لماذا تشترى مصر حاملتي طائرات “ميسترال”، وتدفع أكثر من ثلاثة مليارات دولار قيمة السفينتين والمروحيات والتجهيزات الفنية ومنظومات الصواريخ الخاصة بها، فهل هناك حاجة ماسة لهما؟
الإجابة : “لو لم تمتلك مصر هذه الوحدة البحرية فمن الممكن أن تمتلكها دولة أخرى في المنطقة”، فبالنظر إلى أن القوات المسلحة المصرية تصنف بشكل ثابت، عبر مراكز التقييم العسكرى، كأقوى جيش عربى، وتصنف القوات البحرية المصرية كالأقوى في منطقة الشرق الأوسط؛ فإن امتلاك الجيش لـ”ميسترال” يحافظ على تلك الريادة.
مصر تطل على مسطحات مائية شاسعة، في البحرين الأبيض والمتوسط، وتمتد سواحلها لأكثر من ألفي كيلو متر، كما يمتد أمنها القومي جنوبًا إلى سواحل عدن وأريتريا وحتى المحيط الهندي، فالقوات البحرية تشارك في تأمين مضيق باب المندب، ضمن قوات التحالف العربي، التي تنفذ عمليات لدعم الشرعية في اليمن.
أما في البحر المتوسط، فلماذا ترسل بريطانيا وحدات بحرية للبحر المتوسط لدعم العمليات ضد داعش في ليبيا كما أعلنت قبل أيام؟، ولماذا لم ترسل من قبل في أزماتها مع النظام الليبي الشهيرة واكتفت دوما بالمشاركه الجويه؟، حتما أصبح البحر المتوسط أكثر من ذي قبل منصة إطلاق وتمهيد نيراني عنيف لمصالح الجيوش التي تسعى للسيطرة، ولحجز موطئ قدم بالمنطقه التي باتت مسرحا مفتوحا للعمليات العسكريه الدائرة والمحتملة، جنوب اوروبا وشمال إفريقيا، في مواجهات مع التنظيمات الإرهابية، التي تقودها داعش في ليبيا وسوريا، وأصبحت البلدان مسرحًا لمواجهات أكبر بين السياسة الغربية للناتو وأمريكا من جهة، وروسيا من جهة أخرى، والوسيلة من خلال أسلحة المعسكرين، بعضها يختبر والآخر يسوق.
القاهرة إذًا تحتاج دعم قدراتها الهجومية؛ لتكون رقمًا فاعلًا في صياغة منظومة أمن البحرين المتوسط والأحمر من جهة، وضمان أمنها القومي والاستراتيجي بتأمين ظهيرها العربي، والتصدي لمحاولات فرض واقع جديد لإدارة القوة في الشرق الأوسط، والسؤال: “من ستحارب مصر بهذه الحاملات – المصممة لتنفيذ عمليات برمائية كبيرة – في مناطق الصراع بالشرق الأوسط؟ في ليبيا حيث الحدود بين الدولتين برية وليست بحرية، في إسرائيل أم سوريا أم السودان وكلها دول حدودها برية بالأساس مع مصر؟”.
الحدود البحرية الأكبر ربما هي تلك مع المملكه السعودية، والبلدان عبر تاريخهما المعاصر، لم يشهدا فترات توتر، أو حروب أو مواجهات عسكرية منذ عهد محمد علي باشا وأبنائه، وتوجيههم تجريدات “حملات” على الحجاز، وحتي أوقات التوتر بين البلدين في الستينات، ولكن وبالنظر الي التقارب الراهن للتنسيق على المستوى الأمني والعسكري بين مصر والسعودية، فإن القوة الهجومية البحرية التي تدعمها الميسترال لقدرات مصر تمثل دعمًا مباشرًا لرغبة البلدين لتشكيل قوة التدخل السريع العربية المشتركة التي طرحتها “مصر – السيسي”، وتحركت نحوها “السعودية – سلمان” بقوة، واشتبكت بسرعة في مسرح اليمن بمشاركة بحرية مصرية واسعة أمام سواحل اليمن؛ لمنع تسليح المتمردين الحوثيين وتهديد حدود المملكه السعوديه بدعم إيراني.
المواجهات الدائرة في سيناء بين الجيش المصري وجماعات الإرهابيين منذ نحو ثلاث سنوات أثبتت فاعلية المروحيات القتالية في الحرب الدائرة، والتي تحمل اسم العملية سيناء أو مؤخرًا حق الشهيد، فالجيش المصري اعتمد بقوة علي الأباتشي الأمريكية في تمشيط سيناء؛ نظرًا لطبيعتها الجبلية الوعرة، ومع ذلك فقد تأثرت قدراته بشدة بالحظر الأمريكي على الأباتشي عقب الإطاحه بالإخوان من الحكم، والذي استمر حتي رغم تلاعب الإدارة الأمريكية بمسميات الحظر، والمماطله في التسليم، والتي امتدت أيضًا إلى تعليق صفقة مقاتلات “f-16″، بزعم استخدام الجيش المصري السلاح ضد المدنيين في سيناء.
عمليتا الهجوم علي معسكرات داعش في درنه وسرت في فبراير ٢٠١٥، مثلتا أول استخدام لقوات التدخل السريع التي أسسها الرئيس السيسي عندما كان وزيرا للدفاع في ٢٠١٤، وقبل تركه القوات المسلحه ليترشح للرئاسة، وتضم القوات عناصر من مختلف الأسلحه بالقوات المسلحة، وفيما وجهت المقاتلات “f-16” الضربة الجوية على درنة، بعد ساعات من ذبح عشرين مصريا علي الساحل الليبي، نفذت المروحيات عملية إنزال بعدها بيومين بالتعاون مع الجيش الليبيي لضرب معسكرات إرهابية، وتحدثت أوساط ليبية عن أسر مقاتلين إرهابيين بينهم مصريون.
الميسترال في البحرين الأحمر والمتوسط تنقلا القدرات البحرية الدفاعية لمستوي أعلى، وتمنح الجيش المصري قوة هجوميه للردع والتأمين، تنعكس علي مشاركته كشريك في أمن محيط منطقته العربية والإقليمية، ومؤكدًا تنعكس سلبًا علي تمدد قوى أخري في البحرين تتصدرها إيران وتركيا.