فى زيارته السادسة للصين والأولى بعد تولى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى ، يشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي و٣٦ من قادة الدول في العاصمة الصينية بكين غدًا الخميس فعاليات “منتدى الحزام والطريق”، الذي من المنتظر أن تتخلله اعتمادات لتمويل مشروعات تحترم أهداف التنمية العالمية وتشجع النمو الأخضر ، وتستهدف مبادرة الحزام والطريق ، التي تعد محورا أساسيا في سياسات الرئيس الصيني شي جين بينج ، إعادة بناء “طريق الحرير” القديم لربط الصين بآسيا وأوروبا وما هو أبعد من ذلك، من خلال مشروعات للبنية الأساسية ستتطلب نفقات ضخمة.
تعتبر مصر والصين من أقدم وأثري الحضارات في العالم، وقد تلاقت الحضارتان علي مر العصور تجاريًا وثقافيًا، ومع قيام جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر عام 1949 ونجاح ثورة ٢٣ يوليو عام 1952 في مصر، تلاقت توجهات البلدين في الدفاع عن قضايا العالم الثالث، فكان لقاء الرئيس جمال عبد الناصر ورئيس الوزراء الصيني ” شو إن لاي” في عدة مناسبات (رانجون – باندونج)، ثم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 30 مايو عام 1956 ، لتكون مصر بذلك أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، وكانت هذه الخطوة نقطة فارقة في علاقات الصين الدولية في ظل مناخ الحرب الباردة ، حيث كان لدور مصر الرائد على المستويين العربي والأفريقى تأثيره الكبير على الساحة الدولية، وتوالى الاعتراف بعد ذلك بجمهورية الصين الشعبية.
شهدت العلاقات المصرية الصينية تطورا مستمرا في كافة المجالات علي مدار العقود الستة الماضية، وأثبتت تلك العلاقات قدرتها على مواكبة التحولات الدولية والإقليمية والداخلية، و ساعد خلوها – منذ إقامتها – من أي تعارض في الأهداف الاستراتيجية على تميزها لصالح القاهرة وبكين اللتين تنتهجان استراتيجيات وسياسات تكاد تكون متوافقة من حيث السعي والعمل من أجل السلام في كافة أرجاء العالم ، والدعوة إلى ديمقراطية العلاقات الدولية ، وإقامة نظام دولي سياسي واقتصادي منصف وعادل ، واحترام خصوصية كل دولة ، فضلا عن تفهم كل طرف للقضايا الجوهرية للطرف الآخر وتبادلهما التأييد في هذا الصدد.
وسطر الرئيسان عبد الفتاح السيسى وجين بينج تاريخًا جديدًا للعلاقات بين مصر والصين بما يعود بالمنفعة المتبادلة على البلدين ، وعزز توقيع الرئيسيان “شراكة استراتيجية شاملة” فى عام 2014 عزز التعاون الاقتصادي والسياحي بين الجانبين ، وهي مبادرة تشمل العلاقات التجارية والاستثمارية والسياسية، حيث تنمو علاقة الصين ومصر الاقتصادية تدريجيا ، من منطلق الروابط القوية المتجذرة في القرار السياسي الذي اتخذته حكومتا البلدين قبل سنوات .
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورًا مستمرًا ، ويعمل الجانبان على تشجيع وزيادة الاستثمارات الصينية في مصر، ، وقد بلغ حجم استثمارات شركات صينية فى مصر 6 مليارات دولار بزيادة قدرها 80 فى المائة خلال الـسنوات الأربع الماضية ، فيما زادت الواردات المصرية بنسبة 60 فى المائة ، حيث تعد الصين إحدى الدول الرئيسية المصدرة للاستثمارات، وتشير كافة المؤشرات إلى أن الاستثمارات الصينية الخارجية ستستمر في التزايد في ظل معدلات النمو العالية والمتصلة التي تحققها الصين، في قطاع الصناعة أو الموارد الطبيعية أو الخدمات، وعلى الرغم من أن حجم الاستثمارات الصينية في مصر لا يزال أقل كثيراً من المتوقع، إلا أن الصين جاءت في السنتين الأخيرتين على قائمة أكبر المستثمرين في مصر مما يبشر بمستقبل واعد للاستثمارات الصينية في مصر خاصة في مجال الطاقة.
وحقق التعاون بين البلدين في مجال البترول شوطًا كبيرًا شمل التصنيع المشترك للحفارات والتنقيب والتصنيع المشترك للمواسير، بالإضافة إلى مجالات أخرى غير نفطية مثل تصنيع الوقود الحيوي وبدائل الغاز الطبيعي، إلى جانب نقل التكنولوجيا وتدريب العمالة والكوادر البشرية ، وفي مجال الطاقة أبدت مصر اهتماما كبيرا بدخول الشركات الصينية في المناقصات التي تطرحها مصر بشأن مشروعات الطاقة التقليدية والمتجددة استفادة من الإمكانيات الكبيرة للشركات الصينية في هذا المجال الذي حققت الصين فيه تقدمًا كبيرًا.
وتهتم مصر بالتعاون مع الصين في مجالات البيئة وتغير المناخ والتخلص من النفايات الصلبة والنفايات الخطرة، إلى جانب الاستمطار الصناعي وتدوير قش الأرز والمخلفات الزراعية والحد من التلوث الناتج عن مصانع الأسمنت واستخراج الطاقة من النفايات وسبل تدويرها ، والعمل على توسيع أنشطة الشركات الصينية العاملة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر .
وهناك تعاون صينى فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة محور قناة السويس ، فيما تعد مصر شريكًا فاعلًا فى مبادرة الحزام والطريق ، وتشهد علاقات مصر مع الصين تنسيقًا كبيرًا في إطار منتدى التعاون العربي/الصيني، ويعد التعاون بين مصر والصين تحت مظلة منتدى التعاون الصيني الأفريقي أحد انجح صور التعاون والتكامل الاستراتيجى الذى لعب البلدان دورًا كبيرًا لإنجاحه وتحقيق أهدافه بدعم التنمية في القارة الأفريقية وفي الدول الأفريقية الصديقة التيى تعتبر من أهم دوائر الاهتمام الاستراتيجي لمصر٠
المصدر: أ ش أ