أخذ مكان وتوقيت القمة الأفريقية القادمة المقرر انطلاقها الأحد المقبل على مدار يومين 17 و18 يوليو الجاري، أهمية خاصة لمصر، يظهر من خلالها مستقبل الملفات الشائكة بدول القارة السمراء والتي ينبع منها النيل شريان الحياة لمصر.
تأتي أهمية التوقيت الذي تعقد فيه القمة الأفريقية والمقرر أن يحضرها 40 رئيس دولة وحكومة أفريقية في الوقت الذي تتأزم فيه العلاقات المصرية مع دول منبع النيل، بخاصة إثيوبيا التى تشرع في بناء سد النهضة على مجرى نهر النيل، وسط مخاوف مصرية من تأثيرها على حصتها التاريخية في المياه التي يشكل الرافد الإثيوبي فيها نسبة 80%.
كما أن القمة تأتي بعد أيام قليلة من الزيارة الغامضة والمثيرة للجدل لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو موخرا، وسط مساعي إسرائيلية لتعزيز تواجدها في أفريقيا ورغبتها للانضمام كمراقب للاتحاد الأفريقي بعد زيارة نتنياهو لـ4 دول أفريقية، وهي أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا والتقي بقادة هذه الدول بهدف تعزيز العلاقات مع هذه الدول التي تعد المصدر الرئيسي لمياه نهر النيل وتعد العمق الاستراتيجي لمصر.
وتلعب المصادفة في مكان انعقاد القمة في العاصمة الرواندية كيجالي أهمية خاصة لمصر، في ما يخص ملف مياه النيل، على الرغم من أن جدول أعمال القمة يتعلق بموضوعات حول تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية في مجالات متنوعة، ومنها حرية التجارة في أفريقيا، وملف حقوق الإنسان في القاهرة، ولا تندرج فيه مشكلة مياه النيل، إلا أن وجود القمة الأفريقية الـ 27 لأول مرة في العاصمة الرواندية كيجالي والتي تعد أول دولة ينبع منها نهر النيل عند بحيرة فيكتوريا، ما يضع أزمة مياه النيل كإحدى القضايا على هامش القمة، خاصة في ظل عودة التواجد والاهتمام المصري بأفريقيا بقيادة الرئيس السيسي، وهو ما عبر عنه السفير الرواندي في القاهرة صالح هابيمانا، في تصريحات صحفية، بأن اهتمام القيادة المصرية الجديدة، وتوجهها نحو القارة سوف يعزز الحضور المصري في القمة ويرسخ لوجود السيسي كزعيم أفريقي، مما يساهم في البحث عن حل للمشاكل مع دول حوض النيل.
وترى المتخصصة في الشؤون الأفريقية الصحفية أسماء الحسيني، أن التواجد المصري في القمة الأفريقة المرتقبة له رسائل أيجابية خاصة أن جاء بعد سنوات من الإهمال، وهو ما أدى لتراجع التأثير المصري والعربي في دول القارة وتسبب ذلك في أزمة مياه النيل وسد النهضة والتي كان من الممكن تلافيها لو أن هناك تواجدا ونفوذ لنا كما كان في السابق.
وتقول الحسيني، إن هذا التراجع أدى إلى المطامع الإسرائيلية في التواجد والسعي للاستحواذ على الفراغ في القارة الأفريقية، خاصة أن إسرائيل لها محاولات سابقة في التواجدفي أفريقيا لها مصالح اقتصادية منذ سنوات، ولكنها لم تجرؤ على طلب الانضمام كدولة مراقب للاتحاد الأفريقي، إلا نتيجة تراجع الحضور المصري والعربي في القارة.
وأضافت، أنه على الرغم من أن جدول أعمال القمة الأفريقية المحدد سلفا ،يدور حول العلاقات والمصالح الاقتصادية بين الدول الأفريقية وتعزيز ملف حقوق الإنسان، غير أن تواجد الرئيس السيسي في القمة التي تستضيفها دولة رواندا لأول مرة بعد أن تعافت من الحروب الأهلية والتصفية العرقية التي شهدتها في منتصف التسعينيات، يأتي كتأكيد للحضور المصري والعربي والعمل على ربط المصالح الاقتصادية مع الدول الأفريقية بما يخدم مصالحنا القومية، خاصة أن الاستثمارات العربية في أفريقيا وخاصة في دول حوض النيل كبيرة، لكن لا تتم توظيف ذلك بشكل يحقق مصالحنا الاستراتيجية، خاصة أن الاستمارات العربية متفرقة ولا توظف بشكل يحقق مصالحنا.
وتطالب مدير البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية الدكتور أماني الطويل، بأن تكون هناك تحركات جدية من مصر في الفترة المقبلة للعمل على تعزيز موقفها في الدول الأفريقة وخاصة دور منبع النيل، والعمل على الاستفادة من القمة الافريقية القادمة لتأمين المصالح المصرية.
وشددت الطويل على ضرورة التحرك المصري بشكل منهجي في القارة الأفريقة وعدم الارتكان للقاءات الدورية، والتحرك وفق أجندة واضحة وعدم الاتحرك وفقا لسياسة الأزمات خاصة أن القارة الأفريقية تعد المنطقة الأكثر تأثيراً في مصر والعالم العربي.
وتعليقاً على المشاركة المصرية بالقمة الأفريقية قال سفير رواندا بالقاهرة “إن العلاقات المصرية الرواندية شهدت تطورا كبيرا خلال الفترة الماضية، ونقدر الرئيس السيسي ودوره في أفريقيا حيث أعاد مصر إلى العصر الذهبي لعلاقاتها الأفريقية في فترة الرئيس الراحل عبد الناصر”.
يذكر أن قمة كيجالي الأفريقية المقبلة تحت شعار 2016 العام الأفريقي لحقوق الإنسان مع تركيز خاص على حقوق المرأة، وتتناول تقييم وضع حقوق الإنسان في أفريقيا وتحديد ما ينبغي القيام به لبناء ثقافة احترام حقوق الإنسان بالقارة واستكشاف أفضل سبل مواجهة تحديات حقوق الإنسان.
وتتمثل أهم الموضوعات المطروحة على جدول أعمال اجتماعات القمة الأفريقية القادمة إعلان 2016 عاما لحقوق الإنسان مع التركيز على حقوق المرأة، حيث تم اختيار الموضوع خلال قمة أديس أبابا الماضية بناء على توصية اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وذلك احتفالا بذكرى اعتماد الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب ودخوله حيز النفاذ وبدء العمل الفعلى لكل من اللجنة والمحكمة والتي تشكل جميعها تحولا حقيقيا في مسار التعامل القارى مع قضايا حقوق الإنسان.
كما تناقش القمة تقرير مجلس السلم والأمن عن حالة السلم والأمن في أفريقيا والذي يتناول تقييم حالة السلم والأمن في القارة ومناقشة القضايا المدرجة على جدول أعمال مجلس السلم والأمن بما في ذلك أبرز النزاعات التي تتصدر أولوياته، وبعض المسائل المتصلة بتفعيل بنية السلم والأمن في أفريقيا كعمليات حفظ السلام، والجهود المبذولة لتفعيل القوة الأفريقية الجاهزة.
وتتضمن القمة جلسة مغلقة حول التكامل القارى ومنطقة التجارة الحرة القارية وإصلاح مجلس الأمن ومناقشة اقتراح تأجيل انتخابات أعضاء المفوضية صيغة 1+1، ومن المتوقع أن يتم اتخاذ قرار خلال الجلسة بشأن عقد انتخابات أعضاء المفوضية أو تأجيلها كما يناقش القادة الأفارقة ملف تمويل ميزانية الاتحاد الإفريقى.
ويتضمن جدول أعمال القمة أيضا انتخابات رئيس ونائب رئيس المفوضية الأفريقية والمفوضين حيث تقدمت مصر في البداية بخمس مرشحين لمناصب مفوضية للسلم والأمن والشئون السياسية والبنية التحتية والطاقة والتجارة والصناعة والاقتصاد الريفى والزراعة إلا أنه تقرر التركيز على ترشيح الدكتورة أمانى أبو زيد لمنصب مفوض البنية التحتية والطاقة، والدكتورة منى الجرف لمنصب مفوض التجارة والصناعة.
وتتناول القمة أيضا تقرير المفوضية الأفريقية عن الشرق الأوسط وفلسطين حيث يدعم الموقف الإفريقى القضية الفلسطينية، في إطار دعم الشراكة الأفريقية العربية والقضية الجوهرية بالنسبة للعالم العربى وهو موقف يتطابق مع قيم الحرية والعدالة المشتركة والقيم الإنسانية التي تدافع عنها أفريقيا في المحافل الدولية.
كما يبحث المجلس التنفيذى للاتحاد الإفريقى العديد من التقارير أهمها مشروع ميزانية العام المالى 2017.