بعد مخاض عسير هدد مستقبلها السياسى وزعزع الثقة فى احتفاظها بمنصبها الذى دام لأكثر من 12 عاما، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مساء أمس الأول (الأحد) قائمة مرشحيها لـست حقائب ومناصب وزارية من المقرر أن يشغلها حزبها الديمقراطى المسيحى في الحكومة الجديدة المحتملة .
وانتصرت ميركل فى ترشيحاتها لتلك الحقائب للمرأة والشباب ، فجاء ترشيحها لأربع سيدات لتقلد مناصب مهمة ومؤثرة في أعلى قمة الهرم السياسي في ألمانيا، وهن النائبة بالبرلمان “البوندستاج ” انيا كارليتسك وزيرة للتعليم والبحث العلمي، والسياسية بالحزب يوليا كلوكنر وزيرة للزراعة، و السياسية هيلنا براون في منصب رئيسة لديوان المستشارية، إلى جانب الإبقاء على ارسولا فون دير لاين كوزيرة للدفاع، ومن الشباب رشحت وبيتر التماير (رئيس ديوان المستشارية الحالي) وزيرا للاقتصاد، والسياسي المحافظ ينس شبان أكبر معارضيها داخل حزبها وزيرا للصحة، في محاولة منها لكبح المعارضة المتزايدة داخل الحزب للتفرغ للمعارضة الخارجية.
ويشكل الحزب الديمقراطي المسيحي بزعامة ميركل، مع الحزب الاجتماعي المسيحي بزعامة ارنست زيهوفر، تحالف الاتحاد المسيحي، أقوى كتلة سياسية في البلاد ، وبموجب اتفاق الائتلاف الحاكم الذي توصل إليه الاتحاد المسيحي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) في 7 فبراير الحالى، حصل حزب ميركل على لـ6 حقائب ومناصب وزارية ، فيما حصل “الاجتماعي المسيحي” على عدد من الوزارات أبرزها الداخلية، وحصل الاشتراكيون الديمقراطيون على وزارت العمل والمالية والخارجية والأسرة ، وسيصوت حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، على الائتلاف يوم الاثنين القادم، في عملية تبدو محض شكلية، بعد بادرة المستشارة الأخيرة حيال ضم معارضيه في صفوفه.
وتعد تلك الترشيحات المحاولة الأخيرة للمستشارة الألمانية انجيلا ميركل للحفاظ بمنصبها الذى تولته منذ انتخابها رئيسة للحزب في عام 2005 ، كما تعد هذه الأزمة أخطر أزمة سياسية تواجه ميركل خلال 12 عاما تقلدت فيها منصب المستشارة الالمانية، وتتمثل الازمة فى فشل المفاوضات لتشكيل حكومة المانية جديدة، بما يشكل زلزالا سياسيا من الممكن أن يؤدي إلى إنهاء حياتها السياسية، حيث يتوقع العديد من المعلقين ووسائل الإعلام والخبراء السياسيين نهاية المستشارة الألمانية المخضرمة، حيث لا يوجد ضامن لنتائج الانتخابات في ظل تقدم اليمين المتطرف والنجاح الذي حققه حزب البديل من أجل ألمانيا ودخوله بقوة إلى مجلس النواب، مما أدى إلى تفكك المشهد السياسي في البلاد وإلى مجلس نواب بلا أغلبية واضحة .
وتكمن نقاط الخلاف بين ميركل والحزب الاشتراكي وداخل حزبها المسيحى أيضا فى السماح للمهاجرين بدخول البلاد، وقوانين التأمين الصحي و العمل، وفي حال فشلت المحادثات مع الحزب الاشتراكى الديمقراطى بشأن تشكيل حكومة ائتلافية ، ستلجأ ألمانيا لأحد خيارين لم تلجأ اليهما منذ الحرب العالمية الثانية، وهما إن تضطر ميركل إلى تشكيل حكومتها الرابعة دون أغلبية، أو القبول بتنظيم انتخابات جديدة يصعد فيها اليمين المتطرف لسدة الحكم ، وبهذا تنتهى “حقبة ميركل ” .
وبترشيحاتها تلك تكون ميركل قد ألقت بالكرة في ملعب الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي لم يحدد حتى الآن رسميا أسماء الشخصيات الست التي ستشغل الحقائب الوزارية الممنوحة له، وأرجأ الإعلان الرسمي عن وزرائه لحين انتهاء الفترة المحددة لتصويت أعضاء الحزب على المشاركة في الحكومة المقبلة، والذي بدأ في العشرين من شهر فبراير الحالى ويستمر حتى الثانى من شهر مارس المقبل ، على أن تعلن النتائج بعد ذلك بيومين .
وفي حال صوتت قواعد الحزب “الاشتراكي الديمقراطي” بالموافقة على اتفاق الائتلاف الحاكم، سيتم تشكيل الحكومة الجديدة وتبدأ عملها،، وبذلك ينتهى الوضع المتأزم منذ أكثر من 4 أشهر، أى منذ فوز حزب ميركل في الانتخابات التشريعية الأخيرة غير محقق الأغلبية اللازمة التى تمكنه من تشكيل الحكومة بمفردة ، وذلك بسبب تقدم اليمين المتطرف المعادي للاجئين .
وفى حال جاءت النتيجة برفض الائتلاف ستجرى انتخابات تشريعية مبكرة، يخوض خلالها حزب ميركل الانتخابات بدونها، وبذلك يسدل الستار على مسيرتها السياسية، وتدخل ألمانيا فى حالة شلل سياسي، و ما يقع على عاتق ميركل حاليا هو مهمة مواجهة المخاوف التي تغذيها الأحزاب المتطرفة في المجتمع الألماني، وبث الطمأنينة داخل نفوس المواطنين الذين يشعرون بالخوف من أن تؤدى الزيادة فى أعداد اللاجئين إلى التأثير على هوية الوطن، حيث أن دمج اللاجئين واستيعابهم داخل المجتمع الألماني متعدد الثقافات والديانات، أمر ليس بالسهل خاصة مع وجود معارضين للمهاجرين داخل البرلمان الألماني .
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)