قال ابراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية إن لجنة استرداد أراضى الدولة التى يترأسها ستبدأ هذا الأسبوع اجراءات عاجلة وسريعة لإنهاء طلبات التقنين التى تلقتها على مدى الشهور الماضية والتى تجاوزت العشرة ألاف طلب تزيد مساحات الأراضى المسجلة بها عن مليونى فدان.
وأضاف محلب أن اللجنة استغرقت وقتا فى مواجهة العقبات والمعوقات التى صنعتها مافيا الفساد فى ملف الأراضى على مدى العقود الماضية، كما كانت اللجنة حريصة على أن تعمل بنظام يضمن ألا يتحول تقنين الأراضى الى باب خلفى للتلاعب أو الإستيلاء على أراضى الدولة دون وجه حق،ولهذا كان لابد من أن تعمل عدة لجان فى وقت واحد، منها لجان لحصر أراضى الدولة المتعدى عليها، ولجان أخرى لفض تنازع الولايات وحسم تبعية الأراضى لجهات الدولة المختلفة، بجانب اللجان القانونية التى عملت على مراجعة كل القوانين التى تحكم أراضى الدولة والتعامل عليها وسد كل الثغرات التى يمكن ان ينفذ منها الفساد، وفى الوقت نفسه كانت لجان تلقى الطلبات تعمل كل يوم لاستقبال طلبات التقنين من المواطنين.
وأضاف أنه يقدر رغبة البعض فى تسريع وتيرة التقنين وتحصيل حق الدولة، لكن كان الأهم عند اللجنة أن يتم التقنين بضوابط ومعايير واضحة وبعد مراجعة كاملة لكل التفاصيل حتى لا نقع فى نفس الأخطاء السابقة، ونتيجة التأنى فى خطوات التقنين والتصالح نجحنا فى الحفاظ على حق الدولة كاملا دون تنازل تحت ضغط الاستعجال، ففى بعض الحالات كان من الممكن أن يتسبب الإستعجال فى إهدار مليارات على الدولة، لكن يقظة اللجنة وعدم استجابتها لأى محاولات استفزاز كان سببا فى أن ترتفع حصيلة حالة واحدة من عشرات الملايين الى ما يزيد عن مليارى جنيه.
وفى حالة أخرى تسبب عدم التسرع فى اكتشاف مساحات جديدة من أراضى الدولة لم تكن فى الحسبان، فمساحات اراضى طرح النهر المسجلة فى أسوان مثلا كانت لا تتعدى 223 فدانا زراعيا و306 ألاف متر مبان ومرافق، لكن اصرار اللجنة على عدم الإعتراف بأى حصر سابق وأن تتم المراجعة الدقيقة من خلال هيئة الإصلاح الزراعى اكتشفنا أن مساحة طرح النهر فى هذه المحافظة تزيد عن 1900 فدان زراعى ومليونى متر مربع مبان، أى أن المساحات تضاعفت نحو سبعة أمثال وهذا مؤشر على الوضع فى كل المحافظات الأخرى.
واضاف أن الأخطر أنه فى مدينة المنيا وحدها وبعد تكليف اللجنة لهيئة الإصلاح بالمراجعة الدقيقة لأراضى طرح النهر كانت المفاجأة أن مساحة هذه الأراضى فى منطقة واحدة ببندر المنيا تتعدى 425 الف متر تتجاوز المبالغ المستحقة عنها كحق انتفاع 163 مليون جنيه، أى أكبر من الحصيلة التى جمعتها الهيئة عن اراضى طرح النهر طوال العامين الماضيين بالكامل، ناهيك عن حالات الفساد التى تم ضبطها وكان من الممكن أن تهدر جهود اللجنة كاملة، لولا اليقظة وتعاون الأجهزة الرقابية.
وأشار إلى أن القضية ليست سرعة انهاء اجراءات التصالح أو التقنين بقدر ما هى الحفاظ على حق الدولة كاملا وفى الوقت نفسه حماية حق أى مواطن جاد يريد الإلتزام بسداد ما عليه، وهذا ما تعمل من أجله اللجنة التى تضم مجموعة من المقاتلين الذين يبذلون قصارى جهدهم من أجل انهاء هذا الملف .
وقال إنه على مدار اليوم يتابع مع اللواء أحمد جمال الدين مستشار الرئيس للشئون الأمنية عمل اللجان المختلفة وتاصدر القرارات والتوجيهات بشكل فورى، وتتواصل الأمانة الفنية التى يرأسها اللواء عبدالله عبد الغنى مع كل المسئولين عن هذا الملف لإنجاز المهمة بل ومحاسبة كل من يقصر أو يحاول تعطيل عمل اللجنة، وكل الأجهزة الرقابية تعمل على مدار الاربع والعشرين ساعة وجهات الولاية لا تنام ولجانها اصبحت منتشرة فى المحافظات للحصر والتقييم.
وقال محلب إن عدم الإستعجال من اللجنة لم يتحول الى بطء بدليل أنه فى الوقت الذى كنا نراجع كل التفاصيل وبدقة استطعنا أن ننجز الكثير من الملفات التى أصبحت جاهزة الأن للتقنين والتحصيل الفورى لحق الدولة، فلدينا أكثر من 1200 حالة انتهت من المراجعة القانونية والتسعير وكل الإجراءات اللازمة للتقنين وأصبحت جاهزة للتحصيل، بل وبدأ بالفعل تسليم الدفعة الأولى من عقود التقنين كما بدأت اللجنة تسليم شهادات جدية للتقنين أيضا لمن يطلب حفاظا على حقه طالما توافرت فيه شروط التقنين وهو ما يتم حاليا بالتنسيق بين هيئتى التعمير والخدمات الحكومية.
وأوضح بجانب أكثر من 300 ألف فدان بالمنيا تم توجيه لجان الى المحافظة للتعامل المباشر وتحصيل حق الدولة مقابل تقنينها بالتنسيق مع المحافظ.وفى الوقت نفسه تم نقل ولاية نحو 53 ألف فدان لمحافظة البحيرة وبدأت لجان التقنين المشكلة من المحافظة وهيئة الخدمات الحكومية عملها للتقنين الأسبوع الحالى وفق معايير تم وضعها فى اللجنة بالتنسيق مع المحافظة.
وأكد محلب أن الفترة القادمة ستشهد انجازات يلمسها المواطن العادى، سواء إنهاء اجراءات التقنين لأكبر عدد من الطلبات التى توافق القانون، أو تحصيل حقوق الدولة عن هذه الأراضى، وهناك مستهدف وضعته اللجنة لنفسها بالتنسيق مع جهات الولاية بحيث لا تقل الحصيلة عن 300 مليون جنية على الأقل اسبوعيا، كما سنجد لجان التقنين تتوجه الفترة القادمة الى محافظات الصعيد لتقنين الأراضى الموجود هناك، وستتواصل مزادات بيع الأراضى المستردة.
وكشف محلب أن العام الذى مر من عمر لجنة استرداد الأراضى شهد العديد من الإنجازات غير المسبوقة فى هذا الملف لكن لم يعرف بها المواطنون لأن اهتمامهم ينصب فقط بالتقنين وتحصيل المليارات لخزانة الدولة، وهذا حقهم، لكن كيف كنا سنصل الى حق الدولة دون أن نعمل بحرص شديد واصرار على مواجهة مافيا الفساد وإحالة العديد من العصابات التى تتاجر فى أراضى الدولة الى الجهات القضائية والأمنية المختصة، وكيف كنا سنصل الى حق الدولة وهناك مئات بل ألاف الملفات العشوائية أو الناقصة والضائعة، ومئات الألاف من الأفدنة التى لا نعلم الجهة صاحبة الولاية عليها، وتعاقدات بالمخالفة للقانون، وجهات تتعاقد على أراضى لا تملكها، وجهات تحصل أموالا عن أراضى لا تتبعها، ناهيك عن المتعدين على أراضى الدولة الذين لم يدفعوا مليما منذ سنوات بل عقود وظنوا أن الدولة استسلمت لهم، وعندما وجدوا لجنة أراضى الدولة تتحرك وتصر على حق الدولة بذلوا كل ما فى وسعهم من أجل تعطيلها ووضع العراقيل أمامها بل وصل الأمر الى التشويه المتعمد للجنة.
وقال “فوجئنا ببعض المتعدين على الأراضى عندما بدأت اللجنة اجراءاتها لسحب الأرض منهم لعدم جديتهم حاولوا خداع مستثمرين عرب لتوريطهم كشركاء فى مشروعات وهمية على هذه الأراضى من أجل إحراج الدولة وتصوير اللجنة على أنها تقف ضد الاستثمار، لكن تم التواصل مع هؤلاء المستثمرين العرب وشرح الوضع لهم والتأكيد بأن الدولة مستعدة للتعامل معهم بشكل قانونى وتخصيص أراض لهم لإقامة ما يريدون من مشروعات”.
وقال محلب إن من أهم الإنجازات التى حققتها اللجنة خلال العام أنه أصبح لدينا أرقاما واضحة لأراضى الدولة ومعلومات شبه كاملة عن نوع التعديات وأماكنها، فلم تعد أراضى الدولة تائهة ضائعة، بل معروفة وبدقة ليس فقط على مستوى الهيئات العامة وانما المحافظات أيضا، وسوف تكتمل خريطة الأراضى أمام اللجنة خلال فترة وجيزة.
ومن الإنجازات أيضا استرداد مساحات ضخمة من الأراضى للمحافظات لم تكن تستطيع استردادها، فالقاهرة وحدها استردت لها اللجنة نحو 150 ألف متر وتواصل عملها لاسترداد باقى المساحات المتعدى عليها.
وطالب محلب الجميع الالتزام بالقانون وعدم الانسياق وراء ما يروجه بعض أصحاب المصالح، فالقضية أكبر من مجرد تحصيل أموال، القضية ثروة مصر من الأراضى وكيف نضمن الإستثمار الأمثل لها، وألا تقع فى أيدى مافيا التسقيع والتربح.كما أن القضية كيف نواجه الفساد وفى الوقت نفسه نحطم البيروقراطية الإدارية، ونحقق فلسفة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى تمكين المصريين من استقرار أوضاعهم والإستثمار لصالح البلد.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)