غرف صغيرة لا تتجاوز ثلاثة أمتار مربعة مصنوعة من الألياف الزجاجية والبلاستيك ولها مفتاح ممغنط، فكرة تبدو بعيدة للغاية عن الصورة النمطية للحج في المملكة العربية السعودية، ولكنها متاحة مجاناً للتجربة خلال هذا الموسم.
بالتعاون مع السلطات السعودية، وضعت جمعية “هدية الحاج” الخيرية المتخصصة في تقديم خدمات للحجاج والمعتمرين، 18 الى 24 كبسولة نوم متنقلة في مشعر منى، في تصرف الحجاج لاستخدامها بشكل موقت عندما يريدون اقتطاع وقت للراحة خلال أداء مناسك الحج.
وانطلقت الفكرة، بحسب ما يقول القيمون على الجمعية، من أن الحج يتطلّب مجهودا بدنيا شاقا ويجري في طقس حار للغاية ووسط ازدحام شديد.
ويقول مدير الجمعية منصور العامر لوكالة فرانس برس “الفكرة موجودة عالميا في اليابان وفي مدن عدة في العالم. الجمعية تعتقد أنها ستكون ملائمة للأماكن المزدحمة والضيقة في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة”.
ويؤكد العامر أن جمعيته ستقدمها “مجانا” للحجاج، ليكونوا “مرتاحين في أداء المناسك”، علما أنها تستوردها من اليابان بكلفة نحو ألف يورو للكبسولة الواحدة. وتم اضفاء تعديلات بسيطة عليها مثل اضافة سلم. وتقوم الجمعية بتغطية تكاليف التجربة وفي حال نجاحها، ستتولى الحكومة السعودية ذلك.
يؤدي أكثر من مليوني مسلم بدءا من الأحد مناسك الحج في مكة المكرمة، قادمين من مختلف بقاع الارض، ويتوقع أن تجاوز الحرارة 40 درجة مئوية خلال شعائر الحج التي تبدأ الأحد وتستمر حتى الجمعة.
– “اقتصاد تشاركي” –
يوجد في كل كبسولة سرير فردي مع وسادة ومساحة الكبسولة 2,64 متر مربع، وارتفاعها 1,2 متر.
وبالامكان شحن الهاتف فيها والتظلل من أشعة الشمس وأخذ قسط من الراحة لوقت محدد. كما يمكن تغيير درجة الحرارة داخلها بحسب الطلب، وهناك اضاءة بألوان مختلفة.
ويؤكد العامر أن جمعيته تفكر دائما “في احتياجات الحجيج وراحتهم لدى أداء المناسك”.
ويشير العامر الى أن الكبسولات يمكن أن تكون عبارة عن “اقتصاد تشاركي مثل الدراجات الهوائية التي يأخذها المستخدم لمدة ساعة ثم يوصلها الى مكان معين ويأتي شخص آخر لاستخدامها”.
اختبرت الجمعية في البدء 12 كبسولة في شهر رمضان بالقرب من الحرم المكي. ويقدر العامر أن 60 شخصا استخدموها يوميا.
ويشرح “إذا ضاعفنا العدد، يمكن استخدام الكبسولة مرة كل ثلاث ساعات إذ يتم خلال وقت الصلاة تعقيم الكبسولة وتجهيزها لإعادة استخدامها”.
وستتابع لجنة معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة تقييم أداء الكبسولات مع الحجاج.
ويشكل تنظيم الحج تحديا لوجيستيا أمام السلطات السعودية إذ أن توفير الإقامة لقرابة مليوني حاج ليس بالأمر السهل، وهناك خيارات تتراوح بين الفنادق الفخمة إلى مخيمات استضافة للحجاج.
وأطلقت السلطات السعودية هذا العام مبادرة “حج ذكي” الذي يتمثّل بتطبيقات هاتفية تساعد الحجاج في كل شيء من الترجمة إلى الخدمات الطبية مرورا بمناسك الحج.
ووضع الهلال الأحمر السعودي تطبيق “أسعفني” لمساعدة الحجاج الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة. وبامكان السلطات تحديد مكان وجودهم باستخدام التطبيق. كما أطلقت وزارة الحج والعمرة تطبيق “مناسكنا” للترجمة للحجاج الذين لا يتكلمون العربية ولا الانكليزية.
وتندرج هذه المبادرات في اطار “رؤية 2030” التي طرحها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان من أجل وقف ارتهان الاقتصاد السعودي، الاكبر في المنطقة العربية، للنفط عبر تنويع مصادره وبينها تعزيز السياحة الدينية عبر استقطاب ستة ملايين حاج خلال موسم الحج و30 مليون معتمر على مدى العام.
ويعدّ الحج من أكبر التجمعات البشرية سنويا في العالم. ويشكل أحد الأركان الخمسة للإسلام وعلى من استطاع من المؤمنين أن يؤديه على الأقل مرة واحدة في العمر.
المصدر : وكالة الأنباء الفرنسية ( أ ف ب )