بنى القادة والزعماء العرب، اليوم الاثنين، بيانًا ختاميًا في القمة العربية السابعة والعشرين التي عقدت في العاصمة الموريتانية نواكشوط.
وأكد محمد ولد عبد العزيز الرئيس الموريتاني لدى افتتاحه القمة، أن الأوضاع المضطربة التي تعيشها المنطقة العربية أدت لاعتقاد البعض أن القضية الفلسطينية تراجعت في أولويات العرب بفعل الأزمات المتجددة وهو ما شجع الحكومة الإسرائيلية على التمادي في سياسة الاستيطان.
وأشار ولد عبد العزيز إلى أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى وستظل كذلك حتى يوجد حل عادل ودائم لها قائم على القرارات الدولية وعلى مقترحات المبادرة العربية.
ولفت إلى أن استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بضمانات دولية ملزمة وتجميد الاستيطان وإيقاف مسلسل العنف ضد الفلسطينيين ورفع الحصار الإسرائيلي الظالم عنهم تشكل شروطا ضرورية للتوصل إلى حل نهائي للصراع في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد المؤتمرون في البيان الختامي للقمة “يؤكد القادة العرب مجدداً على مركزية القضية الفلسطينية في عملنا العربي المشترك وعلى المضي قدماً في دعم صمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان الإسرائيلي الممنهج وعلى تكريس الجهود كافة في سبيل حل شامل عادل ودائم يستند إلى مبادرة السلام العربية ومبادئ مدريد وقواعد القانون الدولي والقرارات الأممية ذات الصلة”.
ورحب المؤتمرون بالمبادرة الفرنسية الداعية إلى عقد مؤتمر دولي للسلام يمهد له بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني، وفق إطار زمني، في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وطالب الزعماء والقادة العرب المجتمع الدولي بتنفيذ القرارات الدولية القاضية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب من كامل الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان العربي السوري والأراضي المحتلة في جنوب لبنان إلى حدود الرابع من يونيو 1967.
ودعا القادة العرب الأطراف في ليبيا إلى السعي الحثيث لاستكمال بناء الدولة من جديد والتصدي للجماعات الإرهابية.
ناشد القادة العرب الفرقاء في اليمن تغليب منطق الحوار والعمل على الخروج من مسار الكويت بنتائج إيجابية تعيد لليمن أمنه واستقراره ووحدة أراضيه في أقرب وقت.
أكد القادة العرب على دعم العراق في الحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه ومساندته في مواجهته للجماعات الإرهابية وتحرير أراضيه من تنظيم “داعش” الإرهابي.
ورحب المؤتمرون بالتقدم المحرز على صعيد المصالحة الوطنية الصومالية وإعادة بناء مؤسسات الدولة اقتصاديا.
وأعرب القادة العرب عن حرصهم على إرساء قيم التضامن والتكافل بين الدول العربية ودعم القدرات البشرية ورعاية العلماء العرب وإيلاء عناية خاصة للعمالة العربية وتمكينها من تبوء الصدارة في فرص التشغيل داخل الفضاء العربي توطيداً لعرى الأخوة وحفاظاً على هويتنا ومقوماتنا الثقافية والحضارية.
ولفت القادة الانتباه إلى ضرورة صيانة وحدة الثقافة والتشبث باللغة العربية الفصحى رمز الهوية العربية والعمل على ترقيتها وتطويرها بسن التشريعات الوطنية الكفيلة بحمايتها وصيانة تراثها وتمكينها من استيعاب العلم الحديث والتقنية الدقيقة.
وأشار المجتمعون إلى تكليف المؤسسات العربية المشتركة بالعمل على تطوير أنظمة وأساليب عملها والاسراع في تنفيذ مشاريع التكامل العربي القائمة وتوسيع فرص الاستثمارات بين الدول العربية وإيجاد آليات لمساعدة الدول العربية الأقل نمواً وتأهيل اقتصاداتها، وكذلك والتقليل من المخاطر البيئية وفقاً لمرجعيات قمة باريس الأخيرة حول المخاطر البيئية.
ويشير القادة العرب إلى دعمهم جهود الإغاثة الإنسانية العربية والدولية الرامية إلى تقديم المساعدات العاجلة للمتضررين من الحروب والنزاعات من لاجئين ومهجرين ونازحين ولتطوير آليات العمل الإنساني والإغاثي العربي واستحداث الآليات اللازمة داخل المنظومة العربية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة ومساعدة المتضررين والدول المضيفة لهم.
وجدد القادة الدعوة إلى إلزام إسرائيل الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي واخضاع منشآتها وبرامجها النووية للرقابة الدولية ونظام الضمانات الشاملة وتوجيه وزراء الخارجية العرب لمراجعة مختلف قضايا نزع السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل الأخرى ودراسة كل البدائل المتاحة للحفاظ على الأمن القومي العربي والأمن الإقليمي وتأكيد ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.
يذكر أن القادة العرب اختصروا قمتهم في نواكشوط بيوم واحد، بعد أن كان من المقرر عقدها ليومين، ويعزوا العديد من المراقبين ذلك إلى الحضور الضعيف والمتمثل بغياب عدد من القادة والزعماء العرب.
وقد حضر القمة كل من أمير قطر وأمير الكويت ورؤساء السودان واليمن والصومال وجيبوتي وجزر القمر، فيما أوفد الملك عبدالله الثاني رئيس وزرائه هاني الملقي إلى نواكشوط.
واعتذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن حضور القمة العربية وكلف المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بترأس وفد مصر في اجتماعات القمة العربية التي تستغرق يومين.
وتداولت وسائل إعلام فلسطينية أنباء عن غياب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن القمة نظرا لوفاة شقيقه في قطر منذ يومين وتوجهه إلى هناك للعزاء.
واعتذر رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم عن المشاركة لأسباب لم يفصح عنها وأرسل محله وزير الخارجية إبراهيم الجعفري ليترأس الوفد العراقي الذي سيحضر القمة.
ولم يحضرها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بسبب حالته الصحية، وكذلك ترأس وفد سلطنة عمان ممثل خاص للسلطان قابوس بسبب توعكه، فيما شاركت دول البحرين وفلسطين والمغرب وتونس بوفود برئاسة وزراء الخارجية، وتتغيب سوريا عن القمة بسبب تعليق عضويتها في الجامعة العربية.
وتغيب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لأسباب صحية، ليمثله رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.
ودعا البيان الختامي للقمة العربية إلى تكريس الجهود من اجل حل القضية الفلسطينية.
وكانت القمة قد بدأت أعمالها في غياب أكثر من نصف القادة العرب.
وتقرر أن تعقد القمة ليوم واحد بدلا من يومين بسبب غياب قادة عرب بارزين. بينما حضر إلى نواكشوط تسع قادة فقط أبرزهم الرئيس السوداني عمر البشير وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح فضلا عن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط لدى إلقائه البيان الختامي للقمة إن “الدول العربية ترحب بالمبادرة المصرية لحل القضية الفلسطينية، كما ترحب بالجهود الفرنسية الرامية لعقد مؤتمر دولي للسلام”.
وجاء في البيان الذي اشتمل على 13 بنداً “رفض التدخل الخارجي في شؤون الدول العربية خاصة التدخل الإيراني”.
كما دعا البيان الأطراف العربية المتناحرة إلى حل أزماتها بشكل ودي تجنبا لأي تدخل خارجي، مثل الأزمة في اليمن وسوريا.
كذلك وجه المجتمعون الدعوة إلى البرلمان الليبي للاعتراف بالحكومة الجديدة التي يرأسها فايز السراج.
ورأس هذه الدورة، الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، الذي استلم رئاسة القمة العربية من مصر التي يترأس وفدها رئيس الوزراء، شريف إسماعيل.
وكان وزراء الخارجية العرب، قد عبروا خلال اجتماعهم للإعداد للقمة يوم الأحد، عن دعمهم للمبادرة الفرنسية الداعية إلى عقد مؤتمر دولي للسلام مع نهاية السنة الحالية، وإعادة إطلاق مسار السلام الإسرائيلي- الفلسطيني.
وكان ممثلو البلدان العربية في القمة السابقة التي عقدت في القاهرة بمصر شجعوا خطة تهدف إلى إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة تتصدى للمسلحين الإسلاميين وما وصفوه بتغلغل النفوذ الإيراني في المنطقة.
لكن يبدو أن هذه الخطة تعثرت بسبب الانقسامات بين الدول العربية وتضارب المصالح بينها.
المصدر : وكالات