أثار تغيير حزب الله اللبناني لاستراتيجيته في التعامل مع إسرائيل، من كونه عنصرا بارزا في “جبهة الإسناد” لحرب غزة استنادا لمفهوم “وحدة الساحات لمحور المقاومة”، إلى الدخول في مرحلة “المعركة الكبرى” المستقلة، تساؤلات بشأن تداعيات ذلك على الأرض، وما تحمله الأيام المقبلة لمسار التصعيد المشتعل في المنطقة، الذي رفع سقف الخوف من الانزلاق لحرب إقليمية كبرى إلى ذروته.
هذه الاستراتيجية الجديدة لحزب الله عبر عنها صراحة الأمين العام للجماعة اللبنانية حسن نصر الله في خطابه الأخير حين قال إن “المعركة مع إسرائيل قد دخلت مرحلة جديدة”، مفسرا ذلك بأننا “أمام معركة كبرى تجاوزت فيها المسألة جبهات الإسناد”.
ورفع نصر الله سقف الوعيد إلى مرحلة مختلفة، قائلا إن “إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ورد المقاومة على الاعتداء على الضاحية (جنوب بيروت) واغتيال (القيادي العسكري في حزب الله) فؤاد شكر أمر محسوم”، مضيفًا: “على العدو انتظار ردنا الآتي حتما، ولا نقاش ولا جدل في ذلك، وبيننا الأيام والليالي والميدان”.
أما ما أثار هذا التحول الاستراتيجي لحزب الله والمواجهة برمتها في المنطقة، فهو مقتل شكر بعد غارة إسرائيلية استهدفته في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعدها بأقل من 24 ساعة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية داخل مقر إقامته في طهران.
في المقابل، ردت إسرائيل على تهديد حزب الله بالتأكيد على قدرتها على “التعامل مع التهديدات دفاعيا والرد بقوة هجوميا”، وفقما قال المتحدث باسم الجيش دانيل هغاري.
كيف سيكون شكل المعركة ؟
قال منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية العميد منير شحادة، إن المواجهة بين حزب الله وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر كانت ضمن “قواعد الاشتباك” على الحدود، بعمق 5 إلى 7 كم من الجهتين.
لكن ما تجاوز هذه القواعد قيام إسرائيل باغتيال القيادي في حماس صالح العاروري بقلب الضاحية الجنوبية قبل أشهر، مما نقل القتال لمرحلة “قواعد الردع” وفق شحادة، الذي أضاف أنه “جرى اختراق قواعد الاشتباك من قبل إسرائيل بتجاوزها إلى داخل معقل حزب الله، مما دفع الحزب إلى تغيير استراتيجية وقصف قاعدة ميرون الاستراتيجية”، على بعد 8.5 كيلومترات من الحدود اللبنانية.
وأوضح شحادة أنه بعد اغتيال العاروري بداية العام الجاري ثم قصف القاعدة الإسرائيلية، حدث توازن جديد لقواعد الردع، وظلت الحالة مستمرة بين الجانبين، حتى حدث اختراق جديد باغتيال شكر، ليعلن بعدها نصر الله الانتقال إلى مرحلة “المعركة الكبرى”.
وبشأن ما تعنيه مرحلة “المعركة الكبرى” المفتوحة، أوضح أنها تتمثل في تغيير محور المقاومة بأكمله لاستراتيجيته بالانتقال لمرحلة أكثر قوة في المواجهة مع إسرائيل، وسيكون ذلك عبر حدثين مهمين متوقعين في الأيام المقبلة، أولهما رد حزب الله على اغتيال شكر، وثانيهما رد إيران على اغتيال هنية، باعتبار أن ذلك حدث في طهران.
وأضاف شحادة : “الرد قد يكون متناسقا ومتزامنا في توقيت واحد، لإعطاء تأثير أكبر على إسرائيل، أو منفصلا وعلى فترات”.
لكن في كلا الحالتين، أشار شحادة إلى أن “حجم الرد من المقاومة سيكون غير مسبوق، لم يحدث منذ بداية المعركة وحتى اليوم”، انتظارا لرد فعل إسرائيل التي “إن ردت بعنف فإن ذلك يعني الدخول في مرحلة الرد والرد المضاد، ثم قد تنزلق الأمور إلى حرب شاملة من دون أسقف تتجاوز كافة الخطوط الحمراء”.