يقاتل على الجبهة الأمامية من ساحة حرب العالم ضد فيروس (كوفيد – 19 )، نحو 50 مليون جندي من أفراد الأطقم الطبية في جميع دول العالم، يمثلون ” الجيش الأبيض ” ، وهؤلاء خلال حربهم مع كورونا سقط منهم ضحايا بالمئات ، ومع زيادة عدد إصابات الأطقم الطبية بفيروس كورونا ، قررت بعض الدول استخدام الإنسان الآلى( الروبوت) فى بعض مهام الرعاية الصحية، لتقليل الاحتكاك المباشر بين الطبيب وأطقم التمريض والمريض، وبالتالي تقليل فرص انتقال العدوى، وتعتزم تلك الدول إيلاء اهتمام كبير للروبوتات العاملة في هذا المجال، والإستفادة منها على المدى الطويل بعد إنقضاء الجائحة.
عندما دقت الثورة الصناعية الرابعة الباب قبل سنوات، أطل الروبوت الطبى برأسه على استحياء فى القطاع الصحى، فتم الإستعانة به فى بعض خطوات العمليات الجراحية وإعادة التأهيل، وأتمتة الصيدلية ، وتعقيم الغرف فى دقائق، وغير ذلك من المهام الصحية المحدودة، وعندما تفشت جائحة كوفيد ١٩ ، فرضت تقنيات الثورة – قيد الانطلاق حاليا – نفسها بقوة على المجال الصحى ، وفتحت الباب على مصراعيه ليدخل الروبوت الطبى دخول “المنقذ والمساعد” ، ويتوقع أن يكون حجم التحول فى استخداماته ونطاقها وتعقيداتها مستقبلا مختلفا عما تشهده البشرية حاليا.
استخدام الروبوت الطبى خلال جائحة كوفيد ١٩، جاء للحد من انتشار الفيروس، من خلال برمجته على أداء المهام الطبية التى تستلزم القرب الشديد من المريض، مثل قياس ضغط الدم ودرجات الحرارة، وتوصيل المرضى بجهاز التنفس الصناعى ، وجلب الطعام للمصابين فى أماكن العزل، ونقل عينات المرضى للتحليل إلى المختبرات، تسليه المرضى ، فضلا عن قيام بعض أنواعها ” الروبوتات التعاونية” بتصنيع أقنعة الوجه والكمامات عالية الجودة.
ويبلغ طول الروبوتات التفاعلية ٩٢ سنتيمتر ، وهى مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار لتفادى العوائق ، ويمكنها ممارسة مهامها بشكل مستقل والعمل دون تدخل بشرى ، وبعض الروبوتات الطبية بها شاشة يمكن للمريض استشارة الطبيب المعالج مباشرة من خلالها. ورغم أن وجود الروبوتات مازال مقتصرا على عدد قليل من الدول والمستشفيات بها، بسبب ارتفاع تكلفة استخدامها على نطاق واسع فى جميع مقار الرعاية الصحية ، إلا أنه من المتوقع أن تجد مستقبلا تعميما واستخداما متزايدا.
من الكشف المبكر عن المصابين بفيروس المرض إلى تقديم كافة الخدمات الصحية، تنوعت مهام الروبوت الطبى ، حيث نجح فى أداء جميع المهام المنوطة إليه، ففيما طور الباحثين فى دولا بارعة فى ابتكار وتسويق التكنولوجيا طرقا جديدة للتحكم فى الروبوتات الطبية من خلال تقنية تحكم جديدة فى حركة الذراع تسمح بتقليد الحركات الآدمية بصورة أكثر إنسيابية، بما يرفع من كفاءة استخدام الروبوت، وتحسين قدراته فى مجال تمريض كبار السن ورعايتهم ومراقبتهم عن قرب، ونقلهم من مكان إلى أخر دون تدخل بشري.
واستخدمت دول أخرى الروبوتات الطبية بدلا من العنصر البشري فى تطهير غرف المستشفيات، وتعقيمها وتنظيف الأسرة والمصاعد ، ويعمل الروبوت كذلك فى المستشفيات لاختبار مرضى كورونا عن بعد، ومنع العاملين فى مجال الرعاية الصحية من الاختلاط معهم، إضافة إلى تقليل المواجهة المباشرة بين الأطقم الطبية وحاملي المرض، بسبب نقص معدات الحماية الطبية والشخصية.
وتم توجيه الروبوتات التفاعلية للعمل فى تنظيف الأرضيات، وتطهير الاسطح استخدام المواد المعقمة، وتطهير الأجهزة المستخدمة، واستخدمت عدد من الروبوتات عند مداخل المستشفيات لفحص الجميع، بما فى ذلك الأطقم الطبية من خلال خاصية التعرف على الوجه، وإجراء المسحات الحرارية لقراءة درجة الحرارة، وعند اكتشاف إى حالة إصابة بالفيروس يطلق الروبوت رسالة إنذار.
وتدشين فصل جديد فى دستور عمل الروبوت الطبى فى مجال الرعاية الصحية ، جاء ليعلن عن توسيع نطاق استخدامه داخل وخارج المستشفيات من أجل دعم السلامة العامة، وتوفير الحماية للأطقم الطبية ، وكبديل آمن لسد حالات العجز فى العنصر البشرى، حيث كشفت دراسة أن معدل إصابة العاملين في الرعاية الصحية يصل إلى 1 فى المائة، وهو ما بلغ نحو 90 ألف إصابة، حتى نهاية شهر أبريل الماضى.
“الروبوت ” ظهرت كلمة لأول مرة عام 1920، و ترمز في اللغة التشيكية إلى العمل الشاق، وهى مشتقة من كلمة “روبوتا ” التي تعني السخرة أو العمل الإجباري، وتحول الروبوت منذ ذلك التاريخ من كلمة انتشرت في كتب وأفلام الخيال العلمي التى قدمت عبر سنوات عدد من الأفكار والتصورات لتلك الآلات وعلاقتها بالإنسان، إلى واقع فعلى ، وسار تلك الآلة المكانيكية قادرة على القيام بأعمال مبرمجة سلفا، إما بإشارة وسيطرة مباشرة من الإنسان ، أو بإشارة من برامج حاسوبية ، وغالبا ما تكون الأعمال التي تبرمج الإلة على أدائها أعمالا شاقة أو خطيرة أو دقيقة، مثل البحث عن الألغام والتخلص من النفايات المشعة، أو أعمال صناعية دقيقة أو شاقة.
وبصفة عامة سيكون الروبوت قريبا سيد الموقف الذى يصدر أوامره للإنسان الذي فتح له آفاقا واسعة، وكما أحدثت الثورات الثلاث السابقة التي بدأت في أواخر القرن الثامن عشر، تغييرات كبيرة على حياة الإنسان ، ستغير الثورة التكنولوجية الجديدة بشكل أساسٍى الطريقة التي يعيش ويعمل بها الإنسان.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)