يعتبر معبر رفح البري في جنوب قطاع غزة الشريان الحيوي الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي عبر بوابته التي تفصله عن شبه جزيرة سيناء في مصر. يقع هذا المعبر الحدودي في أقصى جنوب مدينة رفح، وأنشئ بعد اتفاق السلام الإسرائيلي- المصري عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982.
يعود تاريخ معبر رفح إلى عام 1948 عند انتهاء حرب فلسطين وإلغاء الحدود بين مصر وغزة حيث سيطرت القوات المصرية على المنطقة. وبعد حرب 1967، احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء وسيطرت على المعبر.
وبعد توقيع معاهدة أوسلو عام 1993 (معاهدة السلام الفلسطينية الإسرائيلية)، تم الاتفاق على إعادة فتح معبر رفح للأفراد والبضائع، وبقي الجانب الواقع داخل الأراضي الفلسطينية تحت سيطرة هيئة المطارات الإسرائيلية حتى نوفمبر عام 2005، تاريخ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة وتولي مراقبين أوروبيين الإشراف عليه.
وقضت اتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عام 2005 على أن “يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية – الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري، بما لا يمس الأمن الإسرائيلي”.
وفي يونيو من عام 2007، بعد سيطرة حركة حماس على غزة، عرف معبر رفح تقلبات شتى مليئة بالتغيرات والخلافات بشأن التحكم في هذا الشريان الحيوي للقطاع، حيث عارضت حماس مشاركة إسرائيل في تشغيل المعبر، كما توقفت الرقابة الأوروبية بسبب غياب السلطة الفلسطينية، ورفض الأوروبيون التعامل مع الموظفين المحسوبين على حماس، مما أدى إلى إبقاء المعبر مغلقاً.
على مدى سنوات حتى أكتوبر 2023 تحول المعبر إلى ورقة ضغط يحاول فيها كل طرف توظيفها لخدمة سياساته، وعادة ما كانت مصر تفتح المعبر للحالات الإنسانية أثناء المواجهات بين إسرائيل وغزة، بما في ذلك دخول المساعدات الإنسانية واستقبال الجرحى والمصابين.
بعد عملية “طوفان الأقصى” في7 أكتوبر، لم يعد معبر رفح كما كان قبلها. وأصبح جزءاً من هذا الحدث التاريخي. إذ أغلقت تل أبيب كل معابرها مع القطاع في محاولة لخنق غزة. وتعرّض القطاع لأشد وأعنف الغارات الجوية والقصف المدفعي في محاولة لدفع سكانه على النزوح جنوباً نحو الحدود المصرية عند معبر رفح الذي أضحى الشريان الوحيد لبقاء سكان غزة على قيد الحياة.
إثر هذا التصعيد والحصار الإسرائيلي المطبق على القطاع، وبعد جهد، توصلت الوساطات الدولية إلى إيصال أول شحنة مساعدات إلى غزة عبر معبر رفح في 21 أكتوبر.
في الآونة الأخيرة، صعّد الجيش الإسرائيلي ضرباته على جنوب قطاع غزة وسط تحذير دولي وأممي من اقتحام مدينة رفح المكتظة بالسكان، والتي تؤوي أكثر من 1.5 مليون ونصف نازحٍ يعيشون في ظروف مأسوية.
يوم الثلاثاء في 7 مايو 2024 توغل الجيش الإسرائيلي في المنطقة المتاخمة لمدينة رفح بجنوب غزة وسيطر على معبر رفح، وأغلق معبر كرم أبو سالم الحدودي في أعقاب هجوم صاروخي يوم الأحد تبنته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أدى إلى مقتل أربعة جنود وإصابة أكثر من عشرة آخرين.
ويوم الأربعاء في 8 مايو أعلنت اسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم المستخدم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد أربعة أيام على إغلاقه. كما شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية على مدينة رفح في وقت تجري في القاهرة مفاوضات “الفرصة الأخيرة” للتوصل إلى هدنة بين حماس وإسرائيل.
هذا في وقت انتقدت فيه الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة وواشنطن إغلاق هذه المعابر التي تعتبر شريان حياة لتوصيل المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة حيث حذرت وكالات الإغاثة مرارا من مجاعة تلوح في الأفق مع احتدام الحرب بين إسرائيل وحماس.
ورغم التحذيرات والضغوط الدولية من أجل التوصل إلى هدنة، ما زال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مصمما على شن هجوم بري على رفح، آخر معقل لحركة حماس التي توعّدت إسرائيل بالقضاء عليها.
المصدر: وكالات