معركة متواصلة يخوضها الاتحاد الأوروبي لتحرير نفسه من الغاز الروسي، بعد التحرك العسكرى لموسكو ضد أوكرانيا، والذى أظهر الكثير من نقاط الضعف الأوروبى، منها اعتماد التكتل على الغاز الروسي والذى يستخدمه بوتين كأداة حرب، وسلاح اقتصادي وسياسي ويكلف دافعي الضرائب الأوروبيين ما يقرب من 100 مليار يورو سنويًا.
وبعد أن أمضى الاتحاد الأوروبي الأشهر الماضية في فرض عقوبات على روسيا، من حظر السفر إلى تجميد الأصول إلى جانب دول أخرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وبينما أثرت هذه العوامل على روسيا بشكل غير مباشر، وبحسب تقرير لمجلة بولتيكو الأمريكية فإن الإجراءات لم تذهب إلى المدى الكافى، فقد فقدت عنصرًا مهمًا للغاية، وهو الغاز، الأمر الذى أعلن بسببه الاتحاد الأوروبي أنه يخطط لخفض واردات الغاز الروسي بمقدار الثلثين بهدف تقليل الاعتماد بشكل كبير على الغاز الطبيعي الروسي الذي يدخل التكتل بحلول عام 2023.
وأعدت المفوضية الأوروبية، خطة عملها المسماةREPowerEU” والتي تدور حول أربعة محاور وهى توفير الطاقة ، وتنويع إمدادات الغاز ، والتسريع القوي للطاقات المتجددة ، ولا سيما الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر ، وأخيراً الاستثمارات الضخمة.
وقد يكون “الحفظ والتنويع والتعجيل والاستثمار” هو شعار خطة 300 مليار يورو التي قدمتها للتو رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وتعد بمثابة فطام للاتحاد الأوروبي بأسرع ما يمكن من الوقود الأحفوري الروسي، وبشكل أكثر تحديدًا من غازه، بينما استوردت دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين في العام الماضي حوالي 155 مليار متر مكعب منها، بما يمثل حوالي 40٪ من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز، و التي تمول بشكل مباشر آلة الحرب فلاديمير بوتين ، التي تحرك بها عسكريا ضد أوكرانيا في 24 فبراير الماضى.
وتعتمد الخطة على عدة مواعيد نهائية، حيث يجب أن تسمح للاتحاد الأوروبي بالتخلص من ثلثي واردات الغاز الروسي بحلول نهاية العام ، أو حوالي 110 مليارات متر مكعب ،وبعد ذلك يجب أن يؤدى إلى إصلاح هيكلي لنظام الطاقة الأوروبى بحلول 2027-2030 لضمان استقلاليته، مع تسريع انتقال الطاقة في السبعة والعشرين.
كما أن حالة الطوارئ الأمنية وحالة الطوارئ المناخية يسيران جنبًا إلى جنب، كما قيل من جانب السلطة التنفيذية الأوروبية، ولذلك تفترض خطة العمل مسبقًا تعزيز أهداف إزالة الكربون للاقتصاد الأوروبي، والتي تم تحديدها الصيف الماضي كجزء من هذه الحزمة التشريعية التي يجب أن تمكن القارة العجوز من تقليل انبعاثات الغاز بنسبة 55% بحلول عام 2030.
وتكثف بروكسل جهودها لتنويع سلة مزودي الطاقة بسرعة وتتواصل مع مصدري الغاز الآخرين مثل الولايات المتحدة والنرويج وقطر وأذربيجان والجزائر ومصر واليابان وكوريا الجنوبية.
كما يمكن أن يحل الغاز الحيوى المصنوع من نفايات المزارع محل الوقود الأحفوري الروسي في ألمانيا، حيث تظهر الأزمة أن الابتعاد عن الوقود الأحفوري المستورد ليس مهمًا فقط في مكافحة تغير المناخ، ولكن كمسألة أمنية.
وتتطلع ألمانيا على وجه التحديد إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر وشراء الغاز من دول أوروبية أخرى، وقد يقوم أكبر اقتصاد في أوروبا أيضًا ببناء محطتين من محطات الغاز الطبيعي المسال الخاصة به محليًا.
كما تدرس إيطاليا زيادة إمدادات الغاز من الجزائر ، وزادت الجزائر ، التي لديها خطوط أنابيب إلى إسبانيا وإيطاليا ومحطة كبيرة للغاز الطبيعي المسال في سكيكدة ، من إنتاج النفط والغاز العام الماضي بنسبة 5%.
كما تهدف ألمانيا إلى تسريع نمو الطاقة الشمسية بالإضافة إلى مشاريع طاقة الرياح البرية والبحرية، حيث قال وزير الاقتصاد روبرت هابيك، وهو عضو بارز في حزب الخضر، إن التوسع السريع في مصادر الطاقة المتجددة هو المفتاح لتقليل اعتماد ألمانيا على الوقود الأحفوري الروسي.
ومن المحتمل أيضًا أن تلعب واردات الوقود المعتمد على الهيدروجين النظيف دورًا، ولكن يشير البعض إلى أن أوروبا قد تتعرض للخطر بسبب اعتماد روسيا على الطاقة لعقود أخرى إذا اتبعت مسارًا معينًا للهيدروجين.
ويعد توفير الطاقة هو أسرع وأرخص طريقة لمعالجة أزمة الطاقة الحالية وتقليل الفواتير، حيث تقترح المفوضية تعزيز تدابير كفاءة الطاقة طويلة الأجل، بما في ذلك زيادة من 9٪ إلى 13٪ من هدف كفاءة الطاقة الملزم بموجب حزمة “Fit for 55” من تشريعات الصفقة الخضراء الأوروبية، كما سيساعد توفير الطاقة الآن في الاستعداد للتحديات المحتملة في الشتاء المقبل.
ونشرت المفوضية الأوروبية اليوم أيضًا ” اتصالات الاتحاد الأوروبي لتوفير الطاقة ” التي توضح بالتفصيل التغييرات السلوكية قصيرة المدى التي يمكن أن تخفض الطلب على الغاز والنفط بنسبة 5٪ وتشجع الدول الأعضاء على بدء حملات اتصال محددة تستهدف الأسر والصناعة.
وتماشياً مع البوابة العالمية، تعطي الاستراتيجية الأولوية لالتزام الاتحاد الأوروبي بالتحول العالمي للطاقة الخضراء والعادلة، وزيادة توفير الطاقة وكفاءتها لتقليل الضغط على الأسعار، وتعزيز تطوير مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين، وتكثيف دبلوماسية الطاقة، وسيتم تطوير ممرات هيدروجين رئيسية في البحر الأبيض المتوسط وبحر الشمال.
كما سيؤدي التوسع الهائل في استخدام الطاقة المتجددة وتسريعها في توليد الطاقة والصناعة والمباني والنقل إلى تسريع استقلال أوروبا، وتعزيز التحول الأخضر، وخفض الأسعار بمرور الوقت.
المصدر: وكالات