حذر الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس، من اشتعال أزمة دستورية في الولايات المتحدة حال إقبال الرئيس دونالد ترمب على إقالة روبرت مولر من منصبه كمحقق خاص في مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ورصد مكمانوس -في مقاله بصحيفة لوس انجلوس تايمز- إعلان ترمب، الحرب صراحة على مولر، وتصريحه برغبته الواضحة في إقالة مولر؛ حتى أن مساعدي ترامب يقولون إنه فكر في الأمر لأسابيع؛ والآن وفي ظل تصاعد وتيرة الضغوط، فإن ترمب يندفع صوب مواجهةٍ قد تُفضي إلى أزمة دستورية.
وقال الكاتب «إن البيت الأبيض يعجّ بالغرائب، لكن أوضح نذير على اقتراب اشتعال أزمة هو رغبة الرئيس المتزايدة في التخلص من مُحقق مجتهد في أداء وظيفته هو مولر».
وانطلقت شرارة الأزمة، بحسب مكمانوس، من تواتر أنباء عن قيام مساعدي مولر بالبحث عن دليل على وجود صفقات تجارية بين عائلة ترامب وروسيا- وهي صفقات سبق أن جزم الرئيس ترامب بأنها لم توجد.
وبحسب صحيفة الـواشنطن بوست، فإن أكثر ما أغضب ترامب كانت تقارير حول تنقيب مولر عن الإقرارات الضريبية لـترامب، وهي وثائق حرص ترامب بشدة على إخفائها حتى عندما كان ذلك فيه تهديد لمستقبله السياسي.
وحتى الآن، يهاجم ترامب وجيشه المتزايد من المحامين- يهاجمون مولر على جبهتين؛ الأولى تتعلق بـنطاق اختصاص مولر؛ وقد صرح ترمب لصحيفة الـنيويورك تايمز بأن مولر إذا تدخل في أعمال المؤسسة العائلية لترامب، فإن الأخير سيعتبر ذلك من مولر بمثابة «انتهاك».
في هذا الصدد قالت المتحدثة باسم ترمب، سارة هاكابي ساندرز «إن التحقيقات يجب أن تظل محصورة في نطاق التدخل الروسي بالانتخابات، ولا شيء أبعد من ذلك».
واعتبر صاحب المقال ذلك التحديد بمثابة تضييق غير مسبوق وغير مبرر على مهمة المحقق الخاص؛ وعندما قام نائب وزير العدل الأمريكى رود روزنشتاين بتعيين مولر محققا خاصا، فإنه بذلك خوّله كافة الصلاحيات للبحث في أي روابط أو تنسيق بين الحكومة الروسية وأي أفراد على علاقة بالحملة الانتخابية.
وأكد مكمانوس أن ما يقضّ مضجع ترمب، هو تاريخ المحققين السابقين- لا سيما كينيث ستار، الذي بدأ مهمة التحقيق في أموال عائلة بيل كلينتون وانتهى به الحال إلى التحقيق في قضية جنسية وحنث باليمين.
الجبهة الثانية التي يهاجم بها ترامب، ميلر، بحسب الكاتب، هي العزف على فكرة أن مولر يواجه تضاربا في المصالح؛ وكان ترامب قد تحاور مع مولر قبل يوم من تعيينه محققا خاصا- حاوره كمدير محتمل لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وهو منصب كان مولر قد شغله في الفترة من 2001 وحتى 2013؛ وقد صرح ترامب للـنيويورك تايمز بأن «مولر يرغب في المنصب… ثمة تضارب في المصالح».
وفي سياق متصل، صرح مستشارون بالبيت الأبيض للـواشنطن بوست بأن مولر تنازع ذات مرة مع ملعب ترمب للجولف (ترامب ناشيونال جولف كورس) بالقرب من واشنطن بسبب رسوم العضوية.
ورأى الكاتب أن ترمب ومساعديه إنما يبحثون عن أي مبرر للتخلص من مولر؛ ذلك أن «تضارب المصالح» هو أحد المبررات التي قد تسوقها وزارة العدل في حيثيات قرار إقالة أي محقق خاص.
ونوّه مكمانوس عن أن ترامب يواجه مشكلة عملية إذا هو أراد تضييق نطاق مهمة مولر أو إقالته بشكل مباشر؛ ذلك أن ترامب يحتاج في هذا الصدد إلى مساعدة من روزنشتاين- الرجل الثاني في وزارة العدل والمشرف المباشر على المحقق الخاص (مولر)- وكان روزنشتاين قد أخبر الكونجرس أنه لا يرى مبررا للتخلص من مولر.
ورأى الكاتب أن ترامب إذا ما قرر الإقدام على إقالة مولر، فإنه بحاجة إمّا إلى تغيير رأي روزنشتاين في مولر أو استبدال روزنشتاين بشخص آخر أكثر مرونة؛ وهذا من شأنه أن يزج بالرئاسة إلى «مذبحة ليلة سبت» جديدة شبيهة بتلك التي وقعت عام 1973 عندما أمر الرئيس ريتشارد نيكسون بإقالة أركيبالد كوكس المحقق الخاص في فضيحة ووترجيت؛ وقد تم استدعاء أوجه الشبه بين «ووترجيت» وأحداث الأشهر الستة الماضية، لكنها الآن أكثر ملاءمة.
المصدر: أ ش أ