كان مفاجئاً للباحثين أن يكتشفوا أن جرعة واحدة من مضادات الاكتئاب تكفي لتحدث تغيرات كبيرة في دماغ الإنسان خلال ثلاث ساعات فقط، وهو ما اعتبره الباحثون كشفاً جديداً سيساعد أخيراً في فهم الآلية التي تعمل فيها هذه الأدوية وأسباب تفاوت تأثيرها بين شخص وآخر.
ولم يستطع العلم لليوم أن يفهم تماماً الآلية التي تعمل فيها مضادات الاكتئاب، إلا أن الاعتقاد السائد هو أن هذه الأدوية لا تتسبب بأي تغييرات في بنية الدماغ إن لم تستخدم لوقت طويل، وهو ما نفته الدراسة الحديثة التي نشرت في مجلة Current Biology، والتي وصفها الباحثون بأنها مفاجئة وتطرح العديد من الألغاز.
ومن المعروف أن تأثير أدوية الاكتئاب يحتاج إلى أسابيع حتى يحسن مزاج المريض، وهي من المعلومات التي يجب عادة على الطبيب ذكرها لمريض الاكتئاب حينما يصف الدواء له، حتى يستمر المريض في أخذ الدواء خلال الأسابيع الأولى دون أن يشعر بالإحباط من عدم شعوره بالتحسن.
ولاحظ الباحثون تغيراتٍ في التغذية الدموية في دماغ 22 شخصاً، بحيث زاد تدفق الدم لبعض أجزاء الدماغ ونقص في أجزاء أخرى، وذلك بعد أن طلبوا منهم تناول جرعة من مضاد الاكتئاب ثم أخضعوهم للتصوير. وكانت هذه التغيرات مشابهة لتلك التي يعرفها العلماء سابقاً، والتي ظنوا أنها تحدث بعد أسابيع من تناول الدواء.
وتطرح الدراسة لغزاً جديداً يحتاج إلى مزيد من البحث للإجابة عنه، إذ لا يوجد تفسير لكون هذه التغيرات الكبيرة في بنية الدماغ لا تترافق عادة مع تغيرات مباشرة في المزاج، رغم أن الطريقة الأساسية التي تعمل بها هذه الأدوية هي في التغيرات التي تحدثها في الدماغ.
واستخدم الباحثون في دراستهم زمرة دوائية هي واحدة من الأكثر انتشاراً بين مضادات الاكتئاب، والتي تعرف باسم SSRI. وأجروا تجاربهم على أشخاصٍ أصحاء لا يعانون من الاكتئاب ولم يسبق أن تناولوا أية أدويه لهذا الغرض.