في الذكرى الخمسين لرحيلها، لاتزال أم كلثوم حية بأغانيها وموسيقاها في قلوب عشاق الطرب، ولاتزال “صوت الأمة” العربية من شوارع القاهرة الصاخبة ومقاهي بغداد التاريخية، إلى بيوت ملايين العرب من المشرق إلى المغرب.
ولايزال صوتها الرنّان وألحانها تسطع عالياً في سماء الفن والطرب الأصيل.
تحوّلت أم كلثوم المولودة في العام 1898 في قرية صغيرة في دلتا النيل، من فتاة ترعرعت في عائلة متواضعة إلى الصوت الأشهر في العالم العربي.
لاحظ والدها الذي كان إماما موهبتها في وقت مبكر، لكنه جعلها تتنكّر في زيّ صبي لتؤدي الغناء في الأماكن العامة، خوفا من نفور مجتمع أوائل القرن العشرين في مصر.
وسرعان ما أسرت جماهيرها بصوتها الممتلئ وحضورها الجذاب، حتى انتقلت في الثلاثينات إلى القاهرة.
أحدثت موسيقاها ثورة في الموسيقى العربية، فقد مزجت بين الشعر الكلاسيكي والتوزيعات الأوركسترالية الكبرى. لكن ما جعل منها فعليا أسطورة كان ارتجالاتها وانبهار الجمهور بها.
انبهر بها كذلك موسيقيون غربيون أمثال ماريا كالاس وروبرت بلانت وبوب ديلان. وأدخلت أخيرا كلّ من شاكيرا وبيونسيه مقتطفات من أغانيها في أغانيهما.
وقال بوب ديلان يوما “إنها واحدة من من أفضل المغنّيات لدي على الإطلاق”.
لم يكن تأثير أم كلثوم موسيقيا فحسب. فقد تحوّل صوتها إلى الموسيقى التصويرية المرافقة لمصر المتقلّبة على مر السنوات، مجسّدا القومية والوحدة والهوية الجمهورية الجديدة بعد ثورة 1952 التي أطاحت بالنظام الملكي.
في العام 1967، قدّمت أم كلثوم عرضا على مسرح الأولمبيا في باريس جمعت خلاله أكبر الإيرادات في تاريخ هذا المسرح. تبرّعت وقتها بالمبلغ للجيش المصري دعما لجهوده في حربه ضدّ إسرائيل التي احتلت وقتها شبه جزيرة سيناء.
وتعود قصة حياتها إلى الشاشة الكبيرة هذا العام في فيلم “الستّ” من بطولة الممثلة المصرية منى زكي، على أن يصوّر موسيقاها وسيرتها كشخصية نسوية تحدّت المجتمع.
لم تُنجب المغنّية التي تزوجت في سن 56، وأصبحت في أربعينات القرن المنصرم أول امرأة تتولى رئاسة نقابة المهن الموسيقية في مصر.
المصدر : وكالات أنباء