تمضى الدولة المصرية بخطى واثقة راسخة على طريق بناء جمهوريتها الجديدة إستناداً إلى رؤية متبصرة حكيمة من قيادتها السياسية تستلهم عنفوانها من صلابة معدن شعبها وتماسك نسيجه الوطني وإنصهار وعيه الحضاري وانتمائه مع وطنية وتضحيات مؤسساته وقرارات قيادته وخياراتها فى هذا المنعطف الذى يمر به العالم وفى القلب منه منطقتنا العربية .
وتدرك الدولة المصرية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد السلطة أن مصر بتحضرها وحضارتها، بتاريخها وجغرافيتها، بماضيها وحاضرها ومستقبلها، بقدرات وعقول رجالها ونسائها.. تدرك أنها لا تملك رغم كل التحديات الاقليمية والعالمية رفاهية الإنتظار عقوداً ًوربما قروناً أخرى لتستعيد مجدها المستحق مثلما تدرك أن عالم اليوم والغد لا يملك رفاهية الإنتظار كى تحمل مصر مجدداً مشعل النور للإنسانية .
على طريق تشييد معالم جمهوريتنا الجديدة توازى بناء صروح الخير والعمران فى ربوع أرضنا شرقاً وغربا، شمالاً وجنوباً، مع بناء الإنسان وكفالة كافة حقوقه.
وفى هذا الإطار، شهدت أوضاع حقوق الإنسان فى مصر تطوراً كبيراً وطفرة خلال الفترة الماضية على ضوء الأهمية التي توليها الدولة المصرية للنهوض بأوضاع حقوق الانسان بمفهومها الشامل.
وساهمت هذه التطورات الهامة في تحسين المناخ العام للحقوق والحريات بوجه عام، تنفيذا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية في إطار بناء الجمهورية الجديدة القائمة على أسس المواطنة والديمقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون، وذلك من خلال مواصلة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان.. وفى هذا الصدد، اتخذ الرئيس السيسي عدداً من القرارات الهامة ومن بينها إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي لمراجعة سجل المحكوم عليهم والمحتجزين احتياطياً وقرارات العفو والافراج التي ساهمت في إصدارها على النحو الذى ينظمه القانون والدستور، وإطلاق الحوار الوطني بمشاركة كافة أطياف المجتمع المصري لتحديد أولويات العمل خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى توفير مناخ أمن لعمل منظمات المجتمع المدني تحت مظلة القانون وهى المنظمات التي تعتبرها الدولية المصرية شريك أساسي لتحقيق التنمية وحل كافة القضايا العالقة وفتح صفحة جديدة مع المجتمع المدني، وتقديم الحكومة مشروع جديد لقانون الإجراءات الجنائية والذى سيحدث عند اعتماده ثورة تشريعية في منظومة العدالة الجنائية.
وفى هذا السياق، تأتي مشاركة مصر في جلسة آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الانسان فى دورتها الرابعة، والتى تعقد غداً بجنيف، لتعكس حرص القاهرة على الانفتاح والتفاعل مع الآليات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان وعرض جهودها للاستفادة من أفضل الخبرات والممارسات في هذا الشأن، وإقامة حوار موضوعي وبناء، لدعم مسيرة حماية وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان فى مصر .
وتولى مصر إهتماماً كبيراً لآليات الأمم المتحدة ذات الصلة ولدورها فى حماية وتعزيز حقوق الإنسان الأمر الذى يعكسه بجلاء حضور وفد مصرى رفيع المستوى في الجلسة برئاسة وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان الدكتور بدر عبد العاطي، وعضوية كل من وزيري التضامن الاجتماع والشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، ورؤساء المجالس القومية للمرأة والطفولة والأمومة والمجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة، ورئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر ووزارات الخارجية والعدل والعمل وكبار المسئولين في الجهات الوطنية المعنية بموضوعات حقوق الانسان.
وقدمت مصر فى هذا الاطار تقريرها الوطنى إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الانسان حيث ستتم مناقشته خلال الجلسة المقررة غداً .. ويعكس التقرير الوطني الجهود المبذولة لتعزيز وحماية حقوق الانسان وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان والتوصيات التي تلقتها مصر خلال جلسة الاستعراض الدوري الأخيرة لها.
وجرى إعداد تقرير مصر المقدم إلى آلية الاستعراض في دورتها الرابعة من جانب الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، وذلك بالتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية بموضوعات حقوق الانسان من خلال نهج تشاوري شمل عدد من الشخصيات العامة ومجلس أمناء الحوار الوطني، ومختلف الأطراف الوطنية وأصحاب المصلحة، وخاصة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والمجتمع المدني.
ويغطي تقرير مصر المقدم لآلية الاستعراض الدوري الشامل في الجولة الرابعة 14 محوراً؛ تشمل الجهود الخاصة بنشر ثقافة حقوق الانسان ورفع مستوى الوعي بها، و التطورات في تنفيذ التوصيات التي تلقتها مصر خلال الإستعراض الأخير فى الأطر المؤسسية والتشريعية ذات الصلة بحقوق الانسان، والتعاون مع الآليات الدولية والإقليمية، والجهود الخاصة بتعزيز الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق في التنمية، وجهود تمكين المرأة، وتعزيز حقوق الطفل، حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، وتمكين الشباب، ومكافحة الفساد، والجهود الخاصة بتوفير الحماية اللازمة للاجئين وحقوق المهاجرين، وجهود مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
و تضع مصر حقوق الإنسان في قلب مختلف السياسات والبرامج والاستراتيجيات الحكومية، وذلك لضمان تمتع جميع المواطنين بحقوقهم دون تمييز وإعلاءً قيم المواطنة والمساواة وسيادة القانون .
كما تتبنى مصر مقاربة شاملة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، تقوم على تكامل هذه الحقوق وارتباطها الوثيق بالديمقراطية والتنمية، انطلاقًا من مبادرة وطنية خالصة، واستنادًا إلى الالتزامات الدستورية والدولية ذات الصلة.
وتستمد جهود مصر لحماية وتعزيز حقوق الإنسان قوتها من توافر إرادة وطنية داعمة لدى القيادة السياسية لمصلحة المواطن المصري في الأساس وليس لإرضاء أي طرف خارجي.
كما تتبنى “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” مقاربة شاملة لتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مصر، وذلك من خلال ثلاثة مسارات متوازية ومتكاملة: التطوير التشريعي، والتطوير المؤسسي، وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان، وفى أربعة محاور تتناول الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق المرأة والطفل وكبار السن والشباب وذوي الإعاقة، والتطوير وبناء القدرات.. وعكست تقارير متابعة تنفيذ “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” ما تحقق على صعيد النهوض بأوضاع حقوق الانسان في مصر بشكل عام فى العديد من المجالات التى تشمل الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق المرأة والطفل والشباب وذوي الاعاقة وكبار السن، والمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء حيث تنظر الدولة المصرية الى الأجانب المقيمين على أراضيها والبالغ عددهم أكثر من ١٠ ملايين شخص باعتبارهم ضيوفاً ،وتعاملهم وفق مبادئ أساسية قوامها احترام الحق فى حرية الانتقال، ورفض اقامتهم فى خيام أو معسكرات مع تمتعهم بالخدمات الأساسية التى يتم تقديمها بما فيها المدعومة من قبل الحكومة اتساقاً مع التزامات مصر الدولية ذات الصلة.