بالمواقف لا بالعبارات عبرت مصر عن دعمها الممتد للبنان فى إطار دورها الريادى وواجبها تجاه أشقائها العرب خاصة من يمر بمحنة، فراحت تستكمل رسالتها وأداء دورها المعتاد والمتوقع منها كدولة رائدة بالمنطقة، وكان للبنان نصيب كبير من اهتمام الدولة المصرية.
فكانت أول من انتفض لمساعدته بجسر جوى وبرى عقب كارثة انفجار مرفأ بيروت، وهذا ما أكدته المساعدات التى أرسلتها مصر تباعا شملت فريقا من الأطباء المصريين لبيروت لتقديم خبراتهم وجهودهم فى خدمة المصابين نتيجة الانفجار.
وفى إطار تلك العلاقات المتأصلة بين البلدين، وصل اليوم، رئيس مجلس الوزراء اللبنانى نجيب ميقاتي إلى القاهرة في مستهل زيارته الرسمية الأولى لمصر ، وكان فى استقباله رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
وأقيمت لميقاتي مراسم الاستقبال الرسمية، فعزفت الموسيقى السلامين الوطنيين المصرى واللبنانى، بعدها استعرض رئيسا وزراء البلدين ثلة من التشريفات، ثم انتقلا إلى القاعة الحكومية فى مطار القاهرة، وضم الوفد اللبنانى سفير لبنان لدى مصر علي الحلبى، والمستشار الدبلوماسي لميقاتي السفير بطرس عساكر.
وتتضمن زيارة مقياتى زيارة مقر جامعة الدول العربية ولقاء الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط. وتستمر الزيارة يوم واحد،على أن يغادر ميقاتى القاهرة مساء عائدا إلى لبنان.
عدد من الموضوعات المشتركة بين لبنان ومصر من بينها نقل الغاز المصرى للبنان، وأيضا الدعم المصرى للبنان أهم أسباب الزيارة .
وكان لمصر أيضا دور سياسى بالترافق مع الدور الإنسانى، فعلى الصعيد الدبلوماسى كانت هناك عدة تحركات للدفع نحو سرعة تأليف الحكومة الجديدة، للبدء فى الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لإنقاذ لبنان، كان من بين تلك التحركات زيارة وزير الخارجية لبيروت، ولقاؤه مع عدد من المسئولين لبحث آخر مستجدات الأزمة فى لبنان، والرؤى المختلفة حول كيفية الخروج من الأزمة.
فدعمت مصر الجهود الحثيثية لإنجاز تشكيل الحكومة التى تعطل تشكيلها لأكثر من عام عقب استقالة حكومة حسان دياب، واستمرارا لهذا الدور سعت مصر لتهدئة الاجواء بالداخل اللبنانى ، وايضا على صعدي ازمة لبنان والخليج.
ويحرص سفير مصر بلبنان، الدكتور ياسر علوي، على الاجتماع بشكل دائم مع رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، لبحث ملفات التعاون الثنائي بين مصر ولبنان.
وحملت زيارة سامح شكرى وزير الخارجية الأخيرة لبيروت رسالة ضمنية، مفادها أن مصر فى عون لبنان، وتضامن الدولة المصرية مع شعب لبنان وتوفيرها كل الدعم للخروج من أزماته، وأكد على استعداد مصر لبذل كل الجهود للتواصل مع كل الجهات لإخراج لبنان من الأزمة السياسية الحالية.
وعلى الصعيد نفسه، تستمر جامعة الدول العربية فى دورها الريادى على الصعيد الإقليمى من خلال بذل مساعيها لحل أزمات المنطقة، وكان لها تواجد قوى فى الأزمة اللبنانية، حيث قام السفير حسام زكى، الأمين العام المساعد، إبريل الماضى، بزيارته الثانية لبيروت.
وفى 16 يونيو 2021 استقبل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بمقر الأمانة العامة، وزيرة الإعلام اللبنانية منال عبدالصمد، وأعرب، خلال اللقاء، عن تضامن الجامعة العربية مع لبنان فى ظل الظروف السياسية والاقتصادية والإنسانية الصعبة التى تمر بها البلاد جراء الانسداد السياسى، وكذا فى ضوء التبعات الممتدة لحادث انفجار مرفأ بيروت.
وفى 15 يناير 2020 تم إعادة تشغيل المركز الطبى المصرى فى بيروت، الذى استفاد 100 ألف شخص من اللبنانيين وغير اللبنانيين من الخدمات الطبية المجانية للمركز الطبى المصرى فى بيروت، ويضم 6 عيادات فى جميع التخصصات، ومنذ إنشائه حتى الآن عالج ما يقارب مليونًا و817 ألف مريض وجريح.
حينما تدخله ستجد أيادى ممدودة بحب لمداواة جروح المصابين وتخفيف آلام المرضى دون أن تنظر لهواياتهم أو انتماءاتهم، سيفاجئك حماس الطواقم الطبية المكونة من أعلى الكفاءات الطبية فى القوات المسلحة المصرية، ستجد خدمات تقدم على أعلى مستوى.
لعب المستشفى الميدانى المصرى فى بيروت، دورًا مهمًا خلال الفترة التى أعقبت انفجار مرفأ بيروت فى الرابع من أغسطس الذى خلف وراءه 6500 مصاب و178 قتيلًا، ما فاق قدرات المستشفيات فى لبنان فعجز بعضها عن استقبال الحالات الحرجة.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، قدم تعزية الرئيس اللبنانى ميشال عون، هاتفيًا، فى ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذى وقع مساء 4 أغسطس، ويعرب هاتفيًا عن تضامن مصر حكومةً وشعبًا مع بيروت فى محنتها، والاستعداد لتسخير كل الإمكانات لمساعدة ودعم لبنان فى مصابه الأليم.
وعقب الانفجار وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، بإنشاء جسر جوى من القاهرة إلى بيروت شمل 17 طائرة لنقل الأدوية والمستلزمات الطبية المطلوبة، كما قررت مصر إيفاد عدد من الأطقم الطبية الجاهزة للمشاركة فى أعمال الإغاثة والإسعاف الطبى لتنضم إلى جهود المستشفى الميدانى المصرى المنخرط فى هذه الجهود منذ وقوع الانفجار.
وفى ال7من ديسمبر 2020 شدد الرئيس السيسى، خلال مؤتمر صحفى مشترك عقد فى وقت سابق، مع نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون فى باريس، على أن مصر «لن تتخلى أبدا عن أشقائها فى لبنان». وأكد السيسى أنه اتفق مع الرئيس ماكرون على تكثيف الجهود لدعم لبنان.
وفى 28 يناير 2021 زارت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، العاصمة اللبنانية بيروت على رأس وفد من الوزارة، كما وصلت 3 طائرات مصرية إلى مطار رفيق الحريرى الدولى ببيروت، محملة بـ31 طنًا من ألبان الأطفال والأدوية والمستلزمات الوقائية، بالإضافة إلى 7 أطنان و684 كيلوجرامًا من الأجهزة الطبية مقدمة من جامعة الدول العربية، لدعم القطاع الصحى فى دولة لبنان خلال مواجهة جائحة فيروس كورونا.
جاءت الزيارة فى إطار حرص مصر على دعم ومساندة الشعب اللبنانى الشقيق والوقوف إلى جانبه.
وثمن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، دعم مصر الدائم للبنان في جميع المواقف والظروف والتحديات التي واجهتها البلاد، موجها الشكر لمصر وللرئيس عبدالفتاح السيسي مؤكدا أنه صاحب النهضة الحديثة في مصر.
واستعرض رئيس الحكومة اللبنانية دور مصر في دعم لبنان خلال الفترات الماضية ، مشيرا إلى أن لبنان لن ينسى أن مصر رغم الصعوبات كانت أولى الدول التي أرسلت طائرات من المساعدات والإغذية للبنان بعد انفجار ميناء بيروت البحري العام الماضي، ولن ينسى لمصر مساعدته خلال جائحة كورونا بكل الأدوية اللازمة.
وشدد على أن مصر هي الحاضنة العربية الحقيقية، وذلك لسياستها الحكيمة للتقارب بين الدول العربية، بالإضافة لاحتضانها لجامعة الدول العربية، مشددا على أن مصر تاريخيا هي “النفس العربي” للبنانيين، حيث يشعر كل لبناني أن مصر دائما بجانبه، ولبنان حريص كل الحرص على المحافظة على هذا التاريخ.
واستطرد قائلا: “أقولها بكل صراحة.. مصر بموضوع الغاز كانت هي الأشد حرصا على حصول لبنان على الغاز من أجل دعم لبنان وخدمته.. شكرا لمصر وشكرا للرئيس السيسي صاحب النهضة الحديثة في مصر”.
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية أن سفير مصر بلبنان الدكتور ياسر علوي ينقل له دائما حرص مصر على الوضع في لبنان ويؤكد أن مصر مستعدة دائما لمساندة لبنان في أي شيء يمكنها القيام به.
المصدر: وكالات