ما يحدث فى صنعاء قد يكون فصلا من الفصول الأخيرة فى كتاب الصراع فى اليمن، وذلك بعد اشتعال الأوضاع بين طرفى “الانقلاب” هناك، والفائز بلا شك هى الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس الحالى منصور عبدربه هادى، وحليفته السعودية.
انفض التحالف منذ فترة، فهو تحالف سياسى كان مصيره الانتهاء المحتوم، لأسباب عدة أولها لأنه تحالف غير قائم على عقيدة واحدة، فالحوثيون شيعة، أما أتباع صالح فهم سنة، وثانيها أن أهدافهما كانت ستتعارض حتما فى وقت من الأوقات، خصوصا الأهداف الحوثية الإيرانية الواضحة.
لقد اقتربت سيطرت قوات حزب المؤتمر الشعبى العام، الموالى للرئيس اليمنى المخلوع على عبدالله صالح، على مبانى المالية والجمارك ووكالة سبأ الحوثية، داعية كافة موظفى الدولة فى الإدارات التى يسيطر عليها الحوثيون، إلى عدم الانصياع لأوامر ميليشيات الحوثى فى صنعاء وبقية المحافظات اليمنية.
وسيطرت قوات المؤتمر على معسكر كزيز جنوب صنعاء، وألقت القبض فيه على قيادى حوثى، وسط تأكيدات على وجود حالة طوارئ غير معلنة فى العاصمة اليمنية بعد توقف حركة المرور فى الشوارع، فيما أكدت مصادر عسكرية ميدانية يمنية مقتل أكثر من 40 عنصرًا من ميليشيات الحوثى وجرح عشرات فى تجدد المواجهات لليوم الثالث بين شريكى الانقلاب فى اليمن.
ودارت الاشتباكات الأعنف حتى الآن بين حزب صالح (المؤتمر الشعبى العامّ) وميليشيات الحوثى فى الأحياء الجنوبية والغربية للعاصمة صنعاء، وأكدت مصادر طبية وصول عشرات بين قتلى وجرحى من ميليشيات الحوثى إلى المستشفى الجمهورى ومستشفى الثورة ومستشفيات خاصة تديرها الميليشيات، بالتزامن مع اشتداد المواجهات بين الطرفين.
بدورها، دخلت قبائل يمنية، على خط المواجهات المسلحة المحتدمة فى صنعاء، لمساندة المخلوع صالح ضد ميليشيات الحوثي، حيث اندلعت، مساء الجمعة الماضى، اشتباكات بين الحوثيين وقبائلش خولان، وهى إحدى قبائل طوق صنعاء، فى نقطة الشرزة التابعة للحوثيين، حيث استولى عليها مسلحو القبائل، وذلك بهدف تأمين دخول مقاتليهم إلى العاصمة لدعم صالح.
وبدأت أعداد كبيرة من مسلحى قبائل خولان وبنى مطر وسنحان بالتوافد إلى صنعاء لإسناد قوات حزب صالح، بينما تم تداول مقطع مصور يظهر مظاهرات لأنصار صالح بشوارع صنعاء يهتفون “لا حوثى بعد اليوم”.
وألقى زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثى كلمة متلفزة بثتها قناة “المسيرة” للحديث عن التطورات المتسارعة التى تشهدها العاصمة صنعاء وبقية محافظات اليمن، وبدا زعيم الحوثى منكسرًا، بينما تغطى مظاهر الهزيمة على ملامحه، بعد اندحار جماعته أمام قوات الحرس الجمهورى التابعة للمخلوع على عبدالله صالح، فى معظم أحياء العاصمة صنعاء.
ودعا الحوثى فى كلمته، قوات المؤتمر الشعبى التابعة للمخلوع على عبدالله صالح إلى التعقل، قائلًا “أناشد رئيس حزب المؤتمر الشعبى العامّ التجاوب مع الجهود الرامية لدرء الفتنة”، وتابع “أى خلافات يمكن حلها بالحوار والتفاهم وعلى القبائل التدخل على هذا الأساس”. مضيفًا “نحن فى لحظة يجب أن يتحلى بها الجميع بالمسؤولية”.
فيما أذاعت قناة تابعة للرئيس اليمنى المخلوع على عبدالله صالح، بيانًا عاجلًا اليوم موجّهًا إلى كل عناصر الجيش والأمن الداخلى فى اليمن، مطالبة إياهم بعدم الانصياع لأى أوامر تصدر عن الحوثيين.
وقال نص البيان: “نوجّه هذه الرسالة إلى أبناء القوات المسلحة والأمن والأمن السياسى والأمن القومى وكل موظفى الدولة الشرفاء، بأن يلتزموا بالحياد وعدم التنفيذ لميليشيات الحوثى أينما كان تواجدكم، سواء كان فى العاصمة صنعاء أو خارجها، أو أى محافظة بأنحاء الجمهورية، وعدم الانصياع والتنفيذ للقيادات الحوثية والتى أهانت المؤسسات العسكرية والأمنية وكافة مؤسسات الدولة”.
وأضاف البيان: “الأمان قائم لمن أراد أن يعود إلى صف الوطن، كما هو قائم إلى أنصار الله الشرفاء، سواء كانوا قيادات أو مقاتلين، إذا التزموا الحياد فلهم الأمان من المؤتمر الشعبى العامّ وحلفائه وأن يكونوا لنا إخوة كبقية المواطنين فى كافة مؤسسات الدولة المختلفة”.
لقد صارت أرض اليمن ساحة حرب بالوكالة بين السعودية من جانب وإيران وحليفتها قطر من جانب آخر، إذ حاولت قطر إنقاذ الميليشيات الحوثية من نيران رجال القبائل الداعمين للرئيس اليمنى المخلوع، على عبدالله صالح، فى صنعاء، حيث أكدت التقارير الصحفية اليمنية أن “قبائل اليمن مستمرة فى حرب الحوثى دون الالتفات لمحاولات تميم لإنقاذ الحوثيين”، فى إشارة إلى عرض الدوحة للوساطة بين شريكى الانقلاب.
وذكرت التقارير أن صالح رفض الوساطة القطرية وأمر قوات حزبه باستمرار طرد الحوثيين من كل المؤسسات.
أما علاقة صالح بالسعودية فها هى تتوطد يوما بعد آخر، لاسيما بعد التدخل السعودى لإنقاذ حياة الرئيس اليمنى المخلوع، على عبدالله صالح، بعد تدهور صحته فجأة، إذ كشف مصادر منتصف الشهر الماضى أن التحالف سمح بنقل فريق طبى روسى خاص إلى مطار صنعاء، للإشراف على حالة صالح، وذلك نفيا لما يتم تداوله فى الرياض من أنها لن تدعم الرئيس السابق لأنه كان يقف فى خندق واحد مع الحوثيين فى حربهم ضد التحالف العربى بقيادة السعودية.
المصدر: وكالات