ذكرت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية أن الغارات الجوية التي شنتها القوات الأمريكية بأمر من الرئيس دونالد ترامب في سوريا الأسبوع الماضي تمثل تحولا مفاجئا لموقفه بعدم الانخراط في الشأن السوري.
وقالت الصحيفة الأمريكية – في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم الثلاثاء – إن ترامب أصر منذ فترة طويلة على أنه سيكون من المفيد ألا تنخرط الولايات المتحدة في مشاكل سوريا أو تحاول الإطاحة بنظام الأسد.
وأشارت إلى أن تغيير موقفه بهذا الشأن لا يعتبر بالضرورة خطوة سيئة، فمن المسموح للرؤساء بأن يغيروا قراراتهم.
وقد أشاد العديد من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء بمحاولة ترامب إعلان موقفه من استخدام الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيميائية.
ولكن من المنظور السياسي، فإن سرعة تغيير ترامب لموقفه بشأن هذه القضية استوقفت العديد من المشرعين والخبراء السياسيين لأنه تذكير صارخ بأن الإدارة الجديدة لا تتماشى فيما يبدو مع إيديولوجية البيت الأبيض التقليدية.
ورأت الصحيفة أنه أمر مثير للقلق ليس فقط لأولئك الذين عارضوا انتخابه، ولكن أيضا للمحافظين الذين يشعرون الآن بالقلق من أن ترامب يمكن أن يغير فجأة مسار الأولويات الرئيسية.
وأضافت الصحيفة أن هذا أكثر من عدم وجود تعريف لنهج السياسة الخارجية لترامب.
ويحدث الأمر ذاته على الصعيد الداخلي في البلاد؛ ففيما يتعلق بالرعاية الصحية، أبدى الرئيس اهتماما بنصر الكونجرس أكثر من محتويات مشروع القانون. وفيما يتعلق بالإصلاح الضريبي، لا يزال من غير الواضح موقف الإدارة في قضايا رئيسية مثل ضريبة تعديل الحدود.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد أن قتل نظام الأسد 426 طفلا وأكثر من ألف مدني بالغ في هجوم بالأسلحة الكيميائية في أغسطس 2013، الذي وثقته المخابرات الأمريكية، حث ترامب الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما على الامتناع عن مهاجمة الأسد في 10 تغريدات مختلفة على الأقل على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر).
ثم جاء هجوم آخر للأسد بالغاز على مواطنيه، كمثيله الذي حدث في هجوم أغسطس 2013، وفي هذه المرة، رد ترامب بشكل مختلف.
وذكرت الصحيفة أنه ربما كان ذلك لأنه الآن رئيس، وليس مجرد مواطن يعبر عن رأيه الشخصي، “فعلى أي حال كان يبدو متأثرا بالحالة الإنسانية”.
وأضافت “كريستيان ساينس مونيتور” أنه بعد أيام فقط من تلميح الإدارة الأمريكية إلى أن قبضة الأسد على السلطة تبدو مضمونة، تحدث ترامب ومسؤولوه عن الأسد بوصفه شخصا أصبح رحيله الآن شرطا مسبقا للسلام.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي في مقابلة مع قناة “إن بي سي” قاتلت الولايات المتحدة من أجل الشعب السوري وأبلغت الأسد بأنه ” لن يكون هناك المزيد “.
وتابعت الصحيفة أن الآثار الاستراتيجية للهجوم الصاروخي الأمريكي على مطار سوري لم تظهر بعد، وسوف يعتمد الكثير على ما إذا كان ترامب سيقرر أن يشارك بجهد أكبر لتشكيل ما سيحدث في سوريا.
وقال كوري شيك، وهو خبير في الاستراتيجية العسكرية وزميل باحث في معهد هوفر بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، إن ذلك قد يتسبب في أن يستخدم خصوم أجانب الصور والعاطفة لتغيير سياسات الولايات المتحدة الأخرى على نحو مماثل.
واختتمت الصحيفة بأنه يتبقى السؤال حول ما إذا كان هذا النوع من المرونة الظرفية سيمتد إلى قضايا الضرائب والبنية التحتية والتجارة والقضايا المقبلة الأخرى في الولايات المتحدة أم لا؟.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)