أكد خبراء وقانونيون تونسيون أن كافة الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، منذ إعلان الأحد الماضي تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه وإعفاء رئيس الحكومة ثم عدد من الوزراء، وما تبعه من إعادة فتح الملفات القضائية المتعلقة بفساد بعض القوى السياسية، استندت إلى القانون والدستور والتزمت الحد الأقصى في مراعاة المواثيق وحقوق الإنسان.
وقالت أستاذة القانون التونسية وسيلة لطيف، إن “الرئيس استند إلى عدد من النصوص الدستورية في التعاطي مع الرغبة الشعبية الجامحة في التغيير وإنقاذ البلاد المخططات الخارجية”.
وأوضحت أن قرارات الرئيس “تبدو أكثر اتساقاً مع نصي الفصل الثاني والثالث من الدستور التونسي، واللذان يؤكدا على أن الشعب هو سيد القرار ومصدر السلطات، مؤكدة أن تونس دولة تقوم على إرادة الشعب والشعب هو صاحب السيادة”.
وينص الفصل الثاني من الدستور التونسي، على أن “تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب، وعلوية القانون، ولا يجوز تعديل هذا الفصل”.
أما الفصل الثالث فينص على أن “الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات، يمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين أو عبر الاستفتاء”.
وأكدت لطيف أن الرئيس “استجاب لإرادة جماهير الشعب في ما أقره من قرارات، وبالتالي هو تعامل مع النص الدستوري ولم يخرج عنه، مشيرة إلى أن ما قام به الرئيس لإرضاء الشعب صاحب السيادة”.
وأوضحت لطيف أن “الإجراءات الرئاسية مستجيبة لمطالب الشعب التي عبر عنها في مظاهرات شعبية عارمة، وما يمكن أن يقوم به الرئيس في المستقبل والمراحل المقبلة هو ضروري حتى يعرف الشعب ما يتم التخطيط له في المستقبل القريب من إجراءات حتى يطمئن على المسيرة التصحيحية التي تم الشروع فيها”.
وأضافت: “الشعب اليوم يدعو بطريقة أو بأخرى إلى الإسراع في القيام بالإجراءات القانونية والقضائية حتى نؤمن قوت الشعب بعد التلاعب الذي قامت به حركة النهضة، وخاصة التلاعب بصحة الشعب ومؤسسات الدولة، مما أدى إلى فقدانها لمشروعيتها”.
وأكدت لطيف أنه “لا يجب أن يترك لأعداء الوطن فرصة إعادة تنظيم صفوفهم خاصة بالمساعدات الخارجية”، مشيرة إلى أن “التجربة التي خاضتها تونس حتى اليوم، خاصة مع حركة النهضة، هي تجربة فاشلة، ولهذا ندعو للتسريع باتخاذ الإجراءات والبت قضائيا إزاء الأعمال والتصريحات التي صدرت عن جمعيات أو أحزاب أو مؤسسات دعموا بصفة مباشرة الإرهاب، وتدخلوا في ملفات الاغتيالات والعمليات الإرهابية مثل قضية شكري بلعيد ومحمد البراهمي”.
وقالت لطيف إن “الوقت قد حان لتطبيق القانون، مما سيرفع صفة النائب عن عشرات أعضاء مجلس النواب، الذين خالفوا القانون أثناء حملتهم الانتخابية، لبدء الإجراءات القانونية لمحاسبتهم على ما أجرموا بحق الوطن”.
من جانبه، قال المحامي التونسي على زروق، إن “ما قام به الرئيس من إجراءات مؤسس قانونيا وفق الفصل 80 من دستور البلاد الذي منحه الحق في اتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات لحماية أمن البلاد، وحفظ استقراراها”.
وأوضح زروق أن “الأوضاع السياسية والاقتصادية والصحية في البلاد قد بلغت حدا غير مسبوق من التدني، فضلاً عن المهازل التي كان يشهدها البرلمان التونسي يوميا بسبب تصرفات نواب النهضة، وكل هذه العوامل دفعت الشعب التونسي للاحتشاد بالساحات والميادين لرفض حكم الحركة وجاءت قرارات الرئيس متوافقة مع المطالب الشعبية”.
وأكد زروق أن “ما حدث في تونس لا يمكن وصفه بالانقلاب لأنه أولا استند على نص دستوري وجاء بناء على مطلب جماهيري، ثانيا والأهم أنه تم من كيان منتخب وهو رئيس الجمهورية الذي اختاره 72% من الشعب التونسي”.
وتنص المادة رقم 80 من الدستور التونسي على أن “لرئيس الجمهورية في حال الخطر الداهم الذي يهدد كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، ويتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس ومجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن (الرئيس) عن التدابير في بيان إلى الشعب”.
كما تنص على أنه “يحب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة، وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب، كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة”.
وتضيف المادة ذاتها: “وبعد مضي 30 يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو 30 من أعضائه البت في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه. وتصرح المحكمة بقرارها علانية من أجل أقصاه 15 يوما”.
وتقول المادة المذكورة: “ينهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب”.
وأكد الرئيس التونسي التزامه بالمادة الدستورية، خصوصا في التشاور مع رئيس الحكومة ورئيس البرلمان، رغم العلاقة المتوترة معهما منذ أشهر.
المصدر: وكالات