يشهد تجار المجوهرات في مناطق آسيا والشرق الأوسط تحديات كبيرة؛ نتيجة لانخفاض اللمعان في معروضاتهم، حيث يتسابق العملاء لبيع مجوهراتهم القديمة والعملات الذهبية، وذلك مع استمرار أسعار الذهب في الوصول إلى مستويات قياسية.
وفي حال استمرت هذه الوتيرة من البيع، قد يؤدي ذلك في النهاية إلى تقليص الواردات إلى الأسواق الكبرى، مما قد يساهم في تهدئة وتيرة ارتفاع أسعار الذهب، وفقًا لتجار التجزئة وخبراء صناعة الذهب بحسب ما نشرته صحيفة (ستريتس تايمز) السنغافورية عبر موقعها الإلكتروني.
وكان قد وصل سعر الذهب الفوري إلى أكثر من 3,000 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخ 14 مارس، واستمر في الارتفاع الأسبوع الماضي ليحقق زيادة سنوية تجاوزت 15%، مدفوعًا بمزيج قوي من التوترات السياسية والاقتصادية وعدم اليقين المالي.
وجاء هذا الارتفاع المذهل في الأسعار بعد زيادة تقدر بنحو 30% في عام 2024، وقد دفع ذلك إلى زيادة نشاط تجار الذهب المستعمل، خصوصًا في “زافيري بازار”، أكبر سوق للسبائك في الهند، حيث شهد السوق تدفقًا كبيرًا من البائعين.
ومن جانبه، أشار السيد بريان لان، المدير التنفيذي لشركة “جولد ييلفر سنترال” في سنغافورة، إلى أن العديد من المحلات التجارية قد تم افتتاحها مؤخرًا في منطقة “تشاينا تاون” لبيع الفضة المطلية بالذهب.
وقال: “لقد شهدنا بعض العملاء الذين يبحثون في منازلهم عن مجوهرات قديمة أو تالفة، ثم يعيدونها لتصفيتها وبيعها”، مشيرا إلى أن هذه الاتجاهات تسلط الضوء على التوازن الحساس بين الذهب كسلعة ثقافية تقليدية وبين قيمته كأصل مالي يعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات.
وفي الهند، ارتفعت أسعار الذهب المحلية أكثر من 32% منذ أن قامت الحكومة بتخفيض الرسوم الجمركية في يوليو الماضي، ليصل السعر إلى مستوى قياسي بلغ 89,796 روبية لكل 10 جرامات.
وقال بريثيراج كوتاري، رئيس رابطة تجار السبائك والمجوهرات الهندية، في هذا السياق: “إذا استمرت الأسعار على هذا المستوى طوال العام، فإن الطلب في الهند قد ينخفض بنسبة تزيد على 30% في عام 2025”.
وأضاف: “يجد المشترون صعوبة في مواكبة الزيادة الكبيرة في الأسعار، في حين أن ميزانياتهم لا تنمو”.
وعلى الرغم من أن موسم الزفاف في الهند في أوجه، إلا أن العديد من تجار المجوهرات يشهدون انخفاضًا كبيرًا في حركة الزبائن بنسبة تقل عن نصف المعدل المعتاد.
أما في أسواق أخرى في آسيا، فقد تراجعت الطلبات على المجوهرات الذهبية أيضًا، مع وجود عدد أكبر من البائعين مقارنة بالمشترين.
وفي الصين، استمر ضعف الطلب على الذهب في عام 2024، حيث يفرض التجار علاوات إضافية على الحرفية، في حين يفضل الناس الذين يرغبون في
امتلاك الذهب المادي شراء العملات الذهبية أو السبائك بدلاً من المجوهرات.
وفي أسواق المجوهرات بالشرق الأوسط، كان هناك أيضًا تراجع ملحوظ في الطلب على الذهب، بحسب تاجر سبائك في دبي، الذي أشار إلى أن “الكثير من السياح الهنود الذين كانوا يتسوقون في دبي لتجنب الضرائب الجمركية، أصبحوا يترددون الآن في شراء الذهب”.
وفي الإمارات العربية المتحدة، حيث يشكل الذهب جزءًا كبيرًا من الطلب، قال السيد أندرو نيلور، رئيس قسم الشرق الأوسط والسياسات العامة في مجلس الذهب العالمي، إن حوالي 60% من الطلب على الذهب في البلاد مخصص للمجوهرات.
وأضاف: “عندما ترتفع الأسعار، يميل المستهلكون إلى شراء منتجات ذات أوزان أقل، لكن بياناتنا تظهر أن قيمة المجوهرات المشتراة قد ارتفعت رغم انخفاض الكميات”.
مع اقتراب المستقبل، يقول المحللون إن التوقعات لطلب المجوهرات تبدو قاتمة، إلا أن الطلب على الذهب كاستثمار سيظل قويًا على الأرجح.
المصدر : أ ش أ