رصد الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس نوعين من المحافظين في الحزب الجمهوري الآن: هؤلاء المتشبثين بذكرى رونالد ريجان، وأولئك المؤمنين بقيمة أكبر في دونالد ترامب.
وسمّى مكمانوس –في مقاله بصحيفة (لوس انجلوس تايمز)- كلا من “مايك بنس” نائب الرئيس و”رينس بريبوس” رئيس موظفي البيت الأبيض بأنهما من المحافظين التقليديين، راصدا اعتبارهما الرئيس الأربعين رونالد ريجان بمثابة نموذج يرغبون في محاكاته، وذلك في مؤتمر العمل السياسي المحافظ الذي انعقد مؤخرا خارج واشنطن.
ورصد مكمانوس أن الرئيس ترامب عندما تحدث في المؤتمر يوم الجمعة لم يذكر أبدا اسم ريجان، كما لم يفعل ستيفن بانون كبير مُنظّري الرئيس، وإنما تكلم الاثنان بدلا من ذلك عما أطلق عليه بانون اسم “نظام سياسي جديد”- وهو نظام يترك أجزاء كبرى من مذهب ريجان وراء ظهره.
ونوه الكاتب إلي أن ريجان عمل بلا هوادة على تقليص حجم سلطات الحكومة الفيدرالية: ضرائب أقلّ، ميزانية فيدرالية متوازنة، كل ذلك في سبيل تنحية الحكومة بعيدا؛ وإذا كانت مساعيه في تحقيق التوازن بالنسبة للميزانية لم تتكلل بالنجاح لأن بناءه العسكري للحرب الباردة حال دون ذلك إلا إنه حاول جادا.
ولفت مكمانوس إلى أن ترامب يقاسم ريجان أجزاء مهمة من أجندته: ضرائب أقلّ ولوائح تنظيمية أقلّ (أو كما يطلق عليها بانون “تفكيك الدولة الإدارية”)؛ لكن ترامب لم يكد يذكر الهدف من ميزانية متوازنة، ولا كيف سيتمكن من تحقيق ذلك.
ورصد مكمانوس في المقابل كيف يعمد ترامب عادة إلى التباهي بالأمور النشطة التي يرغب في أن تقوم بها حكومته الفيدرالية: من ضغط على أصحاب الأعمال للإبقاء على توفير الوظائف داخل الولايات المتحدة، ومن بناء حائط على الحدود مع المكسيك، ووضع خطة تأمين صحي لكي تحل محل برنامج أوباما كير للرعاية الصحية.
ونبه صاحب المقال إلى أن ترامب قد ابتعد بوضوح عن ريجان بشأن قضيتين أكثر من سواهما: الهجرة والتجارة؛ فبينما دافع ريجان عن “العفو” وهي الكلمة ذاتها التي استخدمها فإن ترامب يتوعد بعمل ترحيلات ضخمة … ولم يكن ريجان فقط مدافعا عن التجارة الحرة وإنما كان أحد أوائل السياسيين الرئيسيين الداعمين لعمل اتفاقية تجارة حرة بين أمريكا الشمالية والمكسيك وكندا بينما يرغب ترامب في إلغاء اتفاقية “نافتا” كما هدد بفرض تعريفات أحادية الجانب على شركات تستورد بضائع مصنعة من المكسيك.
ورصد الكاتب تأكيد بانون على أن هاتين القضيتين (الهجرة والتجارة) هما في القلب من أجندة الرئيس ترامب، في قوله “الأساس فيما نعتقد هو أننا أمة ذات اقتصاد – ولسنا اقتصادا في سوق عالمية بحدود مفتوحة … نحن أمة ذات ثقافة وسبب للوجود”.
ورأى صاحب المقال أنه يصعب القول بعد 30 عاما من رحيل ريجان عن البيت الأبيض أن الاتجاه المحافظ لم يتغير، راصدا انزعاج بعض المحافظين القدامى، أمثال مستشارة البيت الأبيض كيليان كونواي، والناشطة من حزب الشاي جوان دوغيرتي، والتي قالت: “لم أشعر بأن قِيَمًا محافظة تثار؛ بانون لم يذكر أي شيء عن القضايا المحافظة كالإجهاض على سبيل المثال”.
كما رأى الكاتب أن مؤتمر العمل السياسي المحافظ لم يكن مطلقا بطبيعة الحال ليرحب بـدونالد ترامب، ذلك الدخيل الذي هزأ بمبادئ ريجان في طريقه للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري – حسب الكاتب -.
ورصد مكمانوس كيف التفّت أطياف اليمين المحافظ المتنوعة يوم الجمعة واتحدت جميعا تحت لواء رئيسهم الجديد ترامب وكيف تفاعلوا معه بحماس عندما انتقد وسائل الإعلام واصفا إياها “بأعداء الشعب” وعندما استدعى وصْف هيلاري كلينتون لمنتخبيه بأنهم “مثيرون للرثاء” صاح هؤلاء المنتخبون: “إعتقلها!”
ورأى صاحب المقال أن ما يجمع فصائل المحافظين جنبا إلى جنب ليس إعجابهم بالرئيس ترامب بقدر ما يجمعهم في ذلك كرههم للديمقراطيين وأجندتهم المشتركة بخصوص الضرائب والحدّ من قيود اللوائح – الدعائم القديمة لثورة ريجان.
واختتم مكمانوس قائلا “إن تلك الفصائل المختلفة اتحدت لإنجاح ترامب لكن إذا جاءت النتائج محبطة، فإن تلك الفصائل المتشعبة التي تشكل قاعدته المحافظة ربما لن تكون جديرة بالاعتماد عليها كما يرجو ترامب”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط