في مواجهة ازدياد الإصابات الجديدة لاسيما في أوروبا والولايات المتحدة، يكرر مسؤولو منظمة الصحة العالمية بلا كلل الرسالة نفسها “لم يفت الأوان مطلقاً” لمكافحة الفيروس ويجب استخدام كل الوسائل المتاحة من أجل ذلك ومحاولة تجنب فرض تدابير احتواء عامة جديدة مثلما حدث في الربيع.
وشدد مدير الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، مايكل راين، على خطورة الوضع في أوروبا من آيسلندا إلى الشرق الأقصى الروسي. وقال “في الأسبوع الماضي، جاءت 46% من جميع الحالات في جميع أنحاء العالم من منطقة أوروبا”.
وقال “إنها ما يقرب من ثلث الوفيات في العالم. لذلك لا شك في أن منطقة أوروبا هي بؤرة للمرض في الوقت الحالي”.
وعبرت ماريا فان كيرخوف، المسؤولة عن إدارة الوباء في منظمة الصحة العالمية، عن قلقها إزاء الزيادة في عدد حالات دخول المستشفى ودخول وحدات العناية المركزة والتوقعات التي تظهر أنها ستصل إلى مرحلة الامتلاء “في الأيام والأسابيع المقبلة”.
وأكدت مجدداً أن “هناك أشياء كثيرة يمكن أن تفعلها هذه الدول للسيطرة على الوباء”، مذكرة بأن الدول في جميع أنحاء القارة نجحت في خفض عدد الحالات بشكل كبير.
وشددت على أنه “يمكنهم فعل ذلك مرة أخرى”، مشيرة إلى أهمية التعرف على جميع الأشخاص الذين كانوا على اتصال بحالة مؤكدة إيجابية وعزلهم. وحذرت من أن “الخيار الآخر، إذا لم نضع المخالطين للحالات المثبتة في الحجر، هو أن يوضع الجميع في الحجر الصحي، وهذا ما نريد تجنبه”.
وحذر زعماء أوروبا من أن الأشهر المقبلة ستكون صعبة في الوقت الذي أجبرت فيه جائحة كوفيد-19 السلطات على فرض قيود جديدة لمحاولة الحد من انتشار المرض.
ووردت أنباء إيجابية تمثلت في التقارير التي أفادت بأن لقاحاً تطوره جامعة “أوكسفورد” وشركة “أسترا زينيكا” حفز استجابات مناعية لدى كبار السن والشبان.
لكن وزير الصحة البريطاني مات هانكوك حذر من أن اللقاح لن يكون متاحاً على نطاق واسع قبل العام المقبل وقال “لم نصل (إلى هذه النقطة) بعد”.
وفي أماكن أخرى، كان المشهد قاتما حيث أعلنت بعض الدول عن زيادات قياسية، وعلى رأسها فرنسا التي سجلت أكثر من 50 ألف حالة في يوم واحد لأول مرة أمس الأول الأحد، بينما تجاوزت قارة أوروبا عتبة 250 ألف حالة وفاة.
وحذر طبيب فرنسي الاثنين من أن بلاده “فقدت السيطرة على الوباء”. وقال الدكتور جان فرانسوا دلفريسي، رئيس المجلس العلمي الذي يقدم المشورة للحكومة الفرنسية بشأن الفيروس، إن البلاد في “وضع صعب للغاية، حتى إنها في وضع حرج”.
وتحاول الحكومات باستماتة تجنب الإغلاق الذي كبح المرض في بداية العام على حساب إغلاق اقتصاداتها بالكامل. لكن الارتفاع المطرد في الحالات الجديدة أجبرها على تشديد الضوابط.
ونقلت صحيفة “بيلد” عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قولها في اجتماع لزعماء في الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي له “نواجه شهورا صعبة جدا جدا”.
وعلى الرغم من أن أداء ألمانيا كان جيدا نسبيا مقارنة بدول أخرى في أوروبا، إلا أنها شهدت أيضا ارتفاعا حادا في الحالات وقال معهد “إيفو” إن مؤشره لمناخ الأعمال انخفض اليوم الاثنين، مما يعكس المخاوف بشأن الفيروس.
وفي إسبانيا، التي سجلت أكثر من مليون حالة إصابة بالمرض، حذر رئيس الوزراء بيدرو سانتشيث من أن البلاد تواجه وضعا “بالغ الصعوبة” وأعلن حالة طوارئ جديدة الأحد وفرض حظر تجول محليا خلال الليل وحظر السفر بين المناطق في بعض الحالات.
كما فرضت إيطاليا، التي كانت الأكثر تضررا في المراحل الأولى من الأزمة في مارس، قيودا جديدة وأمرت بإغلاق المطاعم والحانات اعتبارا من الساعة السادسة مساء وإغلاق دور السينما والصالات الرياضية وفرض حظر تجول محلي في عدة مناطق.
وسُلطت الأضواء على المناخ المتوتر الذي يواجهه رئيس الوزراء جوزيبي كونتي بعد اشتباكات في الشوارع مع مجموعات صغيرة من المتظاهرين خلال مطلع الأسبوع وانتقاد أصحاب المطاعم ومجموعات الأعمال لتأثير الإجراءات.
وتسبب فيروس كورونا المستجد بوفاة ما لا يقل عن 1,155,301 شخص في العالم منذ أبلغ عن ظهور المرض في الصين نهاية ديسمبر، بحسب تعداد أعدته وكالة “فرانس برس” استناداً إلى مصادر رسميّة مساء الاثنين.
وأعدّت هذه الحصيلة استناداً إلى بيانات جمعتها مكاتب وكالة “فرانس برس” من السلطات الوطنية المختصّة وإلى معلومات نشرتها منظمة الصحة العالمية.
وتم تسجيل إصابات بالفيروس في أكثر من 210 دول ومناطق منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة في الصين في ديسمبر 2019.
ولا تعكس هذه الأرقام إلا جزءا من العدد الفعلي للإصابات، إذ لا تجري دول عدة فحوصا إلا للحالات الأكثر خطورة، فيما تعطي دول أخرى أولوية في إجراء الفحوص لتتبع مخالطي المصابين، تضاف إلى ذلك محدودية إمكانات الفحص لدى عدد من الدول الفقيرة.
المصدر: وكالات