بعد الشلل الذي أصاب مشروعه الضخم للإنفاق الاجتماعي والبيئي المفترض أن يمكّن الولايات المتحدة من مواجهة تحدّيات القرن الحادي والعشرين، بمعارضة سناتور ديمقراطي الخطة، وإزاء عجزه عن احتواء التفشي المتسارع لكوفيد-19، بدت يوم الإثنين رئاسة جو بايدن التي لم تكمل بعد عامها الأول أمام مأزق كبير.
ولم يرد بايدن شخصيا على النكسة التي تعرّض لها مشروعه الضخم برفض السناتور الديمقراطي جو مانشين، في نهاية الأسبوع، دعم الخطة الاستثمارية ”إعادة البناء بشكل أفضل“ البالغة قيمتها 1,75 تريلون دولار، التي يفترض أن تمكّن الولايات المتحدة من مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين على غرار التغيّر المناخي والمنافسة الصينية.
وسعى زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى رفع معنويات أعضاء حزبه، متعهدا عرض المشروع الذي يشكل أحد أركان أجندة سيد البيت الأبيض، على التصويت في المجلس.
وقال شومر: ”سنصوّت على نسخة منقّحة من مشروع قانون إعادة البناء بشكل أفضل الذي أقره مجلس النواب، وسنستمر بالتصويت إلى أن يتحقق شيء ما“.
لكن لم يتّضح كيف يمكن إقرار المشروع بافتقاد الديمقراطيين صوت سناتور وست فرجينيا في مجلس تتوزع المقاعد فيه مناصفة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وكان مانشين قد أعلن يوم الأحد في تصريح لشبكة ”فوكس نيوز“ أنه يعارض مشروع القانون الذي ينص على إصلاحات كبرى على صعيد الرعاية الصحية والهجرة والمناخ والتعليم.
كذلك أعلن الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ الذين دعموا مشروع الرئيس للبنى التحتية أنهم لن يدعموا ”إعادة البناء بشكل أفضل“، معتبرين أن هذا المشروع سيدفع الولايات المتحدة نحو ”الاشتراكية“.
وفي حين آثر بايدن الصمت، أصدرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي بيانا لاذعا انتقدت فيه مانشين واتّهمته بـ“الإخلال بالتعهدات التي قدّمها للرئيس“ وبـ“تغيير موقفه بشكل مفاجئ وغير مبرر“.
ومع تراجع شعبيته إلى نحو 40 بالمئة، بات الرصيد السياسي لبايدن في الحضيض بعد أقل من عام على توليه الرئاسة، وقبل أقل من عام من انتخابات منتصف الولاية التي من الممكن جدا أن يخسر فيها الديمقراطيون الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ.
وبذل بايدن السناتور المخضرم السابق الذي يعتبر نفسه سيدا للعبة التشريعية، جهودا شخصية لإقناع مانشين بدعم خطته، مثيرا في ذلك غضب الجناح التقدمي في الحزب الديموقراطي.
وبقدر ما بدا بايدن عاجزا في مواجهة سناتور يمثل ولاية صغيرة لا يتخطى عدد سكانها 1,7 مليون نسمة، بدا قليل الحيلة إزاء موجة تفش جديدة لكوفيد-19 في بلاد تخطّت حصيلة وفياتها من جراء فيروس كورونا 800 ألف شخص.
وحذّر مستشار البيت الأبيض للأزمة الصحية أنتوني فاوتشي من أن الشتاء المقبل سيكون بالغ الصعوبة مع تسبب المتحوّرة أوميكرون بتسارع وتيرة الإصابات عالميا.
وقال فاوتشي أن أوميكرون ”ستجعل الأسابيع والأشهر المقبلة قاسية“.
وتلقى أكثر من 70 بالمئة من سكان الولايات المتحدة جرعة لقاح واحدة على الأقل، وفق المركز الأميركي لمراقبة الأمراض والوقاية منها، وبحسب فاوتشي لا يزال 50 مليونا غير محصّنين.
وتسجّل نسب إشغال المستشفيات ارتفاعا كبيرا، فيما تتشكل أمام مراكز الخضوع للفحوص طوابير انتظار طويلة، في حين تلغى أحداث رياضية وترفيهية، ما يفاقم الأزمة التي تواجه بايدن الذي انتخب على خلفية تعهد بالانتصار على الفيروس وحماية الأمريكيين بعد التصريحات الملتبسة للرئيس السابق دونالد ترامب بشأن الجائحة.
لكن تبيّن أن السيطرة على الفيروس أمر صعب في بلاد أصبح فيها التلقيح ووضع الكمامات مصدر انقسام سياسي، وتنتهي فيها التوجيهات الفدرالية في حالات كثيرة بنزاعات قضائية.
وسعى بايدن الذي من المقرر أن يلقي الخميس خطابا حول كوفيد-19، إلى فرض إلزامية التلقيح على القطاع الخاص والموظفين الفدراليين، لكنه اكتفى في الأسابيع الأخيرة بحض السكان على تلقي اللقاح.
المصدر: وكالات