تحتفل مصر بمرور خمسة أعوام على إنشاء قناة السويس الجديدة ، اليوم الخيمس، التى تعد مشروعًا حيويًا لها ولحركة النقل البحري في العالم، فهى ضرورة حتمية لرفع القدرة التصريفية لقناة السويس (الطاقة العددية) والحفاظ على مكانة القناة وأهميتها العالمية بصفتها أكبر وأهم ممر ملاحي لحركة التجارة العالمية.
كما أن مشروع القناة الجديدة يعتبر بمثابة البنية التحتية لمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، لاستيعاب الزيادة الكبيرة المتوقعة في أعداد وحمولات السفن العابرة للقناة التي تقوم بنقل تجارة العالم، وكذلك نقل مستلزمات الصناعة والإنتاج الكمي المنتظر من مشروع التنمية القومي.
تشتمل حركة مرور السفن في قناة السويس على طاقة الحجم ship size capacity، ويقصد بها مدى قدرة القناة على استيعاب حمولات السفن المارة بالمجرى الملاحي، وتتمتع القناة الأصلية بكفاءة فائقة في تحقيق هذا المعيار، حيث يعبر القناة 62% من أسطول سفن البترول العالمية، و92 % من سفن الصب، و100 % من أسطول سفن الحاويات وكافة أنواع السفن الأخرى، أما الطاقة العددية، Capacity Numerical فيقصد بها عدد السفن التي يمكن عبورها القناة خال فترة زمنية محددة يوم كامل 24 ساعة.
وقد ترتب على هذا التطور أن أصبحت الطاقة العددية لقناة السويس في حاجة ماسة إلى التطوير لإمكان استقبال أعداد السفن الكبيرة التي تجاوز طلبها للعبور حدود الطاقة الحالية وعلى الأخص تلك السفن المتجهة جنوبًا والتي عليها أن تنتظر مرور القافلة المتجهة شمالًا، ولذلك كان لزامًا على هيئة القناة أن تتخذ من التدابير كل ما يحفظ لمصر أهمية قناة السويس بصفتها أكبر ممر ملاحي في العالم فكان مشروع قناة السويس الجديدة الذي تم إنجازه في عام واحد ليؤكد للعالم قدرة الإنسان المصري على إنجاز أعظم الأعمال في وقت قياسي يذهل العالم كله.
من جانب آخر، كان الهدف من حفر القناة الجديدة هو استيعاب النمو المتوقع في حجم التجارة العالمي من خلال تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية في قناة السويس بما يساعد على تقليل زمن عبور السفن بالقناة وتقليل تكلفة الرحلة البحرية، علاوة على تقليل فترات توقف السفن بمناطق الانتظار بالمجرى الملاحي مما يرفع من درجة تصنيفه، وهو الأمر الذي يقضي مبكرًا على مجرد التفكير في قنوات بديلة بالمنطقة.
وتكفي الإشارة إلى أن ما يقرب من 10 % من حركة التجارة العالمية يعبر خلال قناة السويس، ووصول كمية الوفر الذي تحققه في المسافات ما بين 23 و 88 % كدلالة على الأهمية الإستراتيجية للقناة لاسيما دول حوضي البحرين الأحمر والمتوسط.
وعلى الصعيد المحلي، فقد ساهمت القناة على مدار العقود الأربعة الماضية في تعزيز موارد الخزانة العامة للدولة خاصة من العملة الصعبة بإجمالي إيرادات بلغ 7.91 مليار دولار لتعكس هذه الإيرادات الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة قناة السويس طوال الفترة الماضية لتطوير المجرى الملاحي.
وقد بدأت أعمال التطوير عقب افتتاح القناة مباشرة عام 1975 بالمرحلة الأولى من مشروع التطوير ليتم افتتاحه في 16 ديسمبر 1980 لتبدأ الإيرادات السنوية التي تحققها القناة في النمو بعد أن كانت 339.6 مليون دولار فقط عام 1976 لترتفع إلى 940.2 مليون دولار عام 1982 ثم أخذت العائدات في الزيادة التدريجية إلى أن بلغت 5.46 مليار دولار في 2014.
ونظرًا للنمو المتوقع لحجم التجارة العالمية مستقبًلا وارتباط مشروع حفر القناة الجديدة بمشروع مصر القومي للتنمية بمنطقة قناة السويس قامت هيئة القناة بإعداد التصميمات الهندسية والخرائط والتقديرات والجداول الزمنية للمشروع.
وقام الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس السابق بعرض الفكرة على الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية والذي أبدى إعجابه وتحمسه الشديد لهذا المشروع القومي أملًا أن يكون مشروع القرن الواحد والعشرين لتطوير مصرنا الحبيبة أسوة بمشاريع مصر القومية في القرنين التاسع عشر والقرن العشرين.
يهدف المشروع إجمالًا إلى زيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة بعد تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية في قناة السويس وتقليل زمن العبور بالنسبة لقافلتي الشمال ليكون 11 ساعة بدلًا من 18 ساعة لينخفض على أثره زمن الانتظار للسفن العابرة وهو ما سينعكس إيجابًا على تقليل تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن، ويسهم في زيادة الطلب على استخدام قناة السويس باعتبارها الاختيار الأول لخطوط الملاحة العالمية ورفع درجة تصنيف القناة لدى المجتمع الملاحي العالمي.
يذكر أن تنفيذ مشروع حفر القناة الجديدة كان المحدد له ثلاث سنوات، وقد تم تقليص المدة الزمنية بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتبلغ مدة تنفيذ المشروع 12 شهرًا، وبالفعل تم الانتهاء من المشروع وافتتاح القناة للإبحار في الوقت المحدد.
أما التكلفة التقديرية للمشروع فتبلغ 8.2 مليار دولار تعادل (60 مليار جنيه) 4.2 مليار دولار لحفر القناة الجديدة و4 مليار دولار لعدد 6 أنفاق أسفل قناة السويس.
ومن دواعي الفخر أن هذا المشروع القومي مصري خالص وقام بوضع تصميماته رجال قناة السويس الذين أثبتوا جدارتهم وبطولتهم على مر العصور، ونفذته سواعد أبناء هذا الشعب العظيم بالتعاون الكامل مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي قامت بدور رائع لتحقيق هذا الإنجاز العظيم.
كما يعد هذا المشروع العملاق نموذجا للتعاون العربي والعالمي حيث شارك في إنجازه 6 شركات أجنبية من أكبر شركات التكريك العالمية بطاقة 45 كراكة تعادل 75 % من طاقة التكريك العالمية في زمن قياسي أبهر العالم أجمع.
وبلغت كمية أعمال الحفر على الناشف 258 مليون متر مكعب بتكلفه تقديرية 4 مليارات جنيه، كما بلغت أطوال التكسيات الأرضية 100 كيلومتر طولي بتكلفة تقديرية 500 مليون جنيه، في حين وصلت كميات أعمال التكريك 242 مليون متر مكعب بتكلفه تقديرية 15 مليار جنيه.
كما تم حفر المجرى الملاحي الموازي بطول حوالي 35 كيلومترا بالمواصفات التالية :عرض صفحة الماء 317 مترا، وعمق التكريك 24 مترا ( ليسمح بعبور سفن حتى غاطس 66 قدما) وبذلك يصبح إجمالي مشروع الازدواج 72 كيلومترا.
وتم توسيع وتعميق التفريعات الغربية السابقة للقناة حتى عمق 24 مترا ليسمح بعبور سفن حتى غاطس 66 قدما وشملت: التفريعات الغربية للبحيرات الكبرى حوالي 27 كيلو مترا، والتفريعة الغربية للبلاج حوالي 10 كيلو مترات.
يذكر أن القناة الجديدة سجلت أعلى عائد سنوي خلال العام المالي 2018/2019 بلغ 5.9 مليار دولار بزيادة 300 مليون دولار عن العام المالي السابق بنسبة 5.4% وبلغ عدد السفن العابرة في هذه الفترة 70679 بحمولات قياسية وصلت 4.268 مليار طن بضائع، كما حققت القناة أكبر رقم قياسي في تاريخها بعبور 81 سفينة بحمولات 6.1 مليون طن في يوم واحد وتستعد لاستقبال أكبر سفينة حاويات في العالم بطاقة 23 ألف حاوية ونجحت خلال السنوات الخمس الماضية احتضان الأجيال الجديدة من السفن خصوصا مع احتدام المنافسة بين الخطوط الملاحية الكبرى.
المصدر: وكالات