في اليوبيل الذهبى لإنشاء منظمة التعاون الإسلامي ومن خلال دورة انعقاد مؤتمرها العادي الرابع عشر، التى تنطلق غدا “الجمعة” فى مكة المكرمة ، تجدد المنظمة العهد مع الأهداف التى من أجلها أنشئت قبل خمسين عاما ، نظرا لما تواجهه الأمة الإسلامية من أحداث وقضايا تتطلب صياغة التعامل معها ، وتدعو إلى وقفة حازمة تساهم فى تحقيق نهضة إسلامية شاملة بالإرادة الوطيدة ، والرغبة فى مستقبل أفضل في ظل التضامن الإسلامي.
وقد عكس شعار القمة الذى حمل عنوان ” قمة مكة.. يدا بيد نحو المستقبل ” ، ما تصبو إليه فعاليات ومناقشات القمة ، التي تستضيفها المملكة العربية السعودية في مكة المكرمة، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، والتى تحظى بحضور تاريخى لافت ، و بدعم كبير كون المملكة دولة المقر للمنظمة.
تأتي القمة الإسلامية الـ 14 بعد 3 سنوات من عقد مجلس وزراء منظمة المؤتمر الإسلامي اجتماعا عاجلا لمناقشة الصواريخ الحوثية الباليستية التى استهدفت مكة المكرمة، بالإضافة إلى التهديدات التي تمثلها إيران والميليشيات التي تدعمها في المنطقة.
وتمهيدا للقمة عقد وزراء خارجية الدول الإسلامية بمشاركة سامح شكرى وزير الخارجية المصري اجتماعا تحضيريا فى مدينة جدة بالسعودية ، حيث ناقش المجتمعون العديد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك بين الدول الإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وقضايا الإرهاب والإسلاموفوبيا، إلى جانب موضوعات التعاون الإسلامي المشترك ، واعتمد الوزراء خلال اجتماعهم التحضيري مشروع البيان الختامي الذي تناول كافة القضايا التي تتعلق بالأمة الإسلامية، تمهيدا لرفعه للقادة خلال قمتهم المقررة.
وسبق اجتماع وزراء الخارجية اجتماع لكبار الموظفين بالدول الأعضاء بالمنظمة ، ترأسه وكيل وزارة خارجية المملكة العربية السعودية للشئون الدولية المتعددة ، يوم الاثنين الماضى فى مدينة جدة ، حيث تدارس المجتمعون الوثائق الختامية لقمة مكة، واعتمدوا مشروعي جدول الأعمال وبرنامج العمل الخاص باجتماع مجلس وزراء الخارجية التحضيري للدورة الرابعة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية.
وتعد منظمة المؤتمر الإسلامي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة، و تضم فى عضويتها 57 دولة من أربع قارات، تمثل دول العالم الإسلامي وتسعى لحماية مصالحه ، وأنشئت المنظمة في عام ١٩٦٩ ، ومرت قممها على مدى سنواتها بفصول وأحداث وأزمات متلاحقة، أبرزها القضية الفلسطينية التي تم تأسيس المنظمة من أجلها ، حيث تم الإعلان عن عقد مؤتمر القمة الإسلامي الأول بالرباط في المملكة المغربية في 25 سبتمبر 1969 ، بسبب قيام اليهود بحرق المسجد الأقصى ، وشارك فيه وفد منظمة التحرير الفلسطينية بصفته مراقب ، فى دليل واضح على تمسك المسلمين بقضيتهم التاريخية في كل محفل .
وفى بيانه الختامى أدان المؤتمر الحادث الأليم الذي تعرض له المسجد الأقصى فى 21 أغسطس عام 1969 ، والذى تسبب فى أضرار فادحة به ، وأعلن المجتمعون إن حكوماتهم وشعوبهم عقدت العزم على رفض أي حل للقضية الفلسطينية لا يكفل لمدينة القدس وضعها السابق لأحداث يونيه عام 1967 .
وفى عام ١٩٧٤ ، تم عقد مؤتمر القمة الإسلامي الثاني في مدينة لاهـور بجمهورية باكستان الإسلامية ، وجاء في إعلان لاهور تسجيل التقدير والاعتزاز للتضحيات البطولية التي قدمها الشعب الفلسطيني ودول المواجهة العربية التي تجابه المعتدي الصهيوني ، مشيرا إلى أن المؤتمر بحث التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط ، والموقف الخطير الناجم عن استمرار إسرائيل في احتلالها لأراض تابعة لثلاث دول عربية شقيقة أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ، واستمرار اغتصاب أراضي فلسطين وتشريد شعبها، وإذ يعتبر هذا الموقف انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة وخرقا لقراراتها وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان الأمر الذي يشكل تهديدا خطيرا للسلام وللأمن الدوليين.
وشهدت مكة المكرمة استضافة مؤتمر القمة الإسلامي الثالث في عام 1981 ، وشدد إعلان مكة على أن انتماء المسلمين الصادق إلى الإسلام والتزامهم الحق بمبادئه وقيمه منهجا للحياة، هو درعهم الواقي من الأخطار المحدقة بهم، وسبيلهم الأمثل إلى تحقيق المنعة والعزة والازدهار، وطريقهم القويم لبناء المستقبل وضمانتهم التي تحفظ للأمة أصالتها وتصونه.
فيما عقد مؤتمر القمة الإسلامي الرابع بمدينة الدار البيضاء في المملكة المغربية في عام 1984 ، وافتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، كونه رئيس مؤتمر القمة الثالث، بخطاب تناول فيه ما تحقق من أعمال خلال السنوات الماضية الثلاث، وهدفت إلى تدعيم العمل الإسلامي المشترك انطلاقا من بلاغ مكة التاريخي.
واستضافت الكويت مؤتمر القمة الإسلامي الخامس فى عام 1987 ، حيث اعتمد قرارا بشأن قضية فلسطين والشرق الأوسط، يؤكد أن فلسطين هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، وأن السلام العادل والشامل في المنطقة لا يمكن أن يقوم إلا على أساس انسحاب العدو الصهيوني الكامل، وغير المشروط من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة فوق ترابه الوطني.
وفى العاصمة السنغالية دكار عقد مؤتمر القمة الإسلامية السادس تحت عنوان “دورة القدس الشريف والوئام والوحدة” فى عام ١٩٩١ ، أكد المؤتمر أن القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين الأولى، وهي جوهر النزاع العربي – الإسرائيلى ، وفى عام 1994 استضافت مدينة الدار البيضاء بالمغرب مؤتمر القمة الإسلامي السابع، وهي القمة التي توافقت مع مرور 25 عاما على قيام منظمة المؤتمر الإسلامي بعد انعقاد أول مؤتمر قمة إسلامي على أرض المملكة المغربية عام 1969، وجاء في بيانها الختامي إنه انطلاقا من الالتزام بالعقيدة الإسلامية نصا وروحا، والاقتناع الراسخ بما يحض عليه الإسلام في دعوته وتعاليمه من خير للبشرية، وتأكيدا للعزم الصادق على الوفاء بميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي وتعزيز التضامن بين الدول الأعضاء فيها، وإدراكا لأهمية ما يجري من تحولات عالمية تقتضي ضرورة تكيف أمتنا مع هذه التحولات مع الحفاظ على خاصيتها الثقافية والحضارية.
وفي الدورة الثامنة لمؤتمر القمة الإسلامي ، أكد إعلان طهران أن قضية فلسطين والقدس الشريف هي قضية المسلمين الأولى، معربا عن تضامنه الكامل مع منظمة التحرير الفلسطينية في نضالها العادل من أجل تحقيق الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرض وطنه وعاصمتها القدس الشريف.
وتحت عنوان ” دورة السلام والتنمية” عقد مؤتمر القمة التاسع فى عام 2000 ، وخلاله انتقلت الدورة العاشرة لمؤتمر القمة الإسلامي من الدوحة إلى بوترا جايا بماليزيا، وجاءت تحت عنوان “دورة المعرفة والأخلاق من أجل تقدم الأمة”، وأكدت الدورة التى عقدت فى عام ٢٠٠٢ على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وضرورة تطبيق جميع القرارات الدولية المتعلقة بقضية فلسطين وقضية الشرق الأوسط.
فيما أقيمت الدورة الـ 11 للمؤتمر في دكار بجمهورية السنغال مرة أخرى في عام 2008 ، تلتها قمة القاهرة في جمهورية مصر العربية بعقد النسخة الـ 12 من المؤتمر ، وتم خلالها استعراض الأوضاع في المجالات السیاسیة والاقتصادية والاجتماعية لتحلیل الآثار المترتبة عن ذلك على الأمة الإسلامية تحت شعار “العالم الإسلامي، تحديات جدیدة وفرص متنامیة” ، وشدد المجتمعون فى القمة الـ 13 التي استضافتها مدينة إسطنبول في 2016، على الالتزام بالمبادئ وتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء وعدم التدخل في شؤونها.
المصدر:أ ش أ