موجات حرارة استثنائية تجتاح معظم بلدان القارة الأوروبية وخاصة تلك الواقعة في جنوبها، كإسبانيا والبرتغال وفرنسا واليونان وإيطاليا، منذ نحو أسبوعين , فقد تخطت درجات الحرارة حاجز الـ 40 درجة مئوية، يرافقها اندلاع حرائق واسعة في الغابات وحتى في ضواحي المدن والمناطق السكنية المأهولة، ما تسبب في تسجيل مئات الوفيات بين مواطني عدد من تلك الدول جراء ارتفاع درجات الحرارة.
ففي البرتغال لوحدها أعلن عن تسجيل أكثر من ألف حالة وفاة، وفي جارتها إسبانيا سجلت وفاة أكثر من 500 شخص بفعل درجات الحرارة الملتهبة، الأمر الذي طرح علامات استفهام حول السبب في تسجيل كل هذه الأرقام المخيفة من ضحايا الجو الحار في أوروبا، في حين أن بلدانا ومناطق أخرى حول العالم معروفة بمناخها الشديد الحرارة، لا تشهد مثل هذه الحالات.
خبراء أرجعو أسباب الظاهرة لأنها ترتبط بجملة عوامل ومسببات أبرزها أن تغيرات المناخ المتطرفة أسهمت في قلب التوازن البيئي والمناخي رأسا على عقب، بحيث باتت أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية تشهد ارتفاعا مهولا في درجات حرارة الصيف، الأمر الذي لا يتناسب وطبيعة اعتياد سكان القارة على المناخ البارد عامة والمعتدل صيفا، ولهذا نجد أن كثيرين منهم وخاصة كبار السن والمرضى لا يتحملون هذا التغير الدراماتيكي في درجات الحرارة، وبعضهم يفقدون حياتهم جزاء ذلك.
ومن ثم أصبحت القارة الأوروبية هذا الصيف تئن تحت وطأة معدلات مرتفعة جدا من درجات الحرارة وموجات جفاف غير مسبوقة، أدت لانتشار الحرائق في غابات دول جنوب أوروبا بالأخص بجنوب فرنسا وفي إسبانيا والبرتغال، والتي وثقت عن طريق الأقمار الصناعية لوكالة NASA التي التقطت صور فضائية لأعمدة الدخان المتصاعدة بسبب حرائق الغابات في إسبانيا والبرتغال، واللتين سجلتا أرقاما مفزعة للوفيات بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي تخطت 40 درجة مع مناخ جاف، في دول ساحلية لم يسبق لها أن تعايشت مع هكذا موجات.
خبراء المناخ ربطو طبيعة ما يعصف بأوروبا بالتزامن مع الاحتراز العالمي وارتفاع معدل تزايد درجة الحرارة، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي تتنبأ بارتفاع مرتقب بحوالي 1.5 درجة خلال السنوات العشر المقبلة، ازدادت شدة تأثير مرتفع الآزوري بصورة أدت لوصول موجات من الحرارة لم تشهدها دول الجنوب الأوروبي، مسببة وفاة أعداد كبيرة من الناس في كل من إسبانيا والبرتغال تحديدا.
وعن سبب تسجيل مئات حالات الوفاة في دول أوروبية على وقع تصاعد حرارة الجو،فإن الآلية التي من خلالها يؤدي ارتفاع درجات الحرارة للموت، هي أن هذه الدرجات العالية، ترفع من نشاط الدورة الدموية بغية تبريد الجسم، بالتالي تزداد سرعة ضخ القلب للدم إلى أن تصل مراحل اجهاد لعضلات الجسم كافة ومنها القلب، وترفع إثر ذلك احتمالية الوفاة في حال رافق هذا الإعياء أمراض مزمنة , و بالتالي ما يحدث بأوروبا الآن دليل دامغ آخر يضاف للأدلة المتزاحمة حول فداحة التغير المناخي الذي يعانيه الكوكب ومخاطره الجمة على الوجود البشري، ما يستدعي ضرورة التحرك العالمي الفوري لتقليل آثار كارثة التغير المناخي القاتلة، من خلال تقليل انبعاثات غازات الاحترار العالمي ومحاولة اعادة إنعاش طبقات الغلاف الجوي، من خلال تفعيل توصيات وبنود وقوانين اتفاقيات قمم المناخ المتتابعة من باريس إلى غلاسكو.
المصدر: وكالات