تتولى ليز تراس رئاسة الحكومة البريطانية خلفا لبوريس جونسون، وسط فترة اقتصادية مضطربة للغاية، في وقت ينتظر “حزب المحافظين” أن تنفذ المقترحات والخطط التي تعهدت بها، والتي توزعت على عدة محاور.
ووفق تقرير أوردته صحيفة “جارديان” البريطانية، فإن الضرائب وخفض تكاليف المعيشة، من أهم المحاور التي تعهدت تراس بمعالجتها، خصوصا في ظل اقتصاد متعثر ومعاناة المواطنين من ارتفاع التكاليف.
ووعدت تراس بعكس الزيادة الأخيرة في التأمين الوطني، وإلغاء الزيادة المقررة في ضريبة الشركات، بتكلفة إجمالية تبلغ حوالي 30 مليار جنيه إسترليني سنوياً.
كما ناقش فريق تراس فكرة خفض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، أو خفض ضريبة الدخل لمساعدة ميزانيات الأسر.
وفي حين قالت تراس إن قيمة خططها ستُسَدد من خلال الارتفاع المالي وتأخير سداد الديون المرتبطة بكورونا، قال منتقدون إنها ستحتاج إلى اقتراض مبالغ كبيرة، بأسعار فائدة باهظة الثمن، ما سيضغط على الاقتصاد.
وقد يكون أحد الخيارات هو توسيع ضريبة غير متوقعة على شركات الطاقة، لكن ترَس قالت إنها لا تحبذ ذلك.
وهناك شكوك كبيرة بشأن الاستجابة لأزمة تكاليف الطاقة من خلال خفض الضرائب، والتي من شأنها أن تفيد بشكل غير متناسب أصحاب الدخول المرتفعة، ولا تفعل شيئاً لأولئك الذين يعتمدون على المعاشات التقاعدية أو المساعدات.
ولم تستبعد تراس تقديم المزيد من المساعدة المباشرة بشأن فواتير الطاقة. وقالت صحيفة”جارديان” إن هذا الموقف على وشك أن يوضع قيد الاختبار من خلال الواقع الاقتصادي.
من جهتها، توقعت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية في تقرير لها، أن تبدأ تراس فور توليها رئاسة الحكومة بالتحرك سريعاً لوضع سياسات اقتصادية تخص قطاع الطاقة بشكل رئيس، لافتة إلى أنّ كبار المحافظين المتوقع تعيينهم في حكومتها طُلب منهم “بعبارات لا لَبس فيها” عدم الاستخفاف بفكرة أنّه من الممكن تجميد فواتير الطاقة أو وضع سقف لها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في قطاع الصناعة البريطاني قولها، إنّ “تجميد الأسعار للمستهلكين كان الموضوع الوحيد الذي تناولته المحادثات التي أجريت مع الحكومة”، بما في ذلك المناقشات التي شارك فيها وزير الدولة للأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية كواسي كوارتنج، الذي من المتوقع أن يكون مستشاراً لتراس.
وقال مصدر آخر للصحيفة “تتمثل الخطة الجديدة في إدخال شكل من أشكال الحد الأقصى لأسعار المستهلكين إلى جانب آلية لتعويض الموردين”.
وأوضح المصدر أنّه “لم يتم تحديد مستوى السقف الذي قد يتم وضعه للأسعار، كما ستحتاج الشركات، وخاصة المتخصصة في تقديم الخدمات وتجارة التجزئة، للحصول على دعم منفصل”.
وقال أحد كبار المسؤولين الحكوميين في لندن، لم تفصح عنه الصحيفة إنّ “حجم الحزمة التي يتم النظر فيها سيكون في حدود 69 مليار جنيه إسترليني على الأقل”.
وأوضحت الصحيفة أن ترَس نفسها لم تنكر في تصريحات أدلت بها، السبت الماضي، أن التكلفة الإجمالية للحزمة قد تصل إلى 100 مليار جنيه إسترليني، ورفضت الإدلاء بمزيد من التفاصيل بشأن خططها، ولكنها لم تستبعد فكرة وضع سقف للفواتير.
وقال أحد المصادر إنه لم يتم بعد الاتفاق على تفاصيل آلية وضع سقف للأسعار، معتبراً أنه أصبح من الواضح أن هذه الخطوة التي وصفها بـ”الجريئة” ستكون كافية.
وفي حين أكدت تراس التزامها بهدف صافي “صفر انبعاثات” الحالي في المملكة المتحدة، ويصر فريقها على أنها ستركز على الطاقة المتجددة.
لكن قلقا بشأن أولوياتها يساور بعض المؤيدين للطاقة النظيفة من “حزب المحافظين” وفقاً لصحيفة “جارديان”، فواحدة من سياسات تراس المباشرة القليلة بشأن تكلفة المعيشة، هي تعليق “الرسوم الخضراء” على فواتير الطاقة، والتي تستخدم للاستثمار في مخططات الطاقة المتجددة.
كما تعارض تراس المزارع البرية لتوليد الطاقة من الرياح، ووصفت رؤية خلايا الطاقة الشمسية في الأراضي الزراعية بأنها “واحدة من أكثر المشاهد المحبطة” في بريطانيا الحديثة.
وعلى النقيض من ذلك، فهي تدعم التكسير الهيدروليكي للغاز الصخري، ويقال إنها تريد أن ترى دفعة لجهود الحفر الجديدة في بحر الشمال، ودعمت توسعاً كبيراً في الطاقة النووية، ولم تتحدث عن الجهود المبذولة للحد من استهلاك الطاقة، مثل دعم العزل للمنازل.
لا تزال تراس ملتزمة بالخطط الحالية لدعم هيئة الخدمات الصحية الوطنية والرعاية، إلا أن هناك مشكلة تتمثل في أن تراس وعدت بعكس ارتفاع التأمين الوطني الذي يهدف إلى توفير النقد أولاً، للمساعدة في حل مشكلات هيئة الخدمات الصحية التي تفاقمت بسبب جائحة كورونا، وعلى المدى الطويل تأمين رعاية اجتماعية أفضل.
خلال الحملة الانتخابية، وعدت تراس بمضاعفة سياسة ترحيل طالبي اللجوء وغيرهم من المهاجرين إلى رواندا، والبحث عن بلدان أخرى تستقبلهم.
وتقول “جارديان” إنه “يبقى أن نرى مدى جدوى ذلك، أو ما إذا كان سيكون له أي تأثير على أعداد الأشخاص الذين يعبرون القنال الإنجليزي بوسائل غير شرعية، حتى لو غادر بعضهم”.
ومن المرجح أن تربط تراس أي إخفاق في إبعاد الأشخاص بالولاية القضائية المستمرة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي حين أن إزالة المملكة المتحدة بالكامل من إشرافها سيكون معقداً وصعباً، فمن المرجح أن تمضي قدماً في خطط لما يسمى بوثيقة الحقوق في المملكة المتحدة، مع حماية أقل لطالبي اللجوء وغيرهم.
ومن المرجح أن تكون السياسة الخارجية أوسع مجال تجد فيه تراس نفسها، بالنظر إلى أنها قادت هذا الأمر في عهد جونسون، لذا من المتوقع توجيه المزيد من الدعم القوي لأوكرانيا، بحسب “جارديان”.
وألقت تراس بالكثير من ثقلها على بروتوكول أيرلندا الشمالية، وألمح معسكرها إلى أنها قادرة على إطلاق المادة 16، وهي بند إجراءات الطوارئ في صفقة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في غضون أيام من دخولها مقر الحكومة.
ولكن مع وجود العديد من الأزمات الأخرى التي ستواجهها، وانتهاء المنافسة على القيادة، قد تقرر تراس أن الحرب التجارية المحتملة ليست ما تحتاجه.
المصدر: وكالات