركة، ويعكس قرار كييف إعادة استخدام تلك المنظومات الدفاعية الجوية المتقادمة افتقارها الشديد للقدرة على الحصول على بدائل متطورة أخرى.
وتمثل بطاريات صواريخ “إس-300” بنوعياتها “بي” و”بي إس” و”بي تي”، العمود الفقري لمنظومات الدفاع الجوي في أوكرانيا، وهي طرازات يرجع تاريخها إلى ثمانينيات القرن الماضي، أي قبل ما يزيد على 40 عاماً، وتساندها نظم أقصر مدى من طراز “باك-إم1” وتعود إلى الحقبة ذاتها.
ورغم أن نظم صواريخ “إس-300” تحظى بسمعة واسعة عالمية كمنظومة رائدة تقوم روسيا بإنتاجها حتى وقتنا الراهن، فإن بطاريات الصواريخ الأوكرانية من هذا الطراز لم تصمم كدفاعات جوية لمناطق اشتباك واسعة النطاق، كما أنها تفتقر لقدرات استهداف الطائرات على ارتفاعات متعددة، ولديها قدرات محدودة لتحديد مواقع الأهداف.
وترى “ميليتري ووتش” أن محدودية حركة تلك المنظومات وتقادم تجهيزاتها للحرب الإلكترونية جعلتها فريسة سهلة للعتاد الجوي الروسي المتطور الذي استخدمته لتحييد الدفاعات الجوية الأوكرانية مثل المقاتلات الهجومية الثقيلة “سوخوي-34” المزودة بقاذفات وصواريخ موجهة مضادة للإشعاعات والرادارات.
وأفادت تقارير سابقة بأن جانبا من بطاريات صواريخ “إس-300” الأوكرانية بيعت للولايات المتحدة الأمريكية لأغراض اختبارية، فيما بيعت منظومات “باك-إم1” الأقصر مدى إلى جورجيا، وهو ما يعني أن شبكة الدفاعات الجوية الأوكرانية من تلك المنظومتين اللتين لم تتعرضا للتكهين محدودة وتقل عما كان عليه الوضع أثناء الاتحاد السوفييتي السابق.
وتؤكد المجلة الأمريكية أن الجيش الروسي بتدريباته على مواجهة منظومات دفاعية متطورة تملكها الدول المتقدمة فضلاً عن حيازته لمنظومات دفاع جوي تعد بين الأفضل عالمياً، سيكون من السهل عليه مواجهة أوكرانيا، الدولة الصغيرة نسبياً بدفاعاتها المتهالكة التي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، وسيصبح قادراً على تحييد تلك الشبكة في غضون ساعات قليلة، ولا شك أن سعي أوكرانيا لإعادة بناء دفاعاتها الجوية بعد انتهاء النزاع الراهن سيعتمد بقوة على ما ستؤول إليه الأوضاع سواء تمكنت أوكرانيا من الخروج من الصراع لتواصل موالاتها للمصالح الغربية أم أنها ستنحاز إلى ما تقرره الحكومة الروسية.
وألمحت المجلة إلى مسؤولية حلف “الناتو” في ذلك الإخفاق، مؤكدة أن أعضاء الحلف لم يستثمروا بالشكل الكافي لتزويد أوكرانيا بمنظومات أرضية للدفاع الجوي بوجه عام، معتمدين بشدة على الطائرات لأداء تلك المهام، وهو أمر قلص من قدرة الحلف على دعم جهود أوكرانيا لتحسين دفاعاتها الجوية على مدار ثماني سنوات تولت فيها حكومة موالية للغرب الحكم في البلاد.
المصدر: وكالات