رأت الكاتبة السياسية التركية بارجين يينانج أن الشعبويين والقوميين الألمان والأتراك باتوا يدعمون بعضهم.
واستهلت يينانج مقالها في صحيفة حريت التركية، بالإشارة لرفض فئة من المجتمع البريطاني استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المملكة المتحدة. وقد نشرت عريضة على الإنترنت حملت توقيع مليون بريطاني يطالبون بمنع إتمام تلك الزيارة الرسمية. ولا تنوي رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، سحب دعوتها للرئيس الأمريكي، لأنها تتماشى مع المصالح الوطنية” بحسب الصحافة البريطانية.
وتقول الكاتبة إنها لا تدري ما إذا كانت ماي تحب ترامب أم لا، ولكنها تدرك أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، تكره الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وفي الواقع، ليس من المبالغة القول إن إردوغان يعتبر من أكثر الشخصيات المكروهة في ألمانيا. ولكن، وبحسب يينانج، كان الهدف وقف المهاجرين عند الحدود التركية، ومنعهم من الوصول إلى ألمانيا لأن ذلك يحقق “مصلحة وطنية”، ما جعل ميركل لا تتردد عن التحدث إلى إردوغان، وعن القيام بزيارات عدة إلى تركيا.
ولكن خلافاً لماي، تواجه ميركل انتخابات هذه السنة. ويشكل وقف المهاجرين مصلحة لحزبها، الذي كان هدفاً لانتقادات متصاعدة جراء سياستها للباب المفتوح.
ورغم كون الاتفاق الذي توصلت إليه المستشارة الألمانية مع تركيا، قد نجح في الحد من تدفق للمهاجرين نحو ألمانيا، إلا أن الشعب الألماني مستاء من ميركل لكونها توصلت إلى صفقة مع من يعتقدون أنه يحكم تركيا بقبضة من حديد. وقد تعززت فكرة الشعب الألماني عن إردوغان كزعيم مستبد، بشكل خاص في عام 2016، بعد وقوع الانقلاب الفاشل في يوليو(تموز)، وحملة التطهير التي مارستها الحكومة التركية، والتي وجدوا أنها لم تستهدف الغولنيين وحسب، بل جميع المعارضين في تركيا. كما يعتقد هؤلاء أن التصويت بـ ” نعم” في الاستفتاء سوف يقوي إردوغان، ويضمن له حكم الرجل الأوحد الذي يطمح إليه.
ونتيجة له، تقول يينانج، يرفض الألمان حضور إردوغان أو أي من وزرائه للاجتماع بأتراك يقيمون في ألمانيا، لأجل الترويج لحملته، وخاصة في هذا الوقت الذي يشعرون فيه بغضب شديد بسبب اعتقال الصحفي دينيز يوجيل، الألماني ـ التركي. وترى الكاتبة أن ميركل عالقة في ورطة. فإذا هاجمت إردوغان، ستحظى بدعم ناخبين كثر. ولكن في تلك الحالة، قد يعمد إردوغان لتعليق اتفاق اللاجئين، ما قد يقود لأزمة لجوء جديدة عند أبواب ألمانيا، ويقضي على شعبيتها.
وعند العودة لتصريحات الوزير التركي لدى الاتحاد الأوروبي، عمر جيليك، تبدو أنقرة مقتنعة بأن برلين تقف خلف حظر السلطات المحلية لإقامة تجمعات انتخابية كان وزراء أتراك راغبين بعقدها. فهل شجعت ميركل، من وراء الكواليس، سلطات محلية لمنع تلك التجمعات، ثم حملتهم المسؤولية؟
ولكن يينانج ترى أنه أياً أي كان وراء تلك القرارات، فهو يرتكب خطأ كبيراً إذا اعتقد أن إردوغان تعلم درساً، وأن النتيجة لن تتطابق مع نيته. وعلى عكس ذلك، ربما يكون فرحاً الآن لأن الألمان منحوه فرصة مفيدة لانتقادهم، ما يرفع دوماً مستوى شعبيته. وتشير الكاتبة لقول بعضهم إن “على إردوغان أن يدرك أن لأفعاله نتائج”. ولكن إن كان الألمان يريدون أن تكون هذه النتائج مؤثرة، وإن كانوا حقاً يريدون إيصال رسائلهم، كالمطالبة بإطلاق سراح دينيز يوجيل، فإن الطريقة لتحقيق تلك الغاية لا تتم عبر منع إردوغان من القدوم إلى ألمانيا، وإبقائه ضمن عرينه محاطاً بمئات من المستشارين ورجال الأمن.
وتؤكد الكاتبة مجدداً أن تركيا ما زالت تعيش في حالة حكم طوارئ. فهل يريد الألمان إسماع أصواتهم في الداخل التركي؟ وهل يستطيعون مثلاً، تنظيم تظاهرات في تركيا لصالح الصحفي دينيز يوجيل؟. هل ثمة وسيلة أفضل لإيصال رسالتهم؟ أم من الحكمة القول إنه” ليس مرغوباً في ألمانيا الاستماع لخطب سياسية يلقيها أعضاء من حكومة إردوغان”، كما فعل جورغين هاردت، المتحدث باسم السياسة الخارجية للحزب الديموقراطي المسيحي، وصديق ميركل؟.وتسأل يينانج: “هل يهتم هاردت حقاً لأمر يوجيل أو أي صحفي تركي آخر يقبع حالياً في السجون؟ ربما نسي هؤلاء أن ألمانيا غير محصنة من ساسة شعبويين. كل ما يجري عبارة عن مهزلة والشعبويون في كل من ألمانيا وتركيا يدعمون اليوم بعضهم الآخر”.
المصدر: وكالات