ترتبط مصر وتنزانيا بعلاقات تاريخية وثيقة، حيث احتفل البلدان في عام 2014 بمرور 50 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، حين أصبح سالم أحمد سالم الأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية أول سفير لتنزانيا في مصر في عام 1964 في أعقاب الوحدة بين تنجانيقا وزنزيبار.
ورصد تقرير للهيئة العامة للاستعلامات – وفقا لبيان وزارة الخارجية والتعاون مع شرق إفريقيا التنزانية- أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تنزانيا تهدف إلى تعزيز وتقوية العلاقات الدبلوماسية، والاقتصادية، والاجتماعية بين البلدين، وإتاحة الفرصة للزعيمين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره التنزاني جون ماجوفولي لمناقشة القضايا المختلفة المتعلقة بالبلدين، وبالمنطقة وكذلك القضايا الدولية، وشددت الخارجية التنزانية على أن العلاقات الدبلوماسية بين تنزانيا ومصر هي علاقات عريقة منذ عهد الرئيس الأول لتنزانيا جوليوس نيريري والرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وقالت الهيئة العامة للاستعلامات -في تقريرها- إن العلاقات السياسية بين مصر وتنزانيا قد شهدت تطورا كبيرا منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية في مصر، حيث حرصت تنزانيا على المشاركة في حفل تنصيب السيسي رئيسا للجمهورية في يونيو 2014 وأكدت على لسان وزير خارجيتها -آنذاك- بيرنارد بيمبي على ضرورة عودة مصر لممارسة دورها الطبيعي والتاريخي في أنشطة الاتحاد الأفريقي.
وخلال استقباله السفير المصري في تنزانيا في فبراير 2016، أكد الرئيس التنزاني جون ماجوفولي على دعمه غير المحدود للرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل استقرار وأمن مصر، معربا عن تقديره لمصر ودورها في الماضي والحاضر، مشيدا بالعلاقات الثنائية المتميزة بين الجانبين.
وأبدى الرئيس التنزاني اهتمامه بتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع مصر، مؤكدًا على حاجة تنزانيا للتعاون مع مصر في العديد من المجالات، موجهًا الدعوة للمستثمرين المصريين لاستكشاف فرص التعاون المُمكنة في تنزانيا في جميع المجالات، وفي مقدمتها التشييد والبناء.
وأشار تقرير هيئة الاستعلامات إلى أنه خلال قمة الاتحاد الأفريقي الـ 28 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في يناير 2017، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره التنزاني جون ماجوفولي حيث أعرب الرئيس السيسي عن تطلع مصر لتطوير التعاون مع تنزانيا في شتى المجالات والعمل على زيادة حجم التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بينهما، وكذلك أكد أهمية تكثيف التشاور والتنسيق بين البلدين في ظل التحديات المشتركة القائمة، ولاسيما خطر الإرهاب الذي يُشكل تهديدا للقارة الأفريقية بأكملها.
كما أكد الرئيس جون ماجوفولي حرص تنزانيا على تطوير العلاقات الوثيقة والتاريخية التي تجمعها بمصر على مختلف الأصعدة، مشيدا باستعادة مصر لدورها القيادي في أفريقيا، فضلاً عما تم إنجازه في مصر على صعيد تحقيق التنمية والاستقرار خلال العامين الماضيين، كما أعرب الرئيس التنزاني عن تقدير بلاده للدعم الفني الذي تقدمه مصر لأبناء تنزانيا في مجال بناء القدرات والتدريب.
وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري، يشير تقرير هيئة الاستعلامات إلي أن البلدين وقعا في أكتوبر من عام 2002 اتفاقية لإنشاء مجلس أعمال تنزاني مصري بين جمعية رجال الأعمال المصريين واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة التنزاني. وانتهى البلدان في عام 2015 من مفاوضات بشأن إلغاء الرسوم الجمركية على التجارة البينية في إطار اتفاق إنشاء منطقة تجارة حرة ثلاثية بين التكتلات الاقتصادية الإفريقية الكبرى “الكوميسا والسادك ومجموعة شرق إفريقيا” والتي تم توقيعها خلال قمة شرم الشيخ في عام 2015.
ويصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 5ر10 مليون دولار (تقديرات عام 2010)، حيث تشمل بنود الصادرات المصرية إلى تنزانيا منتجات غذائية وكيماوية ومعادن ومصنوعات من حجر أو أسمنت ولدائن وعجائن من خشب وورق مقوي ومصنوعاته وخشب وفحم خشبي وحيوانات حية وأحذية وأجهزة بصرية، أما الواردات فتشمل الأخشاب والجلود الخام ومنتجات كيماوية.
وتسعى مصر إلى إنشاء خط ملاحي عبر البحر الأحمر يبدأ من ميناء سفاجا المصري لربط دول شرق إفريقيا المطلة على ساحله تدعيما للعلاقات الاقتصادية وحركة التجارة بين البلدين، فضلاً عن سعي مصر من خلال تجمع الكوميسا إلى إنشاء خط ملاحي نهري للربط بين البحر المتوسط ليمر بجميع دول حوض النيل وينتهي عند بحيرة فيكتوريا.
وللمكاتب الاستشارية الهندسية المصرية دور بارز في المشروعات القومية العملاقة في تنزانيا، مثل تنفيذ كوبري “كيجامبوني” الذي يربط ضفتي مدينة دار السلام ببعضهما والذي افتتح العام الماضي، فضلاً عن تصميم توسعة مطار جوليوس نيريري والذي يتم حاليا. هذا بالإضافة إلي عدد من الشركات المصرية الكبرى التي تعمل بتنزانيا والتي تشهد طفرة في إنشاءات البنى التحتية منها شركة المقاولون العرب.
وفي ملف التعاون الزراعي، تعمل وزارة الزراعة المصرية على تدريب الكوادر الزراعية التنزانية من خلال المزرعة النموذجية المشتركة مع زنزبار عبر مهندسين مصريين مقيمين بصفة دائمة في المزرعة والتي تعمل على تدريب الكوادر التنزانية على أحدث التقنيات الزراعية التي تناسب التربة المحلية.
وفي إطار اهتمام مصر بالتعاون الفني مع تنزانيا، تقدم الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية العديد من الدورات التدريبية في أهم مجالات التدريب منها الزراعة والقضاء والإعلام والدبلوماسية والدفاع.
ودعما للدبلوماسية البرلمانية، جاري في الوقت الراهن إنشاء جمعية صداقة برلمانية مشتركة بين مجلسي النواب المصري والجمعية الوطنية التنزانية (مجلس النواب التنزاني).
وتشهد الزيارات المتبادلة بين البلدين على سعيهما لتقوية وتعزيز علاقاتهما في شتي المجالات، ففي نوفمبر من عام 2016، قام وزير الري والموارد المائية المصري بزيارة تنزانيا لافتتاح المرحلة الثانية من الآبار الجوفية في شمال تنزانيا، حيث شملت 30 بئرا قامت مصر بتمويلها بالكامل، ليصل إجمالي عدد الآبار التي قامت مصر بحفرها في تنزانيا إلى 60 بئرا في إطار مشروع يشمل 100 بئر في المناطق الأكثر احتياجا بتنزانيا.
كما قام وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري بزيارة لتنزانيا في نوفمبر 2015 لحضور حفل تنصيب الرئيس التنزاني جون ماجوفولي، حيث نقل الوزير المصري للرئيس التنزاني تمنيات الرئيس السيسي وشعب وحكومة مصر بالتوفيق والنجاح في مهامه لقيادة شعبه نحو التقدم والإزهار.
وفي يونيو من عام 2014، قام وزير الخارجية التنزاني برنارد ميمبي بزيارة مصر للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر.
وعلى صعيد التعاون في القطاع الصحي، ذكر تقرير هيئة الاستعلامات أن مؤسسة “نيل الأمل” المصرية قامت في يوليو 2017 بإطلاق قافلة الأمل لجراحات الأطفال والتشوهات الخلقية التخصصية الرابعة بمدينة زينزيبار بدولة تنزانيا لعلاج الأطفال المصابين بتشوهات خلقية بالمجان، حيث أجرت القافلة أكثر من 50 عملية جراحية وقامت بتوقيع الكشف الطبي على أكثر من 200 طفل. وسبق ذلك في أغسطس من عام 2016، قيام وفد مكون من 7 أطباء من جامعة الإسكندرية بزيارة لتنزانيا وجزيرة زنزبار، في إطار الاتفاق الموقع بين جامعة الإسكندرية وجامعة موهمبيلى التنزانية بهدف دعم التعاون الصحي والعلمي بين الجامعتين لإجراء عمليات جراحية للأطفال.
وتُعد هذه الزيارة الثالثة للعام الثالث على التوالي لوفد طبي من جامعة الإسكندرية، حيث قام وفد طبي مماثل في العامين السابقين بزيارة تنزانيا لإجراء عمليات جراحية وعلاج بعض الأطفال الذين يحتاجون رعاية طبية عاجلة.
أ ش أ