يجمع المفاوضون في فيينا حول الاتفاق النووي الإيراني سواء الغربيون أو الإيرانيون على أن مسار المحادثات لن يكون سهلاً على الإطلاق، وقد أكدت ذلك تصريحات عديدة لبعض المشاركين.
فأمس أشار كبير المفاوضين النوويين، عباس عرقجي، إلى أن “صعوبات عدة تنتظر تلك المحادثات”.
كما أضاف في مقابلة صحفية: “الجميع متفق على ضرورة الدخول في عمل جاد وعملي من أجل إعداد قائمة بالعقوبات التي يجب على الولايات المتحدة رفعها والإجراءات التي يتعين على إيران القيام بها”.
فيما أفاد مراسلون إلى أنه من المتوقع أن تستكمل اجتماعات اللجان الفنية، اليوم الجمعة، بحسب ما أعلن ممثل روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف (وإن كان لم يصدر أي تأكيد رسمي في هذا الإطار).
كما أضاف السفير الروسي أن اجتماعا سيعقد اليوم بين روساء وفود الدول الـ4 زائد واحد مع الوفد الأمريكي (من دون إيران).
إلا أن السؤال الأبرز الذي يطرح، يكمن في التفاصيل، على جاري المثل القائل: “الشيطان يكمن في التفاصيل”، تفاصيل الخطوات المعقدة التي يتعين على الطرفين اتخاذها لرفع جزء من العقوبات من جهة، وعودة إيران إلى التزاماتها من جهة أخرى.
وهل من السهل تحديد تلك الخطوات التي يجب على الولايات المتحدة اتخاذها؟
للإجابة على هذا السؤال، يوضح مراقبون أن تلك الخطوات لن تكون سهلة بل معقدة وصعبة، وتطلب اجتماعات متواصلة وممتدة، بحسب ما أفاد تقرير سابق لصحيفة الجارديان.
فعندما وقعت الولايات المتحدة على الصفقة الأصلية عام 2015، ميزت بشكل حاسم بين رفع العقوبات الموجودة مسبقًا والمتعلقة بالمجال النووي والعقوبات الأخرى التي ستبقي عليها فيما يتعلق بالأعمال الإيرانية المتصلة بالإرهاب، أو برنامج الصواريخ الباليستية، أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الجرائم الإلكترونية.
فموقف واشنطن بات واضحا لجهة، التمسك ببعض العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب، والتي لا علاقة لها بالأسلحة النووية، وبالتالي لا يمكن رفعها.
على سبيل المثال، فرضت الإدارة الأميركية السابقة عقوبات على متسللين وقراصنة مدعومين من إيران في سبتمبر الماضي، وعلى ثلاثة قضاة، وثلاثة من نواب مدير منظمة الطاقة الذرية الإيرانية المتورطين في برنامج الصواريخ الباليستية.
حتى إن إدارة بايدن أضافت عقوبات ضد منتهكي حقوق الإنسان.
ولعل الخطوة التي عقدت الأمور أكثر بعد وفاقمت من صعوبة رفع بعض العقوبات، تتمثل في خلط ترمب الخطوط الفاصلة بين العقوبات النووية والعقوبات غير النووية من خلال إعادة تسمية أو وصف العديد من تلك العقوبات المتعلقة بالمجال النووي على أنها مرتبطة بالإرهاب.
لذلك لم يفرض الرئيس السابق عقوبات فقط على الحرس الثوري فحسب، بل البنك المركزي ووزارة النفط وشركة النفط الوطنية الإيرانية.
أما السبب أو الدافع الذي حرك ترمب في هذا الاتجاه، فتأكيده أن تلك المؤسسات حولت الأموال إلى حزب الله وميليشيات ومنظمات مسلحة أخرى شبيهة به.
هذا غيض من فيض العقوبات المعقدة التي يجري التفاوض حولها، والتي تبلغ 1500 عقوبة يجب دراستها، وتصنيفها.
لذا يعتبر الوصول إلى قائمة متفق عليها من العقوبات التي فرضت بعد عام 2016 والتي يعتبرها الجانبان مرتبطة بالأنشطة النووية، معقدا، ويدخل في مسار طويل من المحادثات الدبلوماسية والفنية المكوكية.
المصدر: وكالات