حضور مصري لافِت فى كافة المحافل التى تجمع الأفارقة.. وسعى مصرى لافِت للدفاع عن كل ما يحقق مصالح إفريقيا والأفارقة .. وإيمان مصرى راسخ بتموضع القاهرة فى خارطة الجغرافيا مع إفريقيا تموضع الرأس من الجسد .. ورؤية مصرية متبصرة آمن بها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه مقاليد الحكم ،فى ٢٠١٤، فى أن المستقبل لإفريقيا وأن الدفاع عنه واستشراف آفاقه الرحبة يتطلب ما هو أكثر من الرغبة المشتركة .. يتطلب إرادة مشتركة وعملاً مشتركاً .
وفيما شهدت العقود الماضية على طريق وحدة إفريقيا وسيادة دولها ورخاء شعوبها العديد من النقاط المضيئة والنجاحات فقد جاءت التغيرات المتلاحقة والمفاجئة فى هيكل النظام الدولى الجديد لتلقى بظلالها وتفرض تداعياتها على القارة السمراء.. تداعيات ترافقها تحديات قد تكون أحدثت لدى البعض فى ربوع افريقيا بعضاً من التردد وربما الضبابية جراء قراءات متباينة للوضع الدولى ووسائل وخطط التعامل مع القضايا الدولية المستحدثة .. وتولى الرئيس السيسي الحكم فقام بتعزيز التعاون والتنسيق مع نظرائه من قادة إفريقيا وتفعيل البوصلة التى تحدد توجهات دول القارة فى مواقفها المشتركة ليواصل الأفارقة سوياً وبنفس رغبة وإرادة الوحدة مسارهم للحفاظ على مصالحهم المشتركة .
ونجحت مصر منذ تولى الرئيس السيسى الحكم فى إستعادة دورها الريادى والمحورى فى عمقها الإستراتيجي الإفريقي حاملة راية تسوية الأزمات والصراعات التى تقف عائقا أمام التنمية والإستقرار فى القارة الأم.
إيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمى والقارى وجهود وتحركات لتعزيز وتعظيم الدور الريادى لمصر فى القارة من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة في كافة المجالات جاءت فى مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية التى رسمها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ليكون الانتماء المصري للقارة الأفريقية في صدارة دوائر السياسية الخارجية وأحد أهم معالمها وعناوينها .
وبذلت مصر على مدار السنوات العشر الاخيرة ولم تزل ، جهودا مضنية من اجل إستدامة السلام وترسيخ الإستقرار فى ربوع إفريقيا سعياً لمستقبل أفضل للقارة وأبنائها .. وأكد الرئيس السيسى وبصفته رائد الاتحاد الإفريقي لملف إعادة الإعمار والتنمية – خلال إعلان سيادته عن انطلاق فعاليات النسخة الثالثة لأسبوع إعادة الإعمار والتنمية بالاتحاد الإفريقي تحت شعار “نحو مستقبل أفضل لإفريقيا من خلال بناء السلام” في الفترة من 22 إلى 27 نوفمبر الماضى – أنه يتعين تبني رؤية أفريقية شاملة لمُجابهة تحديات السلم والأمن والتنمية فى ضوء الأولوية التي نوليها جميعاً لجهود بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية في إفريقيا، في وقت تموج فيه القارة بتحديات جسيمة ومعقدة، وفي ظل أجواء جيوسياسية واقتصادية عالمية يسودها الاستقطاب .
ووجه الرئيس السيسي نداء لشركاء القارة للوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم وتقديم الدعم اللازم لدول القارة في مسيرة بناء السلام والتنمية وفقاً لاحتياجات وأولوية الدول الإفريقية إعمالاً لمبدأ الملكية الوطنية.
وقال الرئيس السيسي “وبالمثل أؤكد التزامي بمواصلة بذل كافة الجهود الرامية لاستدامة السلام وترسيخ الاستقرار في إفريقيا، بالتنسيق مع أشقائي رؤساء الدول والحكومات الإفريقية وأجهزة ووكالات الاتحاد الإفريقي، وأدعوهم في هذا السياق لتضمين محاور السياسة المحدثة لإعادة الإعمار والتنمية في خططهم الوطنية اتساقاً مع أهداف أجندة 2063، لاسيما مع دخول القارة في العقد الثاني من تنفيذ الأجندة”.
وفى الوقت الذى ينطلق فيه قطار الجمهورية الجديدة صوب التنمية والإزدهار فى ربوع البلاد .. حرصت مصر بقيادة السيسى على العمل من أجل تحقيق التنمية فى القارة من خلال العديد من المشروعات المشتركة والدفاع فى كافة المحافل الدولية عن حق الدول الإفريقية العادل فى النهوض والسلام والإستقرار والتقدم.. حرص بدأ منذ نحو عشر سنوات وواصلته القاهرة خلال عام ٢٠٢٣ الذى يلملم أوراقه.
ثوابت للسياسة الخارجية لمصر تتبعها الدولة المصرية دفاعا عن حق القارة فى التنمية.. ثوابت عكستها كلمة الرئيس السيسى خلال الجلسة الافتتاحية للإجتماعات السنوية بمحموعة البنك الإفريقي للتنمية بشرم الشيخ فى شهر مايو الماضى حيث أشار سيادته إلى أن الدول الإفريقية تحتاج الى ٢٠٠ مليار دولار سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة طبقاً لتقديرات الأمم المتحدة وبنك التنمية الإفريقي .. مضيفاً ان الأزمات العالمية أثرت بقوة على إقتصادات الدول النامية وعلى رأسها إقتصادات دول القارة الإفريقية.
وأضاف الرئيس السيسى أن الدول الإفريقية تعانى فى الأساس من تحديات داخلية عديدة، ما يتطلب أفكاراً غير تقليدية للبحث عن حلول تمويلية تساهم فى دفع عجلة المشروعات الأكثر الحاحاً وبخاصة فى مواجهة تحديات تغير المناخ والتنمية المستدامة.
وأوضح الرئيس السيسى أن الإحتياجات التمويلية لمواجهة الإنعكاسات السلبية للتغيرات المناخية فى إفريقيا تقدر بنحو ثلاثة تريليونات دولار حتى عام ٢٠٣٠.
وفى ذات السياق ودفاعاً عن حقوق القارة الأم فى التنمية.. طرح الرئيس السيسى خلال القمة الروسية الإفريقية الثانية التى عقدت فى يوليو الماضى بسان بطرسبرج، رؤية مصر بشأن الظرف الدولي الراهن، وكذا أهم المحاور التي نُقدر أهمية التركيز عليها، كأساس لتعميق التعاون القائم تحت مظلة شراكتنا الإستراتيجية، حيث أكد سيادته في هذا الشأن أهمية إيجاد حلول عاجلة لتوفير الغذاء والأسمدة بأسعار تساعد أفريقيا على تجاوز هذه الأزمة، مع البحث عن آليات تمويل مبتكرة تدعم النظم الزراعية والغذائية في أفريقيا، معربا عن التطلع للتوصل لحل توافقي بشأن اتفاقية تصدير الحبوب يأخذ في الاعتبار مطالب كافة الأطراف ومصالحهم ويضع حداً للارتفاع المستمر في أسعار الحبوب.
مصر تؤمن بمحورية مسار التكامل الإقليمى لدفع معدلات التنمية فى دولنا الأفريقية وتعزيز سبل الاستقرار بها.. كلمات أكد عليها الرئيس السيسى فى كلمته أمام قمة منتصف العام التنسيقية التابعة للإتحاد الإفريقي خلال مناقشة البند الخاص بدور وكالة الإتحاد الإفريقي الإنمائية (النيباد) فى تعزيز التكامل الإقليمى والقارى تحت مظلة أجندة 2063 بالعاصمة الكينية نيروبى.. مشيراً إلى إستعداد مصر للعمل بكل جهد وإخلاص، لتعميق التكامل الاقتصادى بين دول الإقليم، ودفع مُعدلات التنمية فى دولنا، بما يسهم فى رفع مستوى معيشة شعوبنا.
وقال الرئيس إن مصر تتولى رئاسة (النيباد)، فى ظروف بالغة الدقة، تتزامن مع تغيرات ملموسة على المستويين الدولى والإقليمى على الأصعدة السياسية والإقتصادية، وبما بات يتطلب تكاتف جهودنا لمواجهة التحديات التى تواجه شعوبنا، وتؤثر على قدرتنا على الإستمرار فى المسار التنموى لدولنا الأفريقية.. مضيفاً أن مصر وضعت أمام أعينها أهدافاً مُحددةً خلال رئاستها للنيباد (٢٠٢٣-٢٠٢٤)، ترتكز على دفع معدلات التكامل الإقتصادى وإقتراح حلول لمواجهة التحديات القائمة، وهى الأولويات التى سيتم العمل على تنفيذها عبر التنسيق مع سكرتارية النيباد، برئاسة المديرة التنفيذية ناردوس بيكيلى، ومن خلال التشاور المستمر مع الدول الأفريقية الشقيقة”.
وأستعرض الرئيس السيسى أبرز الأولويات المصرية لرئاسة النيباد والتى تتمثل فى سرعة الإنتهاء من الخطة العشرية الثانية لتنفيذ أجندة التنمية الأفريقية (2024-2034) بحيث تكون وثيقة جامعة يمكن الإستناد إليها فى تقييم مدى تحقيق القارة لأهداف أجندة التنمية العشرية حتى عام 2034؛ إستمرار جهود حشد الموارد المالية فى المجالات ذات الأولوية، وعلى رأسها تطوير البنية التحتية، فى إطار برنامج تنمية البنية التحتية الأفريقية، بما فى ذلك المشروعات ذات الأهمية، ومنها مشروع الربط الملاحى بين البحر المتوسط وبحيرة فكتوريا والطريق البرى الرابط بين القاهرة وكيب تاون، بالإضافة إلى إستمرار المساعى لتعزيز دور القطاع الصناعى فى دولنا الإفريقية، وإنخراطنا فى سلاسل القيمة المضافة عالميًا، عبر تحفيز تنوع الصناعات الإفريقية .. ودعا فى هذا الإطار إلى تبنى مقترح سكرتارية النيباد لإطلاق مبادرة “فريق إفريقيا لحشد الموارد” وذلك لتحديد الإحتياجات التمويلية للقارة الإفريقية.
كما تتضمن هذه الأولويات تكثيف الجهود مع الشركاء الدوليين والمنظمات التمويلية لإيجاد حلول فعالة لمعالجة أزمة الديون المتراكمة، بما فى ذلك من خلال وضع آليات لتخفيف عبء الديون، عبر الإعفاء أو المُبادلة أو السداد المُيسر، بالإضافة للمقترحات ذات الصلة بحوكمة النظام المالى العالمى، بشكل يراعى إحتياجات الدولة النامية بدرجة أكبر؛ و الإسراع نحو تحقيق الآمال المستهدفة من إتفاقية التجارة الحرة القارية؛ والمضى قدمًا فى حشد الموارد اللازمة، لبرنامج الرابطة الثلاثية بين السلم والأمن والتنمية، والذى يتشارك فى أولوياته وأهدافه مع ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، الذى أشرف بريادته على مستوى القارة الأفريقية.
تواصل وتنسيق مستمر مع القيادات الافريقية حيال كافة القضايا القارية والدولية حرص عليه الرئيس السيسى منذ إنتخابه رئيساً للبلاد فى ٢٠١٤ وذلك من خلال الزيارات المتبادلة والإتصالات الهاتفية ومشاركة الرئيس فى كافة الإجتماعات والقمم التى تعقد على مستوى قادة القارة.
ويظل الحفاظ على السلم والأمن فى ريوع إفريقيا على رأس اولويات مصر بقيادة الرئيس السيسى حيث تلعب القاهرة دوراً كبيراً وتبذل كافة الجهود لحلحلة الأزمات سواء القائمة ومن بينها الأزمة الليبية أو تلك التى تستحدث كما هو الحال بالنسبة للتطورات الأخيرة التى يشهدها السودان، حيث تواصل مصر الجهود والتحركات و الإتصالات التى يجريها الرئيس السيسى مع القيادات الإفريقية والأطراف الفاعلة والشركاء الدوليين والإقليميين من أجل عودة الإستقرار فى ربوع السودان الدولة الجارة والشقيقة.
كما أستضافت القاهرة فى شهر يوليو الماضى قمة دول جوار السودان والتى دعا إليها الرئيس السيسى سعيا لاستعادة السودان استقراره .
سنوات عشر وضعت خلالها مصر القارة الإفريقية فى صدارة أولويات سياستها الخارجية لتستعيد مكانتها وعلاقاتها مع الاشقاء، وهو ما أكد عليه وزير الخارجية سامح شكرى – خلال مؤتمر “حكاية وطن”، حيث أشار الوزير إلى أنه فى سنوات بسيطة إستعادت مصر ثقة القارة الإفريقية وعضويتها فى 2014 فى بداية تولى الرئيس السيسى الرئاسة، وأصبح دائم الدفاع ومعبراً عن طموحات القارة، وتوفير التمويل الميسر لهذه الدول حتى تخرج من الإعتماد على المنح للإعتماد على الذات.
وأضاف وزير الخارجية ان الرئيس قام بأكبر عدد للزيارات الإفريقية والتقى بالزعماء الأفارقة سواء فى عواصمهم أو فى إجتماعات وحضر كل القمم الإفريقية مما جعل العلاقة الشخصية والمؤسسية بين مصر ودول القارة الإفريقية لها وزن وقيمة وإهتمام.
خطى ثابتة مضت بها مصر ولا تزال لتعزيز دورها الريادى فى القارة الإفريقية بعد ثورة الثلاثين من يونيو حيث وضع الرئيس السيسى عناصر عديدة متكاملة ومتناغمة لضمان إعادة تمركز مصر فى قارتها ليس فقط استناداً على التاريخ والجغرافيا بل بترسيخ أسس للتعاون بين مصر والدول الإفريقية الشقيقة على جميع الأصعدة السياسية والإقتصادية والثقافية والشعبية والإنسانية توظف فيه مصر إمكانياتها وعلاقاتها الدولية من أجل النهوض بالقارة الإفريقية بأسرها وتحقيق التنمية التى تنشدها شعوبها.
ويدرك الأفارقة أن نسل حام بن نوح وحَّد من قديم الأزل هويتنا المشتركة من أقصى شمال القارة لأقصى جنوبها .. ولو كان المجتمع الدولى مُنصِفاً ومثلما أقر قانونا لتجربم العبودية ، لأقر قانوناً آخر يجرم إستنزاف القارة السمراء أو بالأحرى يجرم ” استنزاف الحامية ” التى ربطت شعوبها منذ الأزل مثلما فى خارطة الجغرافيا والتاريخ الحافل بالنضال المشترك .. نضالٌ من أجل التحرر من إستعمار الماضى بوجهه الخشن مثلما هو نضال للتحرر من إستعمار الحاضر بوجهه الناعم .. نضال لاستشراف مستقبل ينعم بالرخاء لشعوب افريقيا .. نضالٌ لم تكِل مصر عن حمل رايته مثلما لن تكِلَ عن الإمساك ببوصلته .
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)