أصبح التقليد الراسخ في كرة القدم البرازيلية بإقامة معسكرات إعداد قبل المباريات وعزل اللاعبين عن إغراء الجنس والكحوليات يواجه تهديدا الآن بعدما اتخذ اللاعبون موقفا سببه التأخر في دفع مستحقاتهم.
وحتى الآن هذا العام رفض اللاعبون في فرق بوتافوجو وبورتوجيزا وفاسكو دا جاما الانضمام للمعسكرات لعدم حصولهم على رواتبهم في الوقت المحدد.
ورغم أن الأمر انتهى باقتصار المقاطعة على لاعبي بوتافوجو فإن تحركهم أدى لإعادة تقييم ذلك التقليد وأثار تساؤلات حول التزام اللاعبين البرازيليين.
وقال لوسيو سوروبين مدير الكرة في نوتيكو الذي هبط مؤخرا من دوري الاضواء “كرة القدم أساسها النتائج ولو نجح فاسكو وبوتافوجو في تقديم أداء أفضل بدون معسكرات ستحذو فرق أخرى حذوهما.”
وأضاف”لكن الأمر صعب لو كان لدي لاعبين يتحلون بالمسؤولية والتركيز ويطبقون الاحتراف فلم أكن لأتردد في إنهاء سياسة المعسكرات لكني لا أملك مثلهم.”
وإقامة المعسكرات الطويلة تقليد راسخ يستخدم للسيطرة على اللاعبين.
وتتجمع الفرق في فنادق أو في مقار التدريبات الخاصة بالأندية لليلة أو ليلتين قبل المباريات ليتسنى لإدارة الفريق مراقبة اللاعبين وإعدادهم للعب وإبعادهم عن المؤثرات الخارجية.
وتمرد لاعبو بوتافوجو في بداية العام بسبب تأخر رواتهبم لأسابيع عديدة ورفضوا الانضمام للمعسكرات احتجاجا على هذا.
وأثبتت التجربة نجاحها واستمرت رغم حصول اللاعبين على ما لهم من مستحقات.
ومر بوتافوجو ومقره ريو دي جانيرو بواحد من أفضل مواسمه منذ سنوات بعد فوزه بالبطولة المحلية للولاية في مايو الماضي ثم احتل المركز الرابع في الدوري ليضمن اللعب في كأس ليبرتادوريس في أمريكا الجنوبية للمرة الأولى منذ 1996.
وقال بوليفار قلب دفاع بوتافوجو وهو واحد من المخضرمين في الفريق إن اللاعبين يدركون تسلط الأضواء عليهم ويعتنون ببعضهم البعض.
وفي البرازيل يراقب المشجعون اللاعبين الذين يتم رصدهم يمارسون حياتهم الاجتماعية قبل المباريات وهي مهمة صارت أسهل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عبر الانترنت.
وقال بوليفار الذي سبق له اللعب في موناكو الفرنسي “لا نتجسس على بعضنا البعض لكننا ندرك أننا حصلنا على تصويت بالثقة ونحتاج لاحترام ذلك وأن نكون على مستوى المسؤولية.
لا يمكن لهذا أن ينجح إن لم تكن لديك ثقة في اللاعبين.”
وأضاف بوليفار أنه حين عرف اللاعبون الاوروبيون بأمر المعسكرات اعتبروه جنونا.
وحتى في البرازيل لطالما اعتبرت سياسة المعسكرات تقليدا عفا عليه الزمن.
وفي مطلع ثمانينات القرن الماضي وصفها سقراط لاعب الوسط في فريق كورنثيانز بأنها “انحراف سيء السمعة” ثم نظم اوقاته عبر اليوم حين كان يدرس الطب وقتها من أجل تجنب الخروج عن المألوف.
ثم قاد سقراط زملاءه في عملية تصويت ضد سياسة المعسكرات ورفضوها لسنوات طويلة خلال فترة عرفت باسم “ديمقراطية كورنثيانز” لكنه حين رحل عن النادي في 1984 عادت المعسكرات.
ولبعض اللاعبين الآخرين قصص أسطورية في الهروب من المعسكرات.
وفر جارينشا من فندق كان يقيم به بوتافوجو أثناء جولة بالسويد في 1959 وبعدها بتسعة أشهر ولد له ابن.
وغاب ريناتو جاوتشو عن نهائيات كأس العالم 1986 بسبب مشاركته في احتفال عشية البطولة.
وترك روماريو وزميله الصاعد وقتها رونالدو معسكر البرازيل في ليلة أثناء بطولة كأس كوبا أمريكا. وبعد الخروج من المعسكر فوجيء رونالدو بأن روماريو قد رتب سيارة أجرة لنقلهما إلى ناد ليلي.
وقال رونالدو “بعدها بسنوات “كان أمرا احترافيا بشكل هائل.”
لكن على الجانب الآخر يوجد لاعبون كثر يعتقدون في جدوى هذا التقليد.
وقال موزيس مورا قلب دفاع بورتوجيزا الذي سبق له اللعب في أندية ببلغاريا وروسيا وقطر والصين “تسمح المعسكرات للفريق بالتجمع والحديث عن المباراة ومشاهدة لقطات فيديو للمنافسين وللاسترخاء. مثل هذه الأشياء تبقيك في حالة تركيز.”
وأضاف “في البرازيل تخوض الفرق مباراتين في الأسبوع وهذا شيء قاس.
يقضي اللاعبون مع بعضهم البعض وقتا يفوق ما يقضونه مع أسرهم. يحتاج اللاعبون لاسترخاء للابتعاد عن التفكير في كرة القدم وتخفيف الضغوط.”
المصدر:رويترز